سوسن دهنيم
بعد كل الصدى الذي أخذته رسالة المعلم إلى وزير التربية بخصوص تصريحه في الملتقى الجامعي الخليجي الثاني «من أروقة الجامعة إلى ميادين العمل» والذي قال فيه رداً على سؤال إحداهن: إن المعلم البحريني لا يرغب في مواكبة عجلة التطور والتحسين في التعليم، ولهذا فإن الوزارة مازالت تستقدم معلمين عربا للتدريس في مدارسها، صار لزاماً ألا نستهين بحجم تلك التعليقات التي وردت رداً على المقال في الصحيفة، والتي جاء كثير منها على لسان معلمين يؤكدون اهمية دور زملائهم الكبير في عملية التعليم ورغبتهم في التطور بعكس ما ذهب إليه الوزير.
وما أثار انتباهي في تلك الردود، هو رد أحدهم بأن على الوزارة أن تجري تقييماً للمعلمين في هذا الجانب من خلال الرجوع إلى ملفات الوزارة في مجال التدريب، وعمل جدول إحصاءات بشأن من وافق على دخول الدورات التدريبية ومن رفض؛ لنحصل على أرقام واقعية مبنية على أوراق رسمية، إضافة إلى ضرورة تقييم المعلمين من خلال سؤال الطلبة وأولياء أمورهم لمعرفة مدى مواكبة المعلم البحريني للتطور التكنولوجي والتعليمي في مجال عمله. حينها سيكون أي تصريح من الوزير أو غيره مبنياً على أرقام ومعطيات واقعية لا على تخمينات وتبريرات واهية.
ومن نافلة القول انني حين نشرتُ تلك الرسالة من المعلم في مكان مقالي لم أكن متحاملةً على المعلمين العرب الكرام، فقد تعلمتُ حبّ الكتابة وحب اللغة العربية من المعلمة «إلهام» الأردنية التي علمتني في الحلقة الأولى من المرحلة الابتدائية، وكانت لا تقبل أن نتكلم في حصتها بغير اللغة الفصحى، ثم تلتها معلمتي البحرينية «بتول السيد» التي علمتني في صفوف الحلقة الثانية، ولم تكن تقل كفاءة، أو كان درسها يقل إثارة وجمالاً، ومازلت أتعلم في الآن على يد مدرسين عرب في برنامج الماجستير، لكن ما أطرحه هنا موضوع مختلف يتعلق بالحاجة إلى توطين مهنة التعليم، كما يجري في مختلف الدول العربية، وخصوصاً مع وجود كل هؤلاء الخريجين البحرينيين العاطلين عن العمل من المؤهلين أكاديمياً، الذين مازالوا يدخلون دورات تطوير وتحسين ضمن برامج وزارة العمل وغيرها من البرامج، إضافة إلى ضرورة ترقية المعلمين المؤهلين من البحرينيين ممن لا يألون جهداً في محاولة الارتقاء بمستوى التعليم والخدمات المقدمة للطلبة، ولا يتخلفون عن حضور أي من الدورات التي تقيمها وزارة التربية والتعليم؛ من أجل تطوير قدراتهم وإمكاناتهم التي قد تفوق مدربيهم في بعض الأحيان في مجالات متعددة.
وإذا كانت الأسئلة مشروعة، فلماذا لاتزال الوزارة تستقدم المدربين من الدول الأخرى، ونحن نملك الكثير من الكوادر المؤهلة في شتى المجالات التربوية والتقنية والتكنولوجية والثقافية؟ وما الذي يجعل الوزارة تتوقف عن منح المدرسين الذين يكملون ساعات التدريب في الدورات الطويلة في مجالات عملهم مكافآت أو حوافز، تشجّع من لم يتقدّم لها من زملائهم على الانضمام إليها إن كان هناك من لم يكن متشجعاً لدخولها؟ أليست المصروفات التي ستصرف على تدريب المدرس العربي الشقيق وسكنه وتذكرة سفره أكثر من تلك التي ستصرف لمكافأة المدرس البحريني على إخلاصه في عمله، ولاسيما أن الكثير من البحرينيين يشكون مرّ الشكوى من موضوع التمييز في صرف الحوافز والترقيات؟ وأخيراً… أليس الاستثمار في الموظف البحريني هو الأجدى والأبقى لأنه من سيبقى على أرضه مهما حدث ومهما اعترضته من ضغوط ومشاكل وصعوبات؟