أفهم أن يواصل الرئيس الأمريكي مسلسل الكذب والدجل ومحاولات استغفال الناس، ويدشن «الزفة« الإعلامية بمهزلة الانتخابات في العراق ويعتبرها نصرا له وللحرية والديمقراطية الموعودة تحت حراب الاحتلال وضمن مخططه الاستراتيجي للهيمنة على المنطقة وتركيعها خدمة للصهيونية والمصالح الجشعة للأمريكان.
ولا استغرب ان يواصل التابع لبوش (بلير) عزف نفس اللحن الممجوج بانتصار الديمقراطية المزعومة للعراق. رغم انكشاف كل الأكاذيب التي أطلقها بوش وبلير وزمرتهما من المحافظين الجدد في البيت الأبيض، ورغم الفضائح التي يندى لها الجبين في العراق والتي ارتكبتها قوات الاحتلال الأمريكي والبريطاني. واشمئز أيما اشمئزاز من تنطع بعض ادعياء اليسار المهووسين بحب كل ما هو غريب عن أمتنا وتاريخها وحضارتها والمتعلقين حاليا بأهداب الامبريالية الأمريكية بدعوى التحضر والمدنية والليبرالية، بعد ان تهاوت عروش الماركسية وفقدوا بوصلتهم فلم تعد حقوق الإنسان واستحقاقات الوطن إلا لعقا على ألسنتهم، حين يواصلون اجترار ما يردده سيد البيت الأبيض حول الانتخابات في العراق ويضحكون على أنفسهم حين يصرحون بأن انتخابات العراق ستنقل العراق والعراقيين الى واحات الديمقراطية ذاهلين أو متغافلين عن الأهداف الكبرى والاستراتيجية للمخطط الأمريكي المحاك للمنطقة بأكملها. وأفهم ان يعتبر الطائفيون ان انتخابات العراق كانت عرسا ديمقراطيا دشنه «الشيطان الأكبر« تحت حراب قواته ومرتزقته ليأتي بحكومة عميلة توقع اتفاقات عسكرية تشرع للوجود العسكري الأمريكي في العراق وقواعده التي ستكون منطلقاً لتنفيذ باقي المخطط ضد هذه المنطقة المنكوبة بهذه الأفكار قبل ان تنكب بالاحتلال، فهؤلاء الطائفيون لا يملكون من أمرهم رشدا بعد ان أصبحوا أداة طيعة لخدمة «الأجندات« الإقليمية في المنطقة وحولوا العراق الى ساحة للمساومات بين ايران والولايات المتحدة الأمريكية، فهؤلاء الطائفيون لم يعودوا قادرين على أن يتشدقوا بقيم الإسلام وثقافته وحضارته، بعد أن أصبح الشيطان الأكبر «حليفاً« وما مارسه في العراق من جرائم وفضائح وما أساله من دماء غزيرة، وما اقترفه بحق الأعراض والحرمات، وما نهبه من هذا البلد الغني، حيث أصبح الناس اليوم هناك يقفون طوابير لشراء بعض النفط، وأصبحت الكهرباء لا تأتي إلا لماماً لبيوت العراقيين، أقول حليفا لأن الأمم المتحدة والعالم كله اعتبر القوات الأمريكية قوات احتلال إلا الجعفري الأشيقر وتوابعه في العراق وعندنا يعتبرونها قوات تحالف، وها هم يطبعون القبل على فم بريمر وغيره من أمراء الاحتلال ويصرحون علانية بأنهم لن يطلبوا خروج قوات الاحتلال بل إن أحدهم صرح بأنه سيدفع أموال العراق حتى تبقى تلك القوات أمدا أطول! لكني حقا لا أفهم كيف تنبري جمعية الشفافية في البحرين للتصريح باعتبار الانتخابات العراقية تجربة نوعية غير مسبوقة ليس على صعيد الدول العربية فحسب وانما على مستوى دول العالم الثالث كما جاء في تصريح رئيس الجمعية (الأيام ــ 1 فبراير 2005)! ويقول: ان العملية الانتخابية تمت من خلال هيئة مستقلة ليست لها علاقة بالسلطات الأخرى مما حد من تأثير السلطة التنفيذية حسب تصريحه، ونحن هنا نقول: أين الاستقلالية يا دكتور؟ أهي مستقلة عن حكومة علاوي؟ لأن حكومة علاوي وهيئة الانتخابات تابعتان لقوات الاحتلال ومشكلتان بأمره واختياره، وخاضعتان لمشيئته، وقد صرحت الهيئة المستقلة جداً! بعد دقائق من انتهاء العملية بأن المشاركة كانت غير مسبوقة وأعلنت نسبة مئوية سرعان ما تراجعت عنها بعد ان تعرضت لسخرية العالم، فكيف تعلن بعد دقائق نسبة المشاركة في الانتخابات في بلد تتعثر فيه وسائل الاتصال وتجرى عملية الانتخاب بشكل يدوي، وتتخذ فيه إجراءات أمنية وعسكرية غير مسبوقة وتوقف فيه وسائل المواصلات؟ أما التصريح بأن اعتماد العراق دائرة انتخابية واحدة فذاك كان حسبما أكده رئيس جمعية المحامين البحرينية قد فصله «الترزية« لمصلحة الأحزاب التي تشكلت في ظل الاحتلال والتي تتماهى في توجهاتها مع الاحتلال وفي خدمته، ثم أين النزاهة في إعطاء الحق في المشاركة في الانتخابات لمن هو مؤهل لاكتساب الجنسية العراقية؟ ومن يملك الحق في تحديد المؤهلين لاكتساب الجنسية العراقية في ظل وجود قوات الاحتلال ضمن مخطط يهدف لإدخال عناصر وأسماء وهمية تساهم في الانتخابات وتؤثر في نتائجه وفق هوى المحتل؟ أين اتفاقيات جنيف من كل ما يجري التي حظرت على قوات الاحتلال إجراء أي تغييرات في قوانين البلد المحتل وفي هويته؟ ثم يحق لنا أن نتساءل: من أين للشفافية ان تعتبر تلك تجربة نوعية؟! وما هي مصادرها؟! وكيف سمحت لنفسها بأن تطلق التصريحات خدمة لتوجهات سياسية معينة تصب في النهاية في خدمة «الزفة« الإعلامية للاحتلال وقواته؟! ثم أين الاستقلالية والنزاهة في انتخابات لم تنل اشراف القضاء العراقي كما يقرر القانون؟! ثم أين المراقبون الذين يمكن ان يصدروا رأيا في هذه الانتخابات وهم على بعد آلاف الأميال من العراق؟! ألم تسمع الشفافية عن تأخر إصدار البطاقة التموينية لما بعد إجراء الانتخابات، ضمن خطة ابتزاز للمستضعفين من أهل العراق في ظل نشر إشاعات بحرمان من لا يشارك في الانتخابات من الحصة التموينية؟! والسؤال الأكبر: أين الشرعية في انتخابات تجرى ضمن أوضاع غير شرعية باعتراف عنان في تصريحه بأن الحرب أساسا فاقدة الشرعية وبالتالي فإذا كانت المقدمات غير شرعية فكل ما يصدر عنها أو منها هو غير شرعي. ثم أين دور الأمم المتحدة في هذه الانتخابات بعد ان ارتضت لنفسها دورا شكليا ضمن ما يسمى بالمفوضية العليا للانتخابات؟ حقا ان تصريح جمعية الشفافية بعيد عن المهنية والشفافية، انه تصريح لخدمة أهداف سياسية ومساهمة في «الزفة« الإعلامية لتزويق الاحتلال وقواته ومشاريعه. ونحن هنا رحمة بالشفافية واحتراما لموضوعيتها ورغبة في عدم اهتزاز ثقة الناس بها، نطالب بتوضيح رسمي من مجلس إدارة جمعية الشفافية حول تصريح رئيسها «الإعلامي المروج والمزين لبرامج الاحتلال«. ورحم الله الشفافية.