احتلال العراق تكتيك ضمن استراتيجية احتلال الجزيرة العربية
أكد الدكتور يوسف مكي عضو المؤتمر القومي ورئيس موقع التجديد العربي أن ضمان وجود الأمة وتقدمها يكمن في التصدي لمشاريع التفتيت ورياح التقسيم التي تجتاح الوطن العربي بروح قومية وعلى أسس قومية وذلك لكونها الأنسب لمواجهة هذه المخاطر الكبيرة بالإضافة إلى كونها تسموعلى الطائفية والعشائرية. وقال لقد تصاعد الحديث عن مشروع تفتيت الأمة العربية خلال العقود القريبة الماضية وخاصة مع صعود كاسح للتيارات السلفية التي أفل نجمها في ستينيات القرن الماضي ومع الأسف قد ساهمت بعض الدول العربية في هذا الصعود وفتحت الأبواب لهجوم التيار السلفي على الثقافة والتعليم وتم احتضان الهاربين من مصر ومن ذوي التيارات المتشددة الإسلامية.. وتفاقم أكثر مع طرح فكرة أن بالوطن العربي أقليات حيث كان هذا الطرح مقدمة لهزيمة المشروع الوحدوي وإشاعة روح الفتنة بين أبناء الأمة الواحدة بل بين أبناء الدولة الواحدة وبالتالي المساهمة في مشروع التفتيت. كشف ذلك الدكتور يوسف مكي في ندوة بعنوان: «تقسيم العراق مقدمة لتفتيت الأمة« بمقر التجمع القومي في الزنج مساء الاثنين الماضي وأدارها غازي المرزوق. وعد بلفور وقال الدكتور يوسف ان مشروع التفتيت عمل له منذ اليوم الأول لمشروع إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين وما شمله من تشريد الشعب الفلسطيني وتفتيت الوطن العربي إل كنتونات ضمن «وعد بلفور« والذي طرح العمل على إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين واستمر العمل على التفتيت وقيام الدولة القطرية واستمر الأمر إلى أن اعيد طرح مشروع تفتيت الأمة من جديد بعد حرب 1973 من خلال مشروع تجزئة المجزأ وتقسيم المقسم وهذا ما أعرب عنه مستشار الرئيس الأمريكي نيكسون للأمن القومي بعد حرب 1973 بقوله: أن إسرائيل خرجت منتصرة من الحرب وأصبحت القوة الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط وقد حان الوقت لتكون القوة الأكبر في المنطقة. وأضاف: ان هذا التصريح يحمل عدة مضامين وتساؤلات منها: إذا كان الأمر كذلك فكيف يضمن لإسرائيل أن تتحول الى اكبر قوة ضاربة في منطقة الشرق الأوسط في وقت لا يتعدى سكانها 4 ملايين من البشر حتى لو أضيف اليها تعداد اليهود في العالم الذي لا يتجاوز 17 مليونا؟ وتساءل ما هو الحل؟ فجاء نفس الطرح السابق بأن تفتت الدول العربية إلى دويلات تصبح إسرائيل بينهم قوة كبرى، وحينها جرى التلميح الى إحتلال آبار النفط والتلميح بقوات النجم الساطع التي التحقت بها عدد من الجيوش العربية مثل مصر والسودان وبعض دول الخليج ولم تطل المسألة للولوج أعمق في مخطط التفتيت حيث سرعان ما أتيحت الفرصة لصعود التيارات السلفية التي أفل نجمها في الستينيات من القرن الماضي وساهمت دول عربية في هذا التصعيد من خلال الدعم وتقديم التسهيلات. مسلسلات التفتيت وواصل الحديث عن مشروع تفتيت الأمة بالقول: بدأت المسألة في مرحلة معينة طرح وجود أقليات قومية في الوطن العربي ولها حقوق مهدورة مثل الأشوريين في العراق والأقباط