قال عضو اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق السير نايجل رودلي إن الوضع السياسي في البحرين كان سيكون أفضل لو طبقت توصيات لجنة تقصي الحقائق، مشيراً إلى أن الإفلات من العقاب يمثل عقبة رئيسية أمام الإصلاح، بالاضافة الى عدم وجود إجراءات لمعالجة جذور الانتهاكات.
جاء ذلك في جلسة الاستماع الخامسة التي عقدتها لجنة الشئون الخارجية في مجلس العموم البريطاني مساء أمس الثلثاء (14 مايو/ أيار 2013) للبحث في طبيعة العلاقات بين بريطانيا وكلٍّ من السعودية والبحرين. واستمعت اللجنة إلى مداخلات من ديفيد ميفام من منظمة «هيومن رايتس ووتش»، وفيل لوثر من منظمة العفو الدولية، ومريم الخواجة من مركز البحرين لحقوق الإنسان، وعلي الأسود من جمعية الوفاق، والسير نايجل رودلي الذي كان عضواً في اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، والخبيرة في الشأن السعودي كارولين مونتاجو.
وقد نال الوضع في البحرين الجزء الأكبر من وقت الاستماع الذي استمر ساعتين، وتحدث ممثلا هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية عن ظاهرة تركيز السلطة في جانب واحد من المعادلة السياسية، وأن ذلك مصحوب بتعامل قاسٍ مع المعارضة، وفجوة واضحة بين ادعاءات الإصلاح وواقع الحال.
وتطرقت الخواجة إلى الوضع الحقوقي الذي يشهد استمراراً على الأساليب التي تذكرها التقارير الراصدة للانتهاكات، بينما تطرق الأسود إلى الوضع السياسي وكيف أن انسداد الآفاق المصحوب بالانتهاكات يعطل تطور الوضع نحو الجوانب الإيجابية.
أما السير نايجل رودلي فقد كانت مداخلته لافتة، إذ أشار إلى أن الوضع كان سيكون أفضل لو طبقت توصيات لجنة تقصي الحقائق، وأنه على رغم إعادة أعداد كبيرة من المفصولين بسبب الأحداث إلا أن التقارير السلبية استمرت في الصدور وهي تصدر عن جهات موثوقة مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية ووزارة الخارجية الأميركية.
وقال رودلي: «هناك إفلات من العقاب، ولا توجد حالياً إجراءات لمعالجة جذور الانتهاكات، ومجمل ما يحدث يبعث رسائل سلبية بالنسبة لعدم تنفيذ التوصيات كما هو مطروح في تقرير لجنة تقصي الحقائق».
وأضاف رودلي أنه عندما كان قد اشترك في لجنة تقصي الحقائق كان أمله في توفير فرصة لكل طرف للاستماع للآخر، ولكن في الواقع لا يوجد استماع، ولقد اقترحت لجنة تقصي الحقائق أن يتم دمج فئات المجتمع وإدخال الشيعة في قوات الشرطة، وتقرير تقصي الحقائق الذي يشتمل على 500 صفحة استكمل خلال أربعة أشهر فقط، ولم يحقق فقط في حادثة واحدة كما كان حال شمال ايرلندا (حادثة الأحد الدامي في شمال ايرلندا) وإنما حققت اللجنة في آلاف القضايا، ولقد وجدنا أن الانتهاكات تمت بصورة منهجية.
أما بشأن تدريب الشرطة الذي يجري حالياً، قال رودلي إن التدريب لوحده لن يحدث فرقاً كبيراً، فرجل الأمن سيعذب إذا كان هذا ينفعه، والتدريب جزء من عملية سياسية تتطور، وهذا يعني أن هناك حاجة لوجود عملية من الاساس لكي تتطور.
وبشأن إلغاء حكومة البحرين زيارة المقرر الخاص بالتعذيب التي كانت مقررة هذا الشهر، قال رودلي إن هذه هي المرة الثانية التي تدعو حكومة البحرين المقرر الخاص بالتعذيب خوان منديس ولكن يتم إلغاء الزيارة، ففي العام الماضي ألغيت الزيارة بصورة مفاجئة، وكذلك ألغيت في هذا العام، ويبدو أن الدعوة للمقرر تكون موجودة مادام هناك ضغط من نوع ما، وبمجرد انتهاء الضغط يتم إلغاء الزيارة. أما لماذا تلغى الزيارة فإن الحكومة تشير إلى أن الحوار الوطني قد يتعكر صفوه، ولكن هذه حجة غير مقنعة إذ لا يوجد رابط بين الأمرين. وفيما إذا كان يرى حاجة إلى لجنة تقصي أخرى، قال رودلي: «هناك الكثير من القضايا التي لم تتم تغطيتها بسبب قصر الوقت، وهناك حاجة للتعرف على مرتكبي الانتهاكات وكنا نأمل أن تقوم الحكومة البحرينية بذلك وأن تعتمد على التقرير ولكن هذا لم يحدث». وبشأن ما تم تنفيذه من التوصيات الـ 26، قال رودلي إنه ليس لديه ما ينافي التقارير الصادرة من هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية والخارجية الأميركية بشأن الوضع الحقوقي حالياً والتي اشارت الى دم تنفيذ التوصيات بالشكل المطلوب.
وقال عضو البرلمان السابق جواد فيروز إن "شهادات المنظمات والشخصيات الحقوقية والمعارضة في اللجنة البرلمانية البريطانية كشفت عن إستمرار الإنتهاكات وغياب نية الإصلاح في برنامج السلطة".
وأشار فيروز إلى أن عضو لجنة تقصي الحقائق في البحرين نايجل رودلي طالب بضرورة "إبعاد السعودية من دعم المتشددين في النظام البحريني".
وأكد رودلي على أن لجنة تقصي الحقائق لم تحصل على الوقت الكافي لإنهاء جميع مهامها و منها معرفة متابعة محاكمة منتهكي الحقوق، مشدداً على أن "الانتهاكات في البحرين كانت ممنهجة وبتوجيه مباشر من جهات عليا".
وقال: "الوضع الحقوقي سيء في البحرين حسب تقارير المنظمات الحقوقية، ولم يتم محاسبة كبار المسؤولين عن الانتهاك، وواضح بأن التعذيب مستمر، ولم يتم محاسبة الجلادين، وإنما تم ترقية البعض، وهذا خلاف توصيات التقرير"، مشيراً إلى أن كل الذين قدموا للمحاكمة من رجال الأمن هم غير بحرينين.
ومن بين المتحدثين مدير هيومن رايتس ووتش في المملكة المتحدة ديفيد ميفام ومدير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية وفيل لوثر. ويشارك عن المعارضة البحرينية النائب السابق علي الأسود وعضو مركز البحرين لحقوق الإنسان مريم الخواجة، وسيحضر الجلسة عضو اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق نايجل رودلي.
وكانت اللجنة البرلمانية البريطانية قد أعلنت في 19 سبتمبر/ أيلول 2012 عن البدء في تحقيق حول السياسة الخارجية البريطانية تجاه السعودية والبحرين، ضمن السياق الأوسع للعلاقات بين المملكة المتحدة ودول الخليج.
وتهدف اللجنة للتوصل إلى مدى فعالية الحكومة البريطانية في اتباع نهج متوازن يحافظ على مصالح المملكة المتحدة في الأمن والدفاع، والتجارة، وأمن الطاقة، ومكافحة الإرهاب، وحقوق الإنسان؛ وفيما إذا كانت السياسة البريطانية نحو الخليج قد نجحت في إنشاء شراكة استراتيجية في المنطقة ككل.