في واحدة من أولى المقابلات التي تم تقديمها للإعلام الغربي بعد سنوات مضت، يدافع رئيس وزراء البحرين صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة عن موقف حكومته في تعاملها مع المعارضة في البلاد حيث صرح لـ"دير شبيغل":" سوف لن نتسامح مع التدخل الغربي" كما اتهم في مقابلته المعارضة بالسعي لتحويل البحرين إلى إيران ثانية.
وإليكم نص الحوار كاملاً بعد ترجمته:
* صاحب السمو، كثير من الجهات الداخلية والخارجية دعت لإلغاء سياق الفورملا 1 الذي عُقد نهاية الأسبوع الماضي، هل لك أن تبرر حقيقة عقد السباق؟
– كنت سعيدا جدا لعقد السباق في البحرين رغم كل التعليقات السلبية التي سمعناها قُبيل عقد السباق. لقد كنت هناك وشاهدت السباق بأكمله ويمكنني الجزم بأنه كان حدثا سعيدا لجميع البحرينيين.
* الاحتجاجات والتظاهرات في البلاد ما زالت مستمرة، والمعارضة تتهم الحكومة بعدم جديتها في المضي نحو الإصلاح والحوار!
– أولاً وقبل كل شي، هذا الحراك الاحتجاجي الذي يحدث في البلاد هو "حراك إرهابي" حسب مفهوم الحراك المعاصر ومدعوم من إيران وحزب الله. وما نواجه في بلادنا هو تماما ما تواجهه أمريكا مع الإرهابيين.
* هل يمكنك مقارنة مجموعة معارضة كالوفاق مع شبكة إرهابية؟
– إنني أتحدث تحديدا عن جميع أؤلئك الذين يدعون العنف والدمار من حرق إطارات السيارات وإلقاء الزجاجات الحارقة على رجال الأمن من أجل ترويع البلد.
* إذا فأنتم ترفضون الحوار؟
– على العكس نحن منفتحون على الحوار والباب ما زال مفتوحا، إلا أنه يجب على الجهة المطالبة بالحوار أن تُبقي في عين الاعتبار ضرورة مشاركة جميع أطياف وقطاعات المجتمع البحريني بهدف التوصل لنتائج مثمرة. ولا يجب أن ننسى جهود جلالة الملك في تقديم عروض حوار مختلفة للمعارضة إلا أنها رفضت متعذرة بضرورة الأخذ برأي إيران والآن نحن نشهد عنف يومي في الشوارع البحرينية. ماذا تعتقد سيكون رأي الولايات المتحدة الأمريكية لو طلبت منها الدخول في حوار مع المنظمات الإرهابية كالقاعدة مثلا؟!!!
* منظمة القاعدة التي ذكرتها قد شنت هجمات إرهابية ضد الولايات المتحدة الأمريكية في حين أن المتظاهرون في بلادكم يطالبون بالإصلاحات كما يقولون!
– إصلاحات؟! إن كان الأمر يتعلق حقا بالإصلاحات فإننا قد بدأنا بها منذ زمن طويل وأقدم من أي بلد عربي آخر. وقد أوضح الملك رغبته بمواصلة الإصلاحات وإجراء المزيد منها كما أننا دولة رفاهية متطورة جدا تُقدم لمواطنيها التعليم والرعاية الصحية المجانية فضلاً عن الإعانات المالية وبدل السكن والمعيشة وإعانات البطالة. ونحن نحمل زعيم المعارضة الدينية عيسى قاسم الذي يأخذ أوامره من إيران مسؤولية كل ما يجري في هذا البلد خاصة لأولئك الذين لقوا مصرعهم.
* يخرج الناس في احتجاجات وتظاهرات يومية في ضواحي المنامة وعادة ما تنتهي هذه التظاهرات بمشاحنات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن، فكيف تريد أن يكون الحل لهذا الوضع في بلدكم؟
– يجب تطبيق القانون ضد كل من يخالف القوانين. هؤلاء الأشخاص يعمدون إلى تدمير الممتلكات العامة والتهجم على قوات الأمن والعمالة الآسيوية في البلاد ومن واجبنا حماية جميع الناس في البحرين. نحن مجتمع متعدد الثقافات ولا نريد لذلك أن يتغير.
* هل يعني ذلك أن قوات الأمن ستستخدم المزيد من العنف ضد المتظاهرين؟
– نحن لا نرغب بإراقة الدماء في هذا البلد، وقوات الأمن تعمل على حماية الشعب لا الهجوم عليه وقتله. ولقد أبدينا حتى الآن قدراً كبيرا من الصبر مع المعارضة رغم ارتكاب الكثير من الأخطاء في حقنا وقد قام الملك باستقدام "لجنة بسيوني"، وهو فريق مستقل يقوده خبير حقوق الإنسان المصري-الأمريكي شريف بسيوني، للتحقيق في الاحتجاجات وأعمال العنف الناجمة عنها. وقد قبلنا بالتقرير الصادر ونعمل الآن على تنفيذ بعض توصيات اللجنة. كما أننا نعمل على الإعداد للإصلاحات المقترحة عبر العملية البرلمانية والمحكمة الدستورية. ولكن هل قام المجتمع الدولي في أي وقت مضى بالتشكيك في المعارضة أو إبداء موقف من أفعالهم؟!
