هاني الفردان
توعدت وزيرة التنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي الجمعيات الأهلية باجتثاث منابع الإرهاب على حد قولها، وذلك تنفيذا لقرارات مجلس الوزراء.
وزيرة التنمية دعت يوم الخميس الماضي جميع مجالس ادارات الجمعيات الاهلية، الى العمل في إطار القانون وان تقوم بتوفيق أوضاعها وفقا لجميع الأنظمة القانونية المعمول بها، في اطار الالتزام بمعايير الإفصاح والشفافية والعمل من خلال المنظومة التشريعية للدولة.
الوزارة أكدت مضيها بحزم في تطبيق القانون على الجميع واتخاذ جميع الإجراءات القانونية حيال المخالفين، في اطار التزام البحرين بمعايير الشفافية وفقا للاتفاقيات الدولية ومكافحة غسيل الأموال والتي بموجبها لا يمكن للدولة أن تسمح لمؤسسات تعمل في مجال العمل الخيري أو الإرشاد الاجتماعي أو الديني أن تكون خارج إطار الرقابة المجتمعية والمسئولية القانونية.
وعلى اثر هذا التصريح أعيد طرحي للوزارة، وأضع أمام يديها قضية واضحة وضوح الشمس، هربت فيها الوزارة من مسئولياتها، وتذرعت بأن الجهة التي قامت بها سياسية وليست أهلية، إلا أن الجمعية تبرأت منها وحملتها أعضاء فيها، قاموا بجمع تبرعات مالية، ودعم مجهود حربي في دولة عربية شقيقة تربط الحكومتين البحرينية والسورية علاقات دبلوماسية.
سعادة الوزيرة، جاء رد الجمعية بخصوص تبرعات ودعم «الجيش الحر»، وبحسب ما نشر في صحف محلية ليكشف لنا الكثير من الحقائق المخفية، ويبين حقيقة بعض المجريات التي تحدث في الدولة خلافاً لنصوص القانون الواضحة، والتي توعدت بتطبيقها بحزم وشدة.
جاء رد الجمعية المعروفة التي نأت بنفسها عما قام به رئيسها وأعضاء فيها من نقل أموال لتسليح «الجيش السوري الحر» – وأقولها «تسليح» بكل معنى الكلمة وما تحمله من مفاهيم وسيرد لاحقاً توضيح ذلك – لتبرئ ساحتها من جمع التبرعات ونقلها، ولكنها في الوقت ذاته ورطت أعضاءها، ألا وهم رئيس الجمعية ونائب برلماني، ونائب سبق، وقاضٍ، في قضية جمع تبرعات لا نعلم مدى قانونيتها، ونقل أموال عبر الحدود وبشكل غير قانوني، من دون الحصول على ترخيص رسمي، ولدعم جماعة مسلحة في دولة عربية.
سعادة الوزيرة، لقد نفت الجمعية السياسية جمعها التبرعات لصالح «الجيش الحر»، وهي بذلك تعيد وزارة التنمية الاجتماعية إلى واجهة المساءلة في هذه القضية من جديد، وهي التي نأت بنفسها في بيان رسمي عن علاقتها بالموضوع، كون الجامع للتبرعات جمعية سياسية من اختصاص وشئون وزارة العدل.
الآن لدينا تبرعات، ودعم مالي لجماعة مسلحة في خارج البلاد، ولكن لا توجد لدينا آلية معروفة للجمع، ولا مَن قام به، وأصبح لزاماً على وزارة التنمية التي تلاحق كل حصالة في أية برادة لجمع التبرعات أن تفصح للرأي العام عن من قام بجمع تلك التبرعات، وخصوصاً أنها المسئولة وفقاً للقانون عن تنظيم عملية «جمع الأموال» في البلاد، ومدى سلامة الموضوع من النواحي القانونية.
سعادة الوزيرة، ان منظومة وزارة التنمية الاجتماعية قد اخترقت، ولم تعد كما قالت في بيانها السابق إن «لديها منظومة متميزة في الدور الإشرافي على حركة أموال المنظمات الأهلية، تضمنت وضع تشريعات، وإجراءات، ومعايير وهي تلتزم بها في جميع تراخيصها الصادرة، كما أنها تعتمد مبدأ الشفافية بنشر هذه الإجراءات والتشريعات على موقع الوزارة وبكل الوسائل الإعلامية».
