حسن المدحوب
ناقش مجلس الشورى في جلسته مطلع هذا الأسبوع مشروع قانون يتعلق بالإسكان، تنص إحدى مواده على أن تقوم الجهات الرسمية بسحب الوحدات الإسكانية عن المنتفعين بها إذا تم إسقاط الجنسية البحرينية عن رب الأسرة فيها.
قليلاً من الإنسانية يا مجلس الشورى المحترم، وقليلاً من العدالة والإنصاف يا ممثلي الشعب والذائدين عن حقوقه ومكتسباته، إذا كان من شخص وجدتموه أخطأ فما ذنب زوجته وأبنائه؟ أهذا هو العدل والقانون والإنصاف الذي ترونه في معاقبة الناس بسبب أخطاء غيرهم؟
الحكومة نفسها لم تتطرق إلى هذه العقوبة التي تريدون إيقاعها بالناس، فهل أنتم أحرص منها على تطبيق القانون وإنفاذه؟ وأنتم يا من تقولون أنه لا رحمة ولا رأفة بالمخطئ، هل أنتم أشد قوةً من رب العالمين؟ فلماذا لا ترأفون بغير المذنبين وغير المخطئين، بهؤلاء الذين يكفيهم ومن المآسي أن يجدوا أباهم أو زوجهم بدون هوية ولا جنسية فجأةً، فلا تتوقف معاناتهم، بل تزيدونها ألماً وحرقةً بإلقائهم في الشارع بحثاً عن ملاذٍ يضمون به شتاتهم وطفولتهم وبراءتهم.
ألسنا في شهر رمضان الكريم شهر الرحمة والمغفرة والإحسان؟ ألا ترون إلى أين وصلت بلادنا جميعاً من الشتات والفرقة؟ أتريدون أن تصبوا النار على الحطب؟ ولماذا تعاقبون أسرةً كاملةً على جريرة شخص منها؟
ربما أنتم معذورون، لأنكم قد لا تعلمون معاناة الناس ولا مآسيهم، وهذه الأسر البحرينية التي تريدون أن تشرّعوا قانوناً لإلقائهم في الشوارع، هم بحرينيون أصلاء، انتظروا مدداً تصل إلى 20 عاماً ليحصلوا على بيتٍ يقيهم التذلل إلى الناس ويسترهم الله بستره فيه، أهذا ما تريدون أن تدخلوا التاريخ من أجله معاقبة زوجة وطفلة وطفل لا ذنب لهم ولا وزر إلا أن قراراً أو حكماً صدر على غيرهم (أباهم، أو زوجهم… إلخ)، ربما بين ليلة وضحاها، أو وفق حكم قضائي، فوجد نفسه بلا هوية قانونية يعيش بها في وطن آبائه وأجداده، ولا يكتفي بذلك، بل يصل الضيم إلى أهله وأطفاله ليلقى بهم في الشارع بسبب وزره هو لا هم!
قطعاً الله لا يرضى بظلم من لا يجد ناصراً إلا ربه، وأجزم أن جلالة الملك لا يرضى أن تضار طفلة أو طفل أو زوجة أو أم بسبب خطأ شخص آخر مهما كانت جريرته.
نقول لأعضاء مجلس الشورى المحترمين، انزلوا قليلاً إلى الشارع، إلى الناس، إلى البحرينيين البسطاء، اسألوهم هل يرضون بما تريدون تشريعه وسنّه على أسر بحرينية ظلت سنواتٍ طوالاً تنتظر مسكناً يضمها، ثم فجأةً تأتون، فتكونون أنتم والزمن عليهم.
اسألوا ضمائركم، إنسانيتكم، دينكم، فطرتكم، إسألوا الخير داخلكم: هل من الإنصاف إذلال أسر بحرينية أصيلة بكاملها ورميها في الشارع بسبب خطأ فردٍ واحدٍ منها، وبسبب اجتهادات ما أنزل الله بها من سلطان ولا بينة فيها؟
أجزم أننا كبحرينيين نصاب بالحزن والكآبة كلما وجدنا قانوناً يضيق على الناس ويعاقبهم على ذنوب لم يقترفوها، ارحموا الناس يا شوريون.