قاسم حسين
نشرت «الوسط» أمس رد «إدارة العلاقات العامة والدولية»، بقسم الإعلام في وزارة الصحة، على مقال «وزارة الصحة… التدوير والإقصاء والقرارات القراقوشية»، ليقدّم دليلاً إضافياً على صحة ما جاء في المقال من انتقادات.
الرد جاء ركيكاً إنشائياًً، ومليئاً بالأخطاء اللغوية والإملائية، واستهل بالإشارة إلى «عمود أحد المعبّرين عن رأيه»، في أبلغ صور الاستعلاء والاستهانة برأي المختصين، علماً بأن صاحب المقال ليس نكرةً، بل هو واحدٌ من أقدم الاستشاريين في مجمع السلمانية الطبي، وربما قاربت سنوات خدمته في وزارة الصحة الأربعين عاماً. وكادرٌ بهذه الخبرة عندما يسوق انتقاداته للسياسات الجديدة في الوزارة، فإنما يشخص الداء من الباطن.
الكاتب اختصاصي بالأمراض الباطنية والكلى وضغط الدم، وأستاذ مساعد بجامعة الخليج العربي، وله بحوث منشورة في مجلات طبية إقليمية وعالمية، ومؤسس دائرة أمراض وزراعة الكلى بالسلمانية… ويبدو أن انتقاداته أقضت مضاجع الطبقة المتنفذة حالياً بالوزارة، فجاء الرد في وادٍ، والانتقادات في وادٍ آخر.
الاستشاري العريض يتكلم عن ظهور إدارة قراقوشية في الوزارة في أعقاب أحداث 2011، كان أول قراراتها تدوير وإبعاد الممرضين المؤهلين بحجة «التعليم المستمر»، مع أن بعضهم تجاوز الخمسين ويعملون كطاقم متكامل في غرف العمليات أو وحدة العناية القصوى لأمراض القلب وسواها، فماذا يستفيد هؤلاء من التدوير لأعمال أخرى كمستشفى العجزة أو الأمراض النفسية، التي تمتلك طواقم متخصصة، بينما يتسبب التدوير في خسارة كارثية للمرضى والجراحين والاستشاريين في بقية الأقسام.
العريض يؤكد ان الاستشاريين اعترضوا على مثل هذه القرارات، ورفعوا مذكرات احتجاج على النقل التعسفي الذي ألحق ضرراً شديداً بعمل الأطباء وتدني الخدمات الصحية المقدمة بالسلمانية فدفع بالمرضى إلى طلب العلاج بالمستشفيات الخاصة (وهي إشارةٌ مهمةٌ ومقدّرةٌ من طبيبٍ يمتلك عيادة خاصة).
الجانب الأهم في القضية الذي يهم كل شعب البحرين، هو تأكيد العريض أن إبعاد هؤلاء من مواقع عملهم، إنّما كان أسلوب عقاب لمجرد ممارستهم حقهم الدستوري في التعبير عن الرأي، وهي «المرة الأولى في تاريخ الطب في البحرين يستخدم فيه هذا الأسلوب القراقوشي في معالجة الأمور».
لنر الآن كيف كان رد «إدارة العلاقات العامة والدولية»، قسم الإعلام، بوزارة الصحة؟
– هذه القرارات تتخذ بشكل دوري من أجل مصلحة العمل وتقديم خدمة صحية أفضل للمرضى!
– هذا القرار اتخذ بعد اجتماع عقد على مستوى كبير وتم إشراك كبار المسئولين في مجمع السلمانية (وبالتالي هو قرارٌ لا يأتيه الباطل).
– إن سياسة الوزارة تدريب أكبر عدد ممكن من الكوادر، والاستفادة من خبرات العاملين ذوي سنوات طويلة لتعم الفائدة على الجميع (ولم يبين كيف يمكن استفادة مستشفى الأمراض النفسية من اختصاصيي القلب)!
– ليس هناك نقل تعسفي، فهناك قوانين وضوابط من ديوان الخدمة المدنية تطبق بجميع لوائحها على الموظفين بمختلف قطاعات الصحة. (ولم يوضح كاتب الرد هل من ضمن اختصاص الخدمة المدنية نقل طاقم العناية المركزة إلى مستشفى العجزة)… أم أنها سياسة تقف وراءها كتلة متنفذة دأبت منذ عامين على العبث بـ «هذا الصرح الصحي الذي ساهم في النهوض بخدماته أجيال من الوزراء والوكلاء والأطباء والهيئات التمريضية خلال عقود» كما يقول ابن الوزارة وهو يقدّم شهادته على الوضع من الداخل.
مكتب العلاقات العامة، لم يرد على النقاط الجوهرية، وإنّما استعرض أرقاماً عن عدد المرضى والعمليات الجراحية والتحاليل المختبرية والوصفات الطبية التي تصرف في السلمانية. ألم يطلق قراقوش سراح الحدّاد ويشنق القفّاص فخسرت المدينة قفّاصها وهامت الديكة والدجاج في الطرقات؟