سعادة الوزيرة، قبل الوعيد بالحديد، وملاحقة الجمعيات الأهلية واجتثاث الإرهاب وتجفيف منابعه، هذه القضية واضحة بكل تجلياتها، فهي قضية «تمويل إرهاب» واضحة، فإذا لم تستطع الوزارة تحديد العملية برمتها، فعليها أن تحيل القضية إلى الجهات المختصة لمباشرة التحقيق في الحادثة، وخصوصاً أن الجمعية السياسية المعنية تبرأت من الحادثة جملة وتفصيلاً، وألصقتها في ظهر أعضائها، مع وجود كل الأدلة المسجلة صوتاً وصورة، والاعترافات الرسمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى بيان نفي الجمعية، والذي سجل اعترافاً كاملاً وواضحاً بأن أعضاءها نقلوا أموال التبرعات إلى الخارج.
سعادة الوزيرة، ما حدث، مع نفي الجمعية لعلاقتها بالموضوع، يؤكد وجود شبهة «تبييض أموال» و«تمويل إرهاب» ونقل غير مشروع للأموال عبر الحدود.
سعادة الوزيرة، عرّف المشرع البحريني النقل غير المشروع للأموال عبر الحدود بأنه: «فعل إجرامي يرتكبه أي شخص طبيعي أو اعتباري بأية وسيلة كانت، مباشرة أو غير مباشرة، بنقل الأموال عبر الحدود الدولية، إذا لم يفصح عنها بالمخالفة لنظام الإفصاح أو كان النقل بغرض غسل الأموال أو تمويل الإرهاب».
والسؤال للوزارة وكل جهة مسئولة، هل الشعب البحريني يتبرع لدعم مجهود حربي وجماعة مسلحة منشقة على حكومة عربية؟ وأينكم ممن جمع هذه التبرعات؟ وكيف أخرجت من البلاد؟
سعادة الوزيرة، هل سنرى تحركاً منكم الآن وذلك لتنفيذ توجيهات مجلس الوزراء لاجتثاث منابع الإرهاب، أم أن ذلك ليس إرهاباً ولا تمويلاً له، وليس تدخلاً في شئون دولة صديقة، ولا يستدعي التحرك والمحاسبة، أو أن المقصود من ذلك جمعيات معينة ومحسوبة على فئات معينة، تريد السلطة ضربها من تحت الحزام بأي قضية؟
سعادة الوزيرة، إن لم يكن لديك المقطع المصور الذي بث في كل مكان لمؤتمر صحافي شارك فيه رئيس تلك الجمعية وأعضاؤها، مع قائد ما يسمى بصقور الشام (لواء داوود) أبوعيسى الشيخ في العمق السوري، والذي أكد أن التبرعات كانت في أساسها ضمن مشروع أسماه بـ «تجهيز غازٍ» مستشهداً بحديث النبي (ص) الذي قال «من جهز غازياً فقد غزى»، أخبريني فسأرسله برسم الخدمة لتتحركي، وتطبقي القانون، حفاظاً على ما تبقى من دولة القانون.
سعادة الوزيرة، حدث جمع تبرعات فهل هو خارج إطار القانون، كيف جمعت، وكيف أخرجت؟ كيف للبحرين كحكومة أن تقبل بأن يكون هناك مشروع باسم شعبها لـ «تجهيز غازٍ» وتحويل مجهود مسلح لتنظيم منشق في بلد عربي، لا علاقة لنا بشئونه الداخلية، إذ لا نرضى لأحد أن يتدخل في شئوننا الداخلية أيضاً، فكيف نرضى لأنفسنا بأن نزج بأنفسنا في صراع مسلح في بلد عربي تزهق فيه أرواح مسلمين وعرب أبرياء؟
هناك كثر هربوا من الرد على نصوص القانون وتطبيق ما ألزموا به أنفسهم، ولجوء إلى التلاعب بالألفاظ والعواطف، كعادتهم، فالفرق واضح بين مساعدة الشعب السوري الجريح، والدعم المسلح، وتجهيز غزاة.
سعادة الوزيرة، هذه قضية واضحة لتنفذي توجيهات مجلس الوزراء باجتثاث منابع الارهاب، ومنع غسيل الاموال، فماذا أنت فاعلة؟ ننتظر الرد والتحرك.