* عبد الهادي الخواجة، أحد أبرز عناصر المعارضة، والمعتقل حاليا كان قبل بدأ إضرابا عن الطعام منذ 80 يوم تقريباً، وحالته الصحية سيئة جدا؟!
– اختلف معك تماماً فحالته الصحية ليست سيئة كما تقول ووفقاً للأطباء الذين يحضرون لمعاينته يومياً فإنه يقوم بتناول السوائل. هذا وقد زاره السفير الدنماركي مؤخراً وقال أنه راضٍ جداً بالمعاملة التي تُقدم له.
* لما لا يمكنكم إطلاق سراح الخواجة أو تسليمه إلى الدانمارك حيث عاش منفيا هناك لسنوات طوال، وحيث أنه يحمل الجنسيتين؟!
– السلطة التنفيذية في البحرين لا تتدخل في العملية القضائية ولأنه مواطن بحريني فإن تسليمه إلى الدانمراك ضد القانون البحريني.
* ولكن العديد من منظمات حقوق الإنسان الدولية والبلدان الغربية ادعت استمرار قوات الأمن البحرينية باستخدام العنف ضد المحتجين؟!
– هذه الإدعاءات غير شرعية. كيف يمكن للشرطة الغربية التعامل مع احتجاجات عنيفة غير شرعية؟! هل يتركون المحتجين لرمي الحجارة وقنابل المولوتوف؟! حين يتعلق الأمر بالأمن القومي فإن حقوق الإنسان ليست الشيء الأكثر أهمية. هل فكر الأمريكان وحلفاؤهم بحقوق الإنسان عندما خرج المتظاهرون في العراق وأفغانستان؟!
* المعارضة ، والتي تشكلها الأغلبية الشيعية من سكان البلاد، لا يطالبون سوى بالمزيد من الحقوق؟!
– المعارضة تبحث عن أعذار، وهي تستغل مصطلح " مزيد من الحقوق" و مسمى " الديمقراطية" لتحويل البحرين إلى إيران ثانية. ونحن لدنيا وزراء من السنة والشيعة ويشغل الشيعة الجزء الأكبر. ببساطة ليس صحيحا أن الشيعة في البحرين مضطهدين وفقراء كما أنهم أنفسهم من غادروا البرلمان وسدوا الطرق وعرضوا البلاد للخطر. كما قاموا بتعليق دمى تجسيدية لي و للملك و لولي العهد السعودي مع حبل حول الأعناق ولافتات كُتب عليها "الموت إلى آل خليفة"، هل هذه الديمقراطية؟!
* المعارضة تطالب باستقالتك وتنحيك من منصبك، وهي ترى في ذلك خطوة أولى لوقف الاحتجاجات. متى يمكنك الاستماع لدعواتهم والتنحي؟
– هذا القرار يتخذه الملك وواجبي أنا كان وما زال حماية هذا البلد و سوف أعمل على ذلك حتى آخر يوم من حياتي. وصدقوني، لو كان موقفي ومنصبي هو السبب الوحيد لهذه الاضطرابات لكنت قد تنحيت من منصبي منذ العام الماضي، إلا أن المعارضة تجد في ذلك ذريعة. أنا فخور جدا بالإنجازات التي تحققت في البحرين فجعلنا من البحرين دولة متعددة الأعراق والثقافات وغالبة شعبنا ضد الجهود التي يبذلها أولئك الذين يسعون لتخريب البلد.
* ولكن حقيقة أنك توليت منصب رئاسة الوزراء منذ العام 1971، تجعلك رئيس الوزراء الأطول حكما في العالم وهو أمر غير اعتيادي في مسيرة الديمقراطية؟!
– وماذا في ذلك؟! النظم الديمقراطية مختلفة جدا عن بعضها فيختلف النظام في تايلند عن النظام في روسيا ويختلف النظام في ألمانيا عن ما هو في الولايات المتحدة الأمريكية، لذا لما لا يمكن أن نكون مختلفين أيضا في بلادنا؟!
* بعض الدول العربية قد تغيرت كتونس وليبيا ومصر؟!
– وهل تعتقد أنني سعيد لرؤية ما حدث في هذه البلدان؟ هذا ليس "ربيعاً عربياً" فالربيع متصل بالسعادة والحب لا الموت والفوضى والدمار. كيف كانت ردت فعل بريطانيا عندما شهدت هي "ربيعها العربي" وبدأ الشباب بالهجوم والسرقة؟!
* تعني أحداث الشغب التي وقعت في لندن ومدن أخرى منها؟! لم تكن مطالب البريطانيين حينها المزيد من الحقوق؟!
– مجرد خروج الناس في تظاهرات مدعين مطالبتهم بالديمقراطية لا يجعل ما يقومون به من عنف أقل شأناً مما حدث في بريطانيا العام الماضي.
* تعتمد البحرين اعتماداً كليا على المملكة العربية السعودية وقد سارت القوات الخليجية إلى بلدكم في العام الماضي تحت قيادة المملكة العربية السعودية؟!
– لم تمارس المملكة العربية السعودية أي ضغط على البلاد. نحن كأعضاء في "مجلس التعاون" كان لنا الحق في طلب المساعدة من حلفائنا تماما عندما ذهب الأمريكان للعراق وأفغانستان وطلبوا الحصول على تعليمات من حلفائهم. لما لم يتحدث أحد حول موقفهم في حين وجهت لنا الانتقادات لموقفنا!
صوت المنامة – 28/04/2012 م
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.