حسن المدحوب
بعيداً عن الجدل الأمني والقانوني حول القضية المتعلقة بحادثة الشاب البحريني رضا الغسرة، الذي تم اعتقاله في بني جمرة الجمعة 24 مايو/آيار الجاري، أظن أن علينا أن نتحدث بإنصاف عن حالة التشفي التي انتشرت في بعض مواقع التواصل الاجتماعي حولها، لدرجة انه تم نشر صورٍ لحادثة الاعتقال من قبل جهات مجهولة، غير الصور التي بثتها الجهات الأمنية للحادثة ونشر في حاشيتها تعليقات تدل على التشفي والدعوة إلى إعلان مظاهر الفرح.
ما يهمنا في هذه الحادثة هو أن نذكّر أنفسنا والآخرين، أن الحس الإنساني هو الفطرة التي جُبل عليها الإنسان، وأي نزعة إنسانية لاشك أنها تتورع عن إبداء الشماتة بأي حادث مأساوي مهما كانت مبررات الإقدام عليه أو اللجوء له، فلا مبرر أبداً دينياً ولا أخلاقياً ولا عقلائياً مثلاً لاستخراج قلب مناوئ لك وأكل جزء منه، حتى في حرب لا تبقي ولا تذر!
وعلينا ألا ننسى أن رضا الغسرة بحريني، ورغم كل التصريحات الرسمية فإنه ما يزال متهماً، وذلك يعني أن ضلوعه في أي مخالفات قد لا يثبت، وعليه فإنه لا الدين ولا العقل ولا المنطق الإنساني يستطيع أن يجمّل لنا الشماتة في أي إنسان في لحظة ألم، لأننا اختلفنا معه أو مع فكره وعقيدته.
دعوات الشماتة والكراهية التي توغلت كثيراً في البحرين، دعوات خارج الإنسانية ولا يقرها أي منصف، مهما عظمت دوافعها ومبرراتها، بل على العكس من ذلك، إذا كان المنطق المراد تطبيقه هو منطق الدين فلا أسمى من هذا الدين ولا أكثر تسامحاً منه ولا رأفة.
وإذا كنا نتحدث بالمنطق الإنساني، فإن القلب يأسى على كل بحريني مخطئاً كان أو محقاً، يتعرّض للأذى أو الألم، لأننا نؤمن يقيناً أن أبناء هذا الوطن خيّرون، وُلدوا من طينة الرحمة والتواد وليس من هشيم الحقد والشماتة.
نعتقد أنه كان من الأولى أن تبادر الجهات الأمنية إلى فتح تحقيق محايد في طريقة اعتقال الشاب رضا الغسرة على ما في القضية من تعقيدات، ولا نأمل أن يكون مصير هذا التحقيق مصير أي تحقيق سابق كما حدث في قضية الشاخورة أو صفعة الشاب الذي يحمل طفله عند نقطة تفتيش، أو العديد من المخالفات الموثقة بالصوت والصورة والتي أعلنت الجهات الرسمية فتح تحقيقات فيها دون أن تبلغ الرأي العام بنتيجتها.
وبعيداً عن حيثيات قضية الشاب الغسرة، وهي بلا شك قضية مؤلمة لكل بحريني بغض النظر عن الموقف القانوني منها، لأننا ننظر إليها بشكل إنساني بحت، إلا أننا لا نتمنى أبداً أن نرى أية إهانة لأي بحريني على هذه الأرض، ولا نريد أن نسمع عن الانتهاكات الفادحة لحقوق الإنسان. جلّ ما نريده أن نصل إلى وطن لا يرجف فيه الأمل، ولا يخاف فيه الإنسان بسبب رأيه أو معتقده أو طائفته.
نتمنى فعلاً أن تتوقف دعوات الشماتة والكراهية والحقد، لأنها دعوات عمياء صماء، لا تريد الخير لأي بحريني. أبناء هذا الوطن الشرفاء هم الذين ينثرون الحب بدلاً من زراعة الحقد، لأن الحصاد لابد وأن يكون من ذات ما يزرع، فلنزرع خيراً.