هاني الفردان
إلى معالي وزير الداخلية
تحية طيبة وبعد،،،
أضع بين يديك مقالي هذا لأعبّر لك عن قناعتي وما وصلت إليه بعد قراءة متأنية في مدونة سلوك رجال الشرطة، والكلمة الخاصة بكم المرفقة معها.
معالي الوزير، لا أهدف من مقالي هذا إحراجاً أو تشويهاً، ولكن تبياناً لما نراه ونعتقده، ونتلمسه يومياً من أداء وسلوك رجال الشرطة.
لا أخفي عليك، إنه عندما صدرت مدونة السلوك استبشرنا بها خيراً، لإيماننا بما فيها من مضامين، الذي رافقه شكٌ في تطبيقها على أرض الواقع.
معالي الوزير، في كلمتكم التي سبقت مدونة سلوك رجال الشرطة، أكدتم على أن هذه المدونة ستمثل «عهداً جديداً وطريقاً سديداً لبناء جسور الثقة بين المجتمع البحريني الواحد وجهاز الشرطة، قوامه سيادة القانون والنزاهة والشفافية والتسامح وكسر الحواجز النفسية بينهما».
وهذا يؤكد لنا اقتناعكم التام بأن تلك الجسور لم تكن موجودةً من قبل، وبالتالي فهي بحاجة لجهود مضنية لإعادة بنائها، والتي لن تقوم دون أن تكون أعمدتها وأسسها الثقة المتبادلة بين المجتمع والشرطة.
كما أن هذه الثقة لن تقوم في ظل الفجوة الكبيرة بين فئة كبيرة من المجتمع ورجال الشرطة، وحالة الاحتقان المستمرة حتى الآن، والتي لا يتوقع لها أن تنتهي في ظل المعطيات السياسية والأمنية الحالية.
معالي الوزير، أكدتم أن هذه «المدونة وما جاء فيها من مبادئ ليست للتنظير ولكنها للتطبيق»، وقد مرّ على صدورها أكثر من عشرة أشهر، ولازالت -في نظرنا- تنظيراً لم يرتقِ للتطبيق لكثرة الشواهد.
لازلنا نرصد التعديات من قبل بعض رجال الأمن على المواطنين، وآخر حادثة في منطقة الدراز بالاعتداء على أحد المواطنين وتسلق أسوار المنازل والمداهمات، وسبق ذلك بأيام ما وقع في مقبرة بني جمرة من تجاوزات، وإعادة الكثير من سيناريوهات الاعتداءات التي كان أبرزها واقعة الشاخورة، وتعذيب أطفال بني جمرة في عهد السيد بسيوني، ومداهمات منزل قرية «سفالة» بجزيرة سترة.
وأخيراً وليس آخراً… إصابة الشاب عقيل عبدالمحسن بسلاح الشوزن.
معالي الوزير، ذكرتنا، ونذكّرك أيضاً بأن «ما جاء بتلك المدونة ما هو إلا ترديد لما جاء بشريعتنا الإسلامية الغراء وثقافتنا العربية التي تذكر دائماً في ثناياها قواعد الحق والعدل والمساواة وعدم الجور والنزاهة والإنصاف»، إلا أننا رأينا حبس أطفال بتهمة الاعتداء على رجال أمن، وتجديد حبس أطفال بتهم التجمهر، وحبس نشطاء بتهمة التجمهر وإذاعة أخبار كاذبة.
وفي المقابل لا نرى ولا نسمع عن اعتقال أو إيقاف من هم متورطون من رجال أمن في قضايا القتل العمد، رغم توجيه التهم لهم والتحقيق معهم، وإحالتهم للقضاء.
لازلنا لا نفهم معنى المساواة، فكيف يحبس طفل لأسابيع بتهمة الاعتداء على رجل أمن، فيما يكون قاتل متهم بالقتل العمد حراً طريقاً يمارس حياته دون أي خوف أو قلق؟!
معالي الوزير، كيف لنا أن نتلمس جدية الحد من تجاوزات رجال الأمن، وهم لا يشعرون بالخوف أو القلق من محاسبتهم أو محاكمتهم، ولا تتم مساءلتهم، بالشكل الذي يمكن تلمسه من قبل الناس، ويحقق لهم الشعور بجدية المحاسبة؟، فحتى المتهمون بالقتل العمد لازالوا يعملون كما كانوا من قبل، وبالكاد يحضرون جلسات محاكماتهم، والكثير منهم غير معروفين لعامة الناس.
معالي الوزير، مدونة السلوك، ما لم يستشعر الناس بفاعليتها، فلن تتقلص الفجوة، ولن تتحسن العلاقة بين الناس والشرطة، ولربما تزداد الأمور سوءاً وصعوبة، ما لم يتم تدارك الأمر.
معالي الوزير، بناء جسور الثقة من جديد يتطلب إدماجاً حقيقياً لمختلف فئات المجتمع في السلك الأمني، وفي مختلف الفئات والمناصب القيادية.
معالي الوزير… وكما تعلمون، أمن الوطن بيد أبنائه من مختلف الفئات.