في مصر والأمازيل في المغرب العربي بالإضافة إلى بدء نشاط حركتين إنفاصاليتين الأولى للأكراد في شمال العراق والثانية في جنوب السودان. وقال: لم تتحسن الأحوال بل تطورت فيما يخدم مشروع تفتيت الأمة حين جاء إعصار 1990 وما تلاه من اقتراح للإدارة الأمريكية بالتوجه إلى مؤتمر السلام حيث حضرت دول الطوق إلى مؤتمر مدريد، وكلنا يتذكر ما قاله جيمس بيكر لوزير الخارجية السوري في ذلك الوقت ان العرب هزموا في حرب الكويت. فسأله ماذا تقصد؟ فقال له: طالما أنهينا الجيش العراقي وألحقنا به الهزيمة، فهذا يعني أن التوجه المعادي للسلام قد انتهى فالجيش العراقي هو القوة الضاربة العربية وبالتالي لا مجال لدى العرب سوى السير في طريق المفاوضات نحو السلام. وقال: كلنا يعلم أيضا وعاصر ما الذي جرى بعد ذلك وما أعقب ذلك من مرحلة دعونا نطلق عليها «إعادة رسم الخريطة« بشكل يفوق مخططات ما بعد اتفاقية سايكس بيكو وبرز اتجاه جديد نحو البلقنة والإنتقال من مشروع الدولة القطرية إلى مشروع تفتيت الدولة القطرية. وكان قمة هذا المخطط ما سرب من تقرير للمخابرات الأمريكية بطرح مشروع تقسيم الدولة السعودية إلى ثلاث دويلات هي : دولة شيعية ودولة في نجد ودولة في الجنوب وجزء يمنح لليمن فيما يمنح جزء آخر إلى الأردن. حرب 2003 وأكد الدكتور يوسف مكي ان حرب 2003 التي أشعلت بالمال العربي وبيعت الأسلحة إليها وجاءت القوات الأمريكية باسم انقاذ الشعب العراقي من بطش النظام وبما لديه من أسلحة دمار تهدد أمن المنطقة، وكانت النتيجة أن لا وجود للأسلحة التي زعموا وجودها في العراق مع العلم ان الرئيس بيل كلينتون قد فرض الحصار على العراق وقسمه إلى ثلاث مناطق هي نفس المناطق التي يتم الآن ترجمتها على أرض الواقع. وأكد الدكتور يوسف أن محاولة تفتيت الأمة ضمن المخططات الأمريكية والإسرائيلية تواصلت مشروعا وراء آخر حيث جاء الاحتلال الأمريكي للعراق ومعروف أن قرار الحرب هو صناعة صهيونية مع المخططات التي تلت الاحتلال سواء مجيء برا يمر حاكما عسكريا للعراق أوفرض ما يريد من دستور وفيدراليات مدعومة بفرق الموت والتصفيات الجسدية بحسب الهوى وبالمجان ولم يكتفوا بذلك بل عمل المحتلون على إدخال عناصر القاعدة إلى العراق وبدا على ضوء ذلك قتال بين الشيعة والسنة، ولم تع الأطياف العراقية هذا الخطر الداهم ماعدا المقاومة العراقية بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي وبعد مصادمات عديدة اعترفت القوات الأجنبية بوجود مقاومة وطنية في العراق تصل عملياتها في اليوم الواحد إلى أكثر من 100 عملية لكن المواطن العربي ومن خلال التضليل الإعلامي لا يسمع ولا يرى عبر القنوات الفضائية سوى مظاهر السيارات المفخخة وجثث ملقاة في الشوارع واقتتال في الأماكن المقدسة ويتم التعتيم عمدا على أعمال المقاومة التي تتصدى للمحتلين.. وتساءل ما هو الهدف من هذا التعتيم؟ تعتيم إعلامي وقال: ان الهدف واضح من هذا التعتيم الإعلامي والذي يتمثل في توصيل رسالة إلى العالم لإيهام الرأي العربي والعالمي أن العراقيين يتقاتلون ويقتلون أنفسهم بأنفسهم وهم بأمس الحاجة إلى قوة رادعة بينهم تعمل على تهدئة الوضع وتضمن أمنهم وسلامتهم، فقامت بتفتيت المنطقة الواحدة وقسمت إلى قسمين مثلما هو حاصل لفصل الوزيرية عن الأعظمية بجدار عازل وتحت شعار حماية العراقيين. مفارقة المشاركة وتابع لما احتدم الخلاف مع إيران حول وجودها في العراق تحركت الدول المجاورة والتي بقيت صامتة ثم بدأت تتحدث عن عروبة العراق.. وتساءل أليس مفارقة ان يطرحوا عروبة العراق وهم من شاركوا في التحشيد على ضرب العراق؟ وجاءت اللحظة لطرح فكرة الصحوة، فجاءت فكرة الصحوة مكشوفة لعبتها والتي بدأت في محافظة الانبار بزعم أن هناك تحولا في الموقف من موقف المقاوم للاحتلال إلى موقف المتعاون مع الاحتلال.. وكشف ان الواقع لظهور فكرة الصحوة هو انه لما احتل العراق بدا تشجيع دخول كل من هب ودب وبدأت فلول القاعدة تدخل إلى العراق من الشام مرورا بمحافظة الانبار المتاخمة للحدود بعلم وتنسيق الامريكيين مثل الزرقاوي.. وكشف بالقول ان منطقة الانبار هي محافظة حدودية يكثر فيها السلاح والمخدرات وأصبحت تجارة جلب القاعدة وتهريبهم أو إدخالهم إلى العراق تجارة مربحة وذلك لأن الطرف الثاني يدفع مبالغ خيالية فسمحت لهم قوات الاحتلال بالدخول إلى العراق وضمن طرح إقامة «إمارة إسلامية« طالما أن هناك تبنيا لإقليم في الجنوب وآخر في الشمال. وهكذا الحال ينعكس على أبوريشة الذي كان معه 400 مقاتل حيث تدخلت دول عربية ودفعت أموالا لدخوله. أما بالنسبة الى موضوع الفلوجة فالموضوع كان واضحا ان هناك 30 ألف جندي يحومون حولها بالإضافة إلى 15 ألف من المرتزقة 10آلاف من فيلق بدر وغيرها أي 55 ألف جندي لم يستطيعوا دخول الفلوجة التي كان يسيطر عليها رجال المقاومة الوطنية لذا تكالبوا جميعا على ضرب المقاومة وسحقها ومع ذلك بقيت المقاومة العراقية صامدة. تقرير باتريوس واسترسل عضو المؤتمر القومي العربي الدكتور يوسف مكي في الحديث عن مشروع تفتيت الأمة بالقول بعد هذه المعطيات لم تتوقف المؤامرات والمخططات مشيرا إلى تقرير باتريوس ماكينزي الذي كان أساسا لقرار الكونجرس غير الملزم بتقسيم العراق إلى 3 مناطق: المثلث السني ودولة شيعية في الجنوب ودولة كردية في الشمال مشيرا إلى ان هذا القرار غير الملزم حسبما تدعيه الولايات المتحدة جاء متزامنا مع مشروع قيام 5 دول في السودان و3 دول في مصر وكل ذلك يجري ضمن مشروع تفتيت الأمة العربية. واستند في دعم أقواله بما نشره معهد مؤسسة (جراند استراتيجي) أن احتلال العراق مشروع تكتيكي وأن المشروع الاستراتيجي هو احتلال الجزيرة العربية والجائزة الكبرى في هذا المشروع كما جاء في التقرير هي (مصر) لما تمثله من زخم وثقل في المنطقة وهذا التصور منشور على الموقع الإليكتروني للمعهد. مشروع تغيير المناهج وتابع: كما ان هذا التصور لا يخرج عما طرح من مشاريع كلها تصب في خانة تفتيت الأمة العربية سواء المتعلق بالتأكيد على الاعتراف بإسرائيل أو المتعلقة بتغيير المناهج التعليمية بالوطن العربي بل تعدى ذلك إلى الدعوة إلى نشر طبعة جديدة من القرآن (معدلة) يحذف منها السور التي