القوى المعارضة في مؤتمر التغيير الديمقراطي: نرفض الحلول الأمنية ويدنا ممدودة للعمل الوطني الصادق
"المعارضة" في مؤتمر "التغيير الديمقراطي": ترفض الحلول الأمنية وتتمسك بـ"الملكية الدستورية"
قال الأمين العام لجمعية التجمع القومي الديقمراطي الدكتور حسن العالي في كلمة القوى الوطنية المعارضة ( اليوم السبت 31/08/2013 م )بأن المعارضة ترفض الحلول الأمنية التي تحاول السلطة فرضها باستمرار فالاستقرار والأمن المطلوبين لا يمكن أن يكون وليد القوة الأمنية إنما هو وليد تدابير سياسية واجتماعية واقتصادية يتمثل في عقد اجتماعي يقره الشعب.
وأكد العالي في مؤتمر التغيير الديمقراطي الذي تنظمه دائرة الدراسات والبحوث في جمعية الوفاق بأن المعارضة متمسكة بالملكية الدستورية، ووجود حكومة تمثل إرادة الشعب، ومجلس منتخب كامل الصلاحيات ودوائر انتخابية عادلة وقضاء نزيه ومحاربة كافة أشكال الفساد والتمييز كقاعدة لإيجاد حل سياسي توافقي يخرج البلاد من أزمتها، والتوافق على إقامة وطن تعددي وديمقراطي مدني، يضمن حقوق كافة مكونات وأطياف المجتمع دون تهميش أو إقصاء لأحد منها.
فيما يلي نص الكلمة:
كلمة القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة
ألقاها الأمين العام لجمعية التجمع القومي الديمقراطي د. حسن العالي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
يسعدني أن أقف أمام هذه النخبة من القيادات السياسية والفكرية والأكاديمية في مؤتمركم مؤتمر «التغيير الديمقراطي في البحرين»، والذي يعقد تحت شعار «الديمقراطية… حق وإرادة شعب»، متوجها بالشكر والتقدير لجمعية الوفاق الوطني الإسلامي لتنظميها هذا المؤتمر الهام، والذي يأتي متزامنا مع ما تشهده البحرين والوطني العربي من تطورات سياسية مصيرية تؤكد نزعة وإرادة الجماهير نحو التحرر والانعتاق من كفة أشكال الدكتاتورية والتسلط والهيمنة، لتبني بيدها وبإراتها مستقبل أفضل لها ولأجيالها..
أن نظرتنا في القوى السياسية الوطنية الديمقراطية المعارضة في البحرين لما يحدث في البحرين، تقوم على أن الركن الأساسي في قيام أي دولة في العالم، هو ضرورة وجود عقد اجتماعي بين الشعب والحاكم لترتيب العلاقات وتأطير شكل الدولة. ومنذ استقلال البحرين في العام 1970، سعى الأمير الراحل لإيجاد هذا العقد الاجتماعي، فتم انتخاب المجلس التأسيسي، من أجل تولي وضع دستور عقدي للبلاد ينظم حياة الناس، وبناء على هذا الدستور العقدي، ثم تم إجراء أول انتخابات برلمانية، ودخلت البحرين مرحلة من الديمقراطية بناء على دستور ينظم حياة الناس في شئونها الاقتصادية والسياسية، ولكن بعد مرور أقل من عامين على هذه التجربة الديمقراطية، بطشت الدولة بالعقد الاجتماعي وألغته من خلال حل البرلمان.
ومنذ حل البرلمان في السبعينات، دخلت البحرين في أزمتها السياسية، واستمرت مظاهر الخلل السياسي والاقتصادي منذ ذلك الحين، وتراكمت ووصلت لمرحلة خطيرة جداً في منتصف التسعينات، حين شهدنا الانتفاضات الجماهيرية، إلى أن طرح جلالة الملك على ضوء ذلك العديد من المبادرات لمعالجة الأزمة السياسية وتوجت بالتصويت على ميثاق العمل الوطني الذي شكل نصا جيدا لعقد اجتماعي جديد. ولكن سرعان ما تم الانقلاب على ما ورد في هذا الميثاق من حيث صلاحيات السلطة التشريعية والدوائر الانتخابية والحريات، فصدر دستور 2002 بإرادة منفردة مدشنا بذلك عودة الأزمة السياسية إلى المربع الأول. واليوم بعد مرور أكثر من 10 أعوام، يتأكد لنا أن الانقلاب على العقد الاجتماعي قد فاقم من مشكلات الناس السياسية والاقتصادية.
وبأخذ بعض النماذج في العالم، فإن الحزب الشيوعي في الصين كانت لدى الحزب الشيوعي الصيني الحيوية الكافية الذي مكنته من تجديد نفسه، من دون حاجة لإعلان ثورة من الناس، وجعل الصين على مسار تنمية حقيقية، بينما في مصر واليمن وتونس تفجرت الإرادة الشعبية لإحداث التغييرات المطلوبة، ولا شك أنها ستأخذ العديد من المنعطفات والتحولات قبل أن تصل لمدياتها المطلوبة..
أما في البحرين، فإن القوى السياسية الوطنية المعارضة جربت الدخول إلى البرلمان الفاقد الصلاحيات على خلفية رغبة بتطوير التجربة من الداخل، ولكن قوبلت هذه الرغبة بالإصرار على التشوهات السياسية في البنيان الديمقراطي، وما حدث في حقيقة الأمر هو تفاقم مظاهر الأزمة السياسية والاقتصادية الناجمة عن دستور 2002. فعلى مستوى الترتيبات السياسية، هناك دوائر انتخابية غير عادلة وبرلمان منقوص الصلاحيات، وعلى المستوى الاجتماعي هناك انقسام اجتماعي خطير ونبرة طائفية عالية، وعلى المستوى الاقتصادي هناك أزