بقلم ركاد سالم "ابو محمود"
أمين عام جبهة التحرير العربية
تأتي الذكرى الخامسة والستين لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي حزب الحرية والاشتراكيه والوحدة، لنتذكر اولئك القادة الاوائل الذين استلهموا من الماضي المجيد ومن الحاضر المؤلم طريقاً لرسم مستقبل مشرق لامة عربية عريقة، فتحية للاستاذ القائد المؤسس ميشيل عفلق والى اكرم الحوراني وصلاح الدين البيطار هؤلاء الرجال الذين خططوا وناضلوا من اجل تحقيق أمة عربية واحدة.
واذا كان للبعثيين الاوائل ولرفاقهم في كافة الاقطار الفضل الاول في حمل هذه المبادئ في وقت حفلت الساحة العربية بكثير من الافكار والمبادئ المستورده منها والمتأثر بأفكار الغرب، ومنها الذي لا ينسجم مع طبيعة امتنا العربية وتطلعاتها، فاليوم جائت الجماهير العربية بملايينها لتشارك حزب الامة العربية نضاله في سبيل الحرية والعدالة الاجتماعية. فالحرية التي تطرحها الجماهير العربية هي حرية اختيار الحاكم لا ان يبقى الحكم سرمدياً أبدياً، او كما قيل في احدى الدول لولد الولد.
نضال من اجل حرية التعبير بعد ان حكمت هذه الجماهير طويلاً بانظمة الطوارئ الاستبدادية والتي اتخذت من بعض الاطروحات السياسية وسيلة لفرض استبدادها.تناضل الجماهير العربية من اجل حرية التفكير والتعبير والمعتقد. بعد ان احتكرت قوى الاستبداد والتسلط المرئي والمسموع منها وحولتها مسرحاً لنشر اكاذيبها، تناضل جماهير شعبنا اليوم من اجل التعددية الحزبية بعد ان منعت الجماهير العربية من حرية الاختيار وسادت نظرية حزب السلطة المعتمد على اجهزة القمع والاضطهاد وسيلة لبقائه.
هذه الملايين الثائرة ضد الفساد والهيمنة والتسلط والتي استطاعت ان تمسك زمام امورها في مواجهة الطغاة المستبدين الذين وقفوا عاجزين عن ملامسة اهداف الشعب، فقد عجزت انظمة الاستبداد العربية داخلياً وخارجياً، فلم تستطع في الخارج ان تواجه المد الصهيوني بل تصرفوا كالنعامة التي تضع رأسها في التراب ونظروا لسلام هو الاستسلام بعينه ووضعوا انفسهم في خدمة المصالح الامبريالية وكانوا مجرد ادوات لتحقيق مصالحها، كما ان جماهيرنا العربية في الداخل عانت من سياسة التسلط والاستبداد والهيمنة ولعشرات السنين.
هذا التحول الهائل الذي تشهده اقطار امتنا العربية قد وجدت به القوى الامبريالية ممثلة بالغرب الامبريالي والصهيونية وايران فرصة من اجل صرف الجماهير عن اهدافها، وفرصة من اجل تحقيق مصالحها، ومن اجل تحويل الربيع العربي الى كابوس لهذه الامة، فالتدخل الغربي في ليبيا قد ادى الى تدمير ليس قوة دفاعها بل وكذلك مؤسساتها وتقاسم فرنسا وبريطانيا وبعض الدول الاوروبية ثروات النفط كتعويضاً لتدخلها العسكري، ان ما حصل في ليبيا انما يوضح وبشكل فاضح ماذا تعني هذه الدول بشعارات الديموقراطية والحرية الزائفة التي ترفعها، فالهدف الاساسي هو اعادة الاستعمار بحلة جديدة وشعارات جديدة وتبقى ليبيا مرهونة بثرواتها وسياساتها للغرب الى المدى المنظور. من هنا فاننا نقف ضد التدخل العسكري الخارجي في الثورات العربية لانه ذريعة تتخذه دول الغرب الامبريالي لحل مشاكلها الاقتصادية وعودة هيمنتها على مقدرات امتنا العربية.