تدعو الى الجهاد والقتال مخاطبين المسئولين بالمملكة العربية السعودية كونها دولة عربية حباها الله المال والنفط ووجود الحرمين الشريفين على أرضها منوهين إذا لم يرضخوا فسوف ندعهم يسكنون الصحراء في نجد منوها في هذا الصدد الى ان حديثه لا يتطرق عن وجود مؤامرة بقدر الحديث عن أوراق مكشوفة ولم تعد مؤامرات سرية تحبك في الخفاء. وأكدا أن الإرهاب الذي تشهده المنطقة والعنف المنتشر في جسد الأمة مصدره التخطيط الأمريكي وبأموال عربية لها مصلحة في تفتيت العراق. وتساءل في خضم هذه المعلومات وهذه الأوراق المكشوفة: ما الذي يقتضي فعله تجاه وضع خطير يمس كرامة الأمة وأمنها ويهدد وجودها؟ وذلك على اعتبار ان مشاريع التفتيت وحسبما ذكر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر أن مخطط تقسيم الوطن العربي يهدف بالأساس إلى إبقاء الكيان الصهيوني الدولة الأقوى في المنطقة، وألا يكون هناك جيش عربي قادر على مواجهة الغطرسة الإسرائيلية وإن الاقتصاد العربي يجب ألا يقوم على الشراكة بل يكون تحت الهيمنة الصهيونية مع أهمية العمل على عدم حصول عملية تنموية بالوطن العربي بل العمل على إبقائه متخلفا. تمجيد المؤامرات وتابع الغوص في عمق التحليل لموضوع تفتيت الأمة من خلال قوله: ينتابني الألم ليس من خلال مشروع التفتيت بقدر ما ينتابني من الكتابات التي تمجد المشاريع التصفوية والتآمرية على الأمة العربية منوها أنه هو أو غيره من الكتاب القوميين لا يحملون ضغينة ضد الحكام العرب بقدر معايشة الواقع المؤلم حين تنفذ فصول التفتيت ولا تخرج مظاهرة عربية قادرة على مواجهة هذا التحدي والتصدي لمشروع تمزيق الأمة دولة وراء أخرى. ماهو الحل؟ وتساءل في نهاية الندوة: هل هناك من أمل؟ وأجاب الدكتور يوسف مكي بالقول (الاحتلال في أي دولة في العالم يحمل عوامل هزيمته) مشيرا إلى ان الأمريكان لم يترددوا في قتل 40 عنصرا من عناصر ما أطلق عليهم عناصر الصحوة، فكيف حدث ذلك وهم يعملون معكم بحسبما زعمتم؟ وأشاد في هذا الشأن بالمقاومة الوطنية في كل من فيتنام وكمبوديا والجزائر وعلى أساس أن التاريخ لا يتغير في هذا الشأن سواء في آسيا او أفريقيا أو أي قارة في العالم. وقال ان المقاومة العراقية انطلقت في اليوم الثاني من عناصر حزب البعث وتوجهت للفعل العسكري مباشرة وهذا التسرع لم يتح لها فرصة التنسيق لدخول عناصر أخرى في مقاومة الأجنبي المحتل مما أفرز حالة فحواها أن كل فصيل مقاوم يعمل وفق رؤيته السياسية وبعضها دخل في المقاومة الوطنية بدون ان يكون له موقف واضح بل انخرط بعض منها في المقاومة وشارك لاحقا في مؤتمر القاهرة. واختتم عضو المؤتمر القومي حديثه عن مشاريع التقسيم التي يتعرض لها العراق الوقت الراهن بأهمية الإيمان بأن الاحتلال باطل وما نتج عنه باطل.. وطالما هناك إحتلال فالمقاومة تظل باقية وتعمل بثقافة ألا تفاوض مع المحتلين حتى مغادرتهم أرض العراق مشددا في نهاية الندوة على أهمية الدعم العربي للمقاومة العراقية وذلك لكونها تتصدى لمشروع لايهدد العراق وحده بل يهدد أمن ووجود الأمة بأسرها.
أخبار الخليج