رفقاً بالبحرين وأهلها
منصور الجمري
عالم الفيزياء العبقري ألبرت آينشتاين (1879 – 1955) له عبارة تقول «شيئان فقط بلا حدود، الكون وغباء الإنسان»… وهو يقصد بالشيئين ما دون الله سبحانه وتعالى، وفي العبارة حكمة كبيرة، إذ إن هذا الكون الفسيح الذي نعيش على بقعة صغيرة جداً منه ليس له حدود… وإذا كان هناك شيء أكبر منه فهو «غباء الإنسان».
وهذه العبارة ترددت في ذهني أمس، وأنا أراقب بلدي ينحدر نحو الهاوية، وقوات مجلس التعاون الخليجي تعبر الجسر، فيما واصلت مجموعات أعمالها غير الوطنية المتمثلة في إطلاق النار الحي في عدة مناطق لإثارة الفزع في المناطق السكنية، وإيذاء الناس عند كل مدخل ومخرج، واستهداف المحلات والأماكن وتخريبها وإثارة الهلع في نفوس العاملين بداخلها.
وكان نصيب «الوسط» أن أصابها مساء أمس ما يصيب بلادنا، وذلك بعد أن هاجمت مجموعات مجهولة موقع المطبعة على شارع الاستقلال وخربت المكنات، فيما التجأ موظفو «الوسط» إلى أماكن لحماية أنفسهم، واتصلوا بالإدارة لإبلاغها بالأمر… وعندما تسلّمت الخبر (الواحدة بعد منتصف ليل أمس – فجر اليوم) اتصلتُ بعدد من المسئولين في وزارة الداخلية، والحمد لله، أن أحدهم كان مناوباً، وأتقدم بالشكر الجزيل له ولكل أفراد الأمن الذين سارعوا إلى المطبعة، حتى لو كان ذلك بعد التخريب الذي حصل، فالمهم عندي هو سلامة العاملين بداخلها، والمهم سلامة جميع أبناء وطني من هذا الإيذاء الذاتي الذي لا يوجد له مبرر، ولاسيما أن الصحافة إنما تحمل هموم الوطن، وتساعد على مد الجسور، الصحافيون لهم حرمة في كل البلدان المتحضرة ويؤسفنا حقاً أن بلاد الأمن والسلام تحولت إلى أمر آخر. كما أشكر زملائي في مهنة الصحافة الذين سارعوا إلى الاتصال بي للاطمئنان والمساعدة.
أعود إلى مقولة آينشتاين، وهي أن «غباء الإنسان بلا حدود»، وأعود لأذكّر نفسي أولاً، أن بحريننا لا تستحق الحال التي هي عليها الآن. بحريننا الجميلة والطيبة بأهلها لا تستحق أن تتعطل فيها الحياة، وبحريننا الخالدة على مر العصور وقفت شامخة في وجه الصعاب، ولكنها اليوم تهاوت بسبب قتل فرصة التفكير بهدوء لرؤية مخاطر الانزلاق نحو المجهول.
لقد سألني الكثيرون في الأيام الماضية عن استشرافي للمستقبل، وردّي كان «لست أدري»؛ لأن التوقعات تعتمد على قواعد عقلية وعلى تجارب متراكمة، وما نشهده حالياً لا يلتزم بقواعد، وليست لدينا خبرات متراكمة في هذا المجال نستطيع من خلالها رؤية المخرج من المأزق الذي وصلت إليه بلادنا. أعلم أن السهام تتوجه نحو من يسعى لتوضيح الأمور وللتحذير من المطبات ولتغليب القيم، ولقد قلت وكتبت وعبّرت عما أؤمن به من أجل صالح وطني ومن أجل أهلي البحرينيين جميعهم، من سنة وشيعة، وشاركت مع غيري ممن يشارك في خدمة الوطن، وأنا لا أزال أتطلع إلى بحرين أخرى غير التي نراها حالياً. وأقول إلى الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه «رفقاً بالبحرين وأهلها»
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3112 – الثلثاء 15 مارس 2011م الموافق 10 ربيع الثاني 1432هـ