هاني الفردان
أثار المقترح بقانون النيابي الذي تضمن استبدال مجلس أمانة العاصمة والمجالس البلدية الثلاثة (المحرق، الشمالية، الجنوبية) بمجلس بلدي مركزي يكون في العاصمة، حفيظة رؤساء وأعضاء المجالس البلدية الذين أكدوا أنهم لم يعرفوا عن هذا الموضوع إلا عبر الصحافة، ولم تتم استشارتهم فيه نهائيّاً.
فتح بلديون، النار على نظرائهم في المجلس النيابي، وذلك على خلفية حديث النائب عبدالرحمن بوعلي عن تشريع قادم يلغي المحافظات والمجالس البلدية، ويحيل هذه الأخيرة إلى مجلس مركزي!
القضية ليست جديدة، فقد «صفق» كثيرون» من قبل عندما أقدمت الحكومة والسلطة التشريعية على تحويل مجلس بلدي العاصمة من مجلس منتخب من قبل الشعب، إلى أمانة عامة «معينة».
وافق مجلس النواب في (3 يونيو/ حزيران 2014) على إلغاء المجلس البلدي في العاصمة واستبداله بأمانة عامة منتخبة، بحيث تكون العاصمة بمنأى عن أجندات الجمعيات السياسية التي عمل بعضها بالسياسة، ما أدى إلى تعطيل مصالح المواطنين (بحسب ما نشر في صحيفة محلية).
في مثل تلك القرارات المصيرية، يكون ظاهرها نابعاً من «إرادة نيابية مستقلة»، لكن هناك من يرى أن المجلس النيابي أدير وحرك عن طريق (ريموت كنترول) بيد السلطة التنفيذية في ذلك الوقت، إن قرار تحويل مجلس بلدي العاصمة المنتخب إلى أمانة معينة والمشروع الجديد الذي يروج له حالياً بإلغاء المجالس البلدية المنتخبة صدر من مجلس النواب «الأمين على مصالح الشعب وحقوقه» جاء من أجل المصلحة العليا للوطن ومنسجماً مع الديمقراطية.
هيئة المستشارين القانونيين في مجلس النواب رأت عدم دستورية إلغاء مجلس بلدي العاصمة واستبداله بأمانة عامّة معيّنة، ومع ذلك مضي في المشروع، وأقر!
في البحرين هناك من يرفض توسيع صلاحياته، ويعمل على تقليص دوره وتقزيم وجوده، وتحجيم مكانته، ويفضل أن لا يكون «لاعباً» سياسيّاً وسلطة حقيقية، في تعزيز مكتسباته ومكتسبات شعبه.
لقد أتعب المستشارون القانونيون في مجلس النواب أنفسهم وهم يفصلون من قبل ويشرحون عدم دستورية إلغاء مجلس بلدي العاصمة ومخالفته للمواد الدستورية، بل أقحموا أنفسهم في دائرة «غير مقبولة» بحديثهم عن أن المشروع الذي استحسنته السلطة وأيّدته، فيما مررته السلطة التشريعية بمنع أهالي العاصمة من حقهم الدستوري في الانتخاب والترشح للمجلس البلدي، لا ينسجم مع «فلسلفة» ميثاق العمل الوطني والدستور في تقرير مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين.
عندما تحدث المستشارون عن المخالفات والقوانين والمصطلحات «الفلسفية» و«مشرِّع» و«حقوق وحريات عامة»، وعن «سلطات» و«حاكميات» فلم يكن النواب في ذلك الوقت يعون ما يحدث، بل كانوا يؤمنون فقط بما تريده الحكومة.
ولأن هناك من كان يتحدث من قبل عن أن إلغاء مجلس بلدي العاصمة المنتخب وتحويله إلى أمانة معينة «لا يحقق مبدأ المساواة بين الشعب في محافظاته»، ومن باب المساواة والعدالة بين جميع أبناء المحافظات في البحرين، ولتجاوز تلك العقبة الدستورية، فإن التوجه الجديد هو إلغاء جميع المجالس البلدية وتحويلها إلى أمانة عامة معينة وتحقيق المساواة بين جميع المواطنين بمنعهم من حقهم في انتخاب من يمثلهم بلديّاً.
المشكلة ليست في نواب وأعضاء سلطة تشريعية، بل حتى في سياسيين «موالين» كانوا قد تحدثوا فترة «الحوار» (مايو/ أيار 2013) وأثاروا ضجة بتصريحات «عرمرمية» عن «عدم رشد الشعب»، ذلك الحديث يجر نفسه ويخلق المبررات للتراجع عن مشاريع الانتخابات سواء كان في المجالس البلدية حاليّاً، أو حتى مستقبلاً على صعيد المجلس النيابي، فلن نستغرب أن يخرج مشروع جديد يلغي مجلس النواب ويحوله من «غرفة منتخبة» إلى أخرى معينة وبدائرة واحدة.
رؤساء مجالس بلدية اقترحوا استفتاء المواطنين على إلغاء المجالس البلدية أو مجلس النواب، مؤكدين أن الجميع سيقول لنتيجة ذلك الاستفتاء «سمعاً وطاعة»، ولو جرى الاستفتاء قد يسقط مجلس النواب وتبقى المجالس البلدية.