وكما الغرب الامبريالي فان التدخل الايراني تحت ذريعة المذهبية كما يحصل في اليمن والبحرين وكما حصل في العراق انما هو تنفيذ للمخطط الصهيوني بايد ايرانية، فايران التي اتخذت من القضية الفلسطينية ذريعة ومن ومن المقاومة شعاراً انما تهدف الى الاستثمار من اجل تحقيق حلمها الامبراطوري السالف العصر، واننا نرى بكل وضوح السمفونية الايرانية الصهيونية بشكل متناغم ولخدمة مصالح الطرفين.
فالدول العربية التي اقرت في القمة العربية في بيروت مبادرتها عام 2002 والتي تتلخص في سلام شامل مقابل انسحاب كامل من الاراضي المحتلة عام 1967 افقدت اسرائيل نظرية ان وجودها مهدد من قبل جيرانها. وعادت اسرائيل لتجد ضالتها في التهديدات الايرانية الجوفاء من اجل اعادة تسويق نظرية انها مهددة في وجودها من اجل استمرار دعم الغرب، ولمزيد من تماسك الحركة الصهيونية وتنفيذ مخططاتها الاستيطانية في فلسطين. كما ان التهديد الاسرائيلي اليومي في وسائل الاعلام لايران يؤدي الى خدمة مصالحها ويمهد الطريق لتنفيذ مخططاتها.
لذا فان التدخل الايراني هو الاشد خطراً على حركة النهوض العربي، وما رأيناه في العراق من تحالف اميركي غربي ايراني في غزو العراق، خير دليل على اهداف ايران التوسعية واتخاذ المذهبية ذريعة لتحقيق هذا الهدف وقد عملت ايران عن طريق عملائها الذين اتوا على الدبابة الاميركية من اجل اذكاء روح المذهبية الطائفية وسيلة بقائهم في السيطرة على مقدرات العراق وما اعلن مؤخراً عن مطالبة ايران بـ 20% من نفط العراق وتفهم المسؤولين في بغداد لمطالب ايران يكشف بوضوح المخطط الذي يستهدف العراق الذي لعب دوراً اساسياً بقيادة البعث ومثل رافعة النضال العربي في مواجهة سياسة الاستسلام.
وما يجدر ذكره ان ما صرح به الشهيد الرمز صدام حسين ان العدوان الاميركي الغربي المتحالف مع ايران سوف ينتحر على اسوار بغداد فقد تحقق ذلك باعتراف قادة اميركا بان الحرب على العراق كانت نتائجه كارثية، حيث استطاعت كتائب الجهاد والتحرير بقيادة الامين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي عزة ابراهيم ان تهزم اميركا.بعدما كبدتها خسائر فادحة وهي تقود الآن معركتها الاشرس ضد المذهبية البغيضة التي عملت على نشرها ايران، وان كتائب البعث التي هزمت المخطط الاميركي في العراق قادرة على احباط المخطط الايراني وهزيمة عملائه الذين نصبوا انفسهم ولاة على العراق ومقدراته، وقد عانى اهلنا في العراق كثيراً من هؤلاء ففي الوقت الذي انتشرت فيه اخبار السرقات والفساد لهؤلاء الحكام، فقد خسر العراق ما يزيد عن مليون ونصف من ابنائه بايد الجيش الاميركي وعملاء ايران، واذا كانت كتائب البعث بقيادة الامين العام عزة ابراهيم قائد الجهاد والتحرير استطاعت ان تهزم رأس العدوان المتمثل باميركا فانها قادرة على هزيمة مخلفاته من طائفيين عملاء ايران، لذلك فإن ما يهدد الربيع العربي هو الى جانب التدخل الاجنبي فهو الاحلام الايرانية الفارسية بقيادة قوى الظلام في ايران.
ومما لا ريب فيه فان الخطر الاسرائيلي يبقى هو الاخطر على امتنا العربية وشعبنا الفلسطيني. فقد وصلت التسوية السياسية وكما توقعنا في جبهة التحرير العربية الى طريق مسدود بتمسك اسرائيل باستمرار سياستها الاستيطانية وعدم الالتزام بمرجعيات عملية السلام التي اعترفت بها سابقاً واقرتها الرباعية الدولية. كما تتخذ من انشقاق الساحة الفلسطينية ذريعة من اجل الاستمرار في سياستها هذه، واذا كانت الحلول لمواجهة هذا التعنت الاسرائيلي واضحة للجميع وهيي تتلخص في اعادة توحيد الصف الفلسطيني وتبني المقاومة بكافة اشكالها ودعمها من قبل الدول العربية خاصة الدول التي لم تعقد لحد الآن اتفاقات سلام مع اسرائيل. فان هذه الحلول تبقى حبراً على ورق، فاتفاق الدوحة الذي تم فيه تجاوز عقبة رأس الحكومة لم يجد قبولا له داخل حركة حماس وما تشهده الآن هو تراجع الى الوراء على طريق المصالحة فالاصابع الايرانية لا زالت تعمل لتفتيت الساحة الفلسطينية وليس هناك ما يشير الى بوادر انفراج في الافق، كما ان الانظمة العربية وعلى حد تعبير الاستاذ ميشيل عفلق بعضها وجد في القضية الفلسطينية مصلحة فاستغلها وآخرون وجدوا فيها عبئاًُ فتخلوا عنها. ويبقى الحل هو بيد ابناء شعبنا الفلسطيني، فشعبنا الذي استطاع بانتفاضته الاولى ان يفرض على اسرائيل الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً لشعبنا الفلسطيني قادر اليوم على مواجهة السياسة الاسرائيلية الاستيطانية وما نراه اليوم من اشكال المقاومة ومنها المقاومة الشعبية والتي استقطبت جماهير شعبنا وقوى السلام في العالم قادرة على هزيمة المشروع الصهيوني وفرض حق شعبنا الفلسطيني في تقرير مصيره على ارضه.
لذلك فاذا اختلفتا حركتي فتح وحماس على طريقة عودة توحيد الصف وما تحتويه من تفاصيل فمقاومة الاحتلال هي القاسم المشترك لكافة ابناء شعبنا وقواه السياسية وخاصة حركتي فتح وحماس صاحبتي الامكانيات الاكبر.
كما ان ما حصل اخيراً في مجلس حقوق الانسان بتشكيل لجنة تقصي الحقائق بما يتعلق بالاستيطان الاسرائيلي في الاراضي المحتلة لعام 1967 ورغم معارضة اميركا واسرئيل، انما تشكل حافزاً لقيادة المنظمة لاستمرار سياستها في عزل اسرائيل في المؤسسات الدولية.
واذا كانت امتنا العربية تعيش فترة مخاض للتخلص من قوى الاستبداد والتخلف والاستعباد والاستغلال فان ما يحصل في الوطن العربي سوف يشكل دعماً قوياً لنضال شعبنا الفلسطيني بعد ان تم اسقاط الدكتاتوريات وانظمة الطوارئ التي فرضت على شعبنا العربي عشرات السنين.
لذلك فاننا نرى ضرورة تشكيل جبهة وطنية عريضة من كافة القوى الوطنية والقومية والاسلامية في فلسطين والوطن العربي، لان نضال شعبنا في فلسطين ضد الصهيونية الاستيطانية هو جزء لا يتجزأ من نضال امتنا العربية ضد الدكتاتوريات العميلة لقوى الغرب الامبريالي وقوى الاقليمية المذهبية المتمثلة في ايران.
ان انتصار كتائب البعث وهزيمة رأس الامبريالية اميركا في العراق انما هو بداية عهد جديد لهزيمة كافة المشاريع التآمرية التي تستهدف امتنا العربية وفي مقدمتها المشروع الصهيوني، وان أمة انجبت الشهداء القادة عبد الناصر وصدام حسين وياسر عرفات قادرة على السير على طريق النضال حتى تحقيق اهدافها في هزيمة اعدائها وفرض ارادتها في التحرر وبناء تجمع ديموقراطي موجد.