كنت في حوار مع زميل لي بإحدى الصحف قابلته قبل أيام قليلة مضت، ودار حول الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي، والسياسة التي تتبعها، والتغييرات العجيبة والغريبة التي مرت بها، وهالني أن أسمع منه ما يوقف العقل عن التفكير، ويوهن الضميربما يوصل صاحبه الى حافة الإغماء.
وبما أن المعلومة التي سردها هي بهذا الحجم من الأهمية، وهذا المستوى من الضحك على الذقون، والاستهتار بالقانون، فيهمني كصحفي من جهة ان أتساءل عن مدى دقة هذه المعلومة الخطيرة، بل من واجبي تعميمها عملا بمبدأ نشر الحقائق لأن المتضرر الأول هم المواطنون، ومن ضمنهم أنا وغيري من الموظفين البسطاء من فئة الدخل المحدود والمتوسط.
يقول زميلي ان الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي عملت على اعطاء أربعة مديرين متمكنين تقاعدا مبكرا من خلال السماح لهم بشراء 5 سنوات مقدما، وأعادتهم الى العمل في الهيئة، كل واحد منهم بدرجة (مستشار) وبراتب 6 آلاف دينار شهريا لكل منهم. (الله اكبر على هذا الكرم)، وغدق المال من دون حساب على من يستاهل ومن لايستاهل.
وتمضي المعلومة لتضيف أنه حينما تمت الموافقة على مغادرة هؤلاء الموظفين الأربعة موقع العمل للتقاعد، واعفائهم من مناصبهم، أجزلت الهيئة عليهم بالعطاء بمبالغ كبيرة جدا، تسلم أحدهم مبلغ 200 ألف دينار بحريني!. (والله أكبر مرة ثانية وثالثة ورابعة وخامسة والف مرة بل ومليون مرة على هذا العطاء)!
وتابع محدثي: إن القانون بوزارات الدولة ومؤسساتها، ينص على ان من يرد التقاعد بدرجة مدير فعليه أن يهيئ لمن يأتي بعده في هرم السلم الوظيفي من خلال تدريب موظف يحل محله، ويقوم بنفس المهام والمسئوليات، أما ان يسمح لمدير بالمغادرة (تقاعد مبكر)، وهو لم يدرب أحدا من موظفيه، ثم تطلبه المؤسسة (الهيئة أو أي وزارة) للقدوم الى العمل بدرجة مستشار، وتعطيه راتب (6 آلاف دينار)! ليدرب غيره، فهذه حقيقة مهزلة، يستهزئون بها على عقول الناس! هذا السيناريو، ذكرني بنفس السؤال الذي وجه الى وزيرة الثقافة والإعلام سابقا في زيارتها لـ"أخبار الخليج" حينما سألت عن مدى حقيقة أن الوزارة تعطي راتب 7 آلاف دينار شهريا لمديرة السياحة، وبالأحرى (مستشارة إدارة السياحة)، ألا ترين أن هذا المبلغ كبير جدا؟
طبعا ان هذه المستشارة، عادت قبل أشهر قليلة ماضية الى بلدها بحجة حاجة والدها المريض اليها بأن تكون الى جانبه (شيء مضحك)أيضا!.
ولا زلت أتذكر جواب الوزيرة حين ردت على السائل بالقول: "ان هذا المبلغ ليس كبيرا، والبحرين بلد عربي معطاء، ينعم بالخير على من يأتي اليه من بلد عربي آخر لخدمته وتطويره، ونوهت الى استغرابها من طرح مثل هذا الموضوع، داعية الى الترفع عن هذا الأمر".. وكأن الأموال والرواتب تؤخذ في البحرين هكذا بالهبل فيما أنا وغيري (كمواطنين بحرينيين) ومن خريجي الجامعات لا زلنا نكتوي بنيران ضعف الراتب. لذا فإن المسألة تحتاج الى جواب حول دقة هذه المعلومة، وهي بلاشك تحتاج الى وقفة جادة، وإعادة نظر فيما اتخذته الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي من قرارات بخصوص تقديم 24 الف دينار راتبا شهريا للمستشارين الأربعة (رجال وامرأة) حتى ولو كانوا بحرينيين!!