حسن المدحوب
هذا الحديث ليس موجهاً إلى أحد من أبناء هذا الشعب الطيب ولا إلى فئة أو طائفة في البلاد، فالجميع عزيز وكريم ومقدر ومحترم، لكنه موجه فقط، إلى أولئك الذين يقتاتون على ديدان الفتن والفرقة، في وقت أحوج ما تكون فيه البحرين إلى التلاحم والتراحم والأخوة الصادقة.
لهؤلاء نقول، سامحونا، فقد اكتشفنا متأخراً، أننا نحن الطائفيون حقاً، حينما لم نستطع أن نصمت على هدم المساجد التي يذكر فيها اسم الله بكرةً وعشياً، فبثثنا حزننا وشكوانا إلى الله، ولعلنا ازددنا طائفيةً حينما آثرنا أن نصلي على أنقاضها، ونقرأ القرآن بين ترابها وحجارتها المفتتة!
واعذروا الآلاف من أبناء هذا الشعب على طائفيتهم الفجّة، حينما رفعوا أرغفة الخبز بعد قطع أرزاقهم، بعد أن طالتهم يد الفصل على هوياتهم الدينية والمذهبية، لا لذنب اقترفوه، بل لأن بعضهم طالبوا بالحرية والكرامة، فيما أخذ أغلبهم بذنب لا يغتفر، محصلته دائماً أنهم ينتمون لمكوّن محدّد في هذا الوطن.
سامحونا، فطائفيتنا أزكمت الأنوف، لأننا نطالب أن نكون مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات في وطننا، وموطن آبائنا وأجدادنا، وتجرأنا أن نعلن رفضنا أن يكون هناك مواطنون من الدرجة الأولى، فيما يصنف نصف أبناء هذه الأرض على أنهم مواطنون من الدرجة العاشرة!
نحن الطائفيون، لا أنتم، يا من تمارسون التمييز جهراً في الوظائف والترقيات والبعثات، بل وصل الأمر حتى إلى التمييز في تأجير المحال في المجمعات التجارية! وإلا ألا يكفينا شكراً للنعمة أن نصمت على كل ذلك؟ وأليس حرياً بنا حتى نكون مواطنين صالحين، أن نقبل وبصدر رحب أن يقصى كثير من أبناء هذا الوطن من الوظائف والخدمات والترقيات والبعثات، ونقابل كل ذلك بعبارات الثناء والشكر، وتوزيع الابتسامات!
بالتأكيد نحن نعيش أسوأ حالات الطائفية، عندما نقول أن من حق مكون رئيس في البحرين أن تكون فعالياته وأحزانه وأفراحه حاضرةً في التلفاز الرسمي للبلاد، فهذا المكوّن ليس من حقه أن يكون له صوت ولا صورة ولا حتى نَفَسٌ يعبر عنه، ويوضح وجهة نظره التي يراد دائماً تشويهها، لأنه فقط وفقط، يطالب بالشراكة في بلده!
نحن آسفون، فطائفيتنا صارخة، عندما لا نقبل أن يشتم مكون بحريني كامل على الملأ، ويتم اتهامه بأنه عميل وخائن، لمجرد أنه يؤشر على مواطن الفساد ويكشفها، ولأنه لا يرضى بالتغطية عليها، ولأنه يحلم بدولة يسودها القانون والعدل الذي لا يفرق بين مواطن وآخر، ويريد ديمقراطية حقيقية يأمن فيها على نفسه وماله وعرضه ومستقبل أبنائه!
نحن الطائفيون حتماً، لأننا كان يجب أن نصفق لحملات الكراهية والحقد والمحاكمات التي كانت تتم على الهواء مباشرة، وفي الصحف والمجلات وحتى على الجدران وفي الطرقات والشوارع العامة!
نقول، لكل من يحلم يوماً أن يلقي بنصف هذا الشعب في البحر، لأنهم طالبوا وبكل سلمية وتحضر بمطالب مشروعة وديمقراطية حقيقية، ولكل مريدي ومناصري حملات الكراهية والحقد والفتنة، ولكل من امتهن وتفنن في التمييز، ولكل من يشتم أبناء هذا الوطن ويصفهم بالخونة، سامحونا واعذرونا، في زماننا هذا، بتنا نحن الطائفيين لا أنتم!