هاني الفردان
سترة إحدى جزر أرخبيل البحرين، وتتكون من ست قرى (الخارجية، واديان، مهزة، مركوبان، القرية، وسفالة)، أناسها طيبون عرفوا على مدى الأزمان بسماحة خلقهم وقدرتهم على التسامح والعلو على الجراح.
تعاني منطقة سترة منذ سنوات طويلة من التهميش سواء السياسي أو الاقتصادي أو حتى الاجتماعي والرياضي، وذلك نتيجة مواقفها السياسية المعروفة منذ ما قبل التسعينيات من القرن الماضي.
جزيرة سترة أصبحت محاصرة، منذ شهور طويلة بحواجز إسمنتية، وسواتر ترابية، وأسلاك شائكة، حتى بلغ الأمر مؤخراً بتلك الحواجز لغلق الطرق الفرعية والداخلية مما شكل حالة «استفزازية» لأهالي المنطقة، في ظل ما تعانيه أيضاً من جراح غائرة ودماء كثيرة نزفت على أرضها.
مؤخراً، تمادى الأمر كثيراً، وخرج البعض قبل أيام يصف أهل تلك الجزيرة الكبيرة بوجودها ومكانتها وعمقها التاريخي في البحرين بـ«العدائيين»، ونقل الأمر على لسان نواب برلمانيين، أنكر منهم اثنان حتى الآن ذلك القول وطالبا من نقل عنهما ذلك القول والهجوم بـ«الاعتذار» فيما لازالت النائبة سمية الجودر تترفع عن النفي، في حالة مستغربة من نائبة برلمانية من المفترض أن تمثل جميع الشعب.
يواجه أهل هذه الجزيرة هجمةً إعلاميةً ونيابيةً واضحة، تصفهم بأوصاف لا تمت للمواطنة أو حتى نوايا المصالحة، والدعوة إلى اللحمة الوطنية، أوصاف لا يمكن أن تمر دون محاسبة، وهي تمس شريحة كبيرة من أبناء هذا الوطن، وتأتي هذه الهجمة المبرمجة ضمن حملة شنت من قبل وتشن حالياً على مكون واسع وكبير.
حوكم وحبس رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان نبيل رجب بتهمة «إهانة» أهالي جزيرة المحرق، وحالياً هناك من يهين أهالي جزيرة سترة، ويصفهم بـ «العدائيين»، دون استنكار من أحد أو رفض أو محاسبة، أو حتى تحريك دعوى قضائية!
النائب أحمد الساعاتي، وهو أحد الأسماء التي ورد ذكرها في «إهانة» أهل سترة، سارع عبر حسابه الخاص بـ«تويتر» مستنكراً وصف أهل سترة بـ«عدائيين»، ومؤكداً بأنه يفخر بهم وبعطاءاتهم فهي أنجبت رجالاً ونساء يعتز بهم، مطالباً بمن وصفهم بذلك بـ«الاعتذار».
النائب جواد بوحسين، هو الآخر ورد اسمه في خبر «الإهانة»، نفى أنه أدلى بأي تصريح لأية صحيفة محلية حول أهالي منطقة سترة الكرام، معتبراً ما نقل على لسانه «غير صحيح حين نسبت له أقوال لم يصرح بها».
بوحسين استنكر وبشدة إطلاق توصيف سيئ ضد منطقة سترة بالقول أن طبيعتها عدائية، وقال «بوصفي واحداً من أهالي سترة، فإنني أرفض أن يطلق هذا التوصيف علينا نحن أهالي سترة، وأعتبر أن ذلك إساءة واضحة ليس لأهالي سترة فقط، بل لكل البحرينيين».
نعم، أهل سترة جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني البحريني ومن شعب البحرين بكل أطيافه، وأهل سترة قطعة من هذا الوطن، لهم ما له وعليهم ما عليه، ولا فرق بينهم وبين أي أحد في هذا الوطن في حجم الولاء والإخلاص لتراب هذه الأرض، وإن كان لهم من ميزة على غيرهم فهو فداؤهم تراب وطنهم بدمائهم، ومن أجل غدٍ أفضل للأجيال المقبلة.
لا أعتقد أن أحد المسئولين في هذا الوطن سيؤيد إهانة أهالي منطقة في البحرين تحظى بمكانتها سواء السياسية أو التاريخية.
في يونيو/ حزيران 2012 (قبل عامين) قالت النيابة العامة إنها قررت حبس الناشط الحقوقي نبيل رجب سبعة أيام على ذمة التحقيق، بتهمة الإساءة إلى أهالي محافظة المحرق. ونقلت وكالة أنباء البحرين (بنا) عن وكيل النائب العام عدنان مطر قوله إن النيابة العامة تلقت شكوى عدد من الأشخاص من محافظة المحرق ضد نبيل رجب «لنشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي عبارات تناول فيها أهل المحرق بما يشكك في وطنيتهم وينال من اعتبارهم ويحط من قدرهم».
واطلعت النيابة على المنشور موضوع الشكوى، وثبت اشتماله على إسناد وقائع يترتب عنها الازدراء، كما طلبت تحريات الشرطة حول مدى نسبته إلى المشكو في حقه، والتي أكدت صدوره عن الحساب الإلكتروني الخاص به.
إلى النائب العام، هناك من أهان علانية أهالي جزيرة سترة أيضاً، ووصفهم بـ«العدائيين» وحطّ من كرامتهم وقدرهم، وأهانهم أيضاً، ويستدعي ذلك أيضاً التحرك والتحقيق في الأمر، كما فعلتم من قبل حماية لحقوق أهل المحرق الكرام.
سواء حركت دعاوى قضائية ضد من أهان أهالي سترة أم لم تحرك، ستبقى سترة بشخوصها ووجودها أبية، ولها منا ألف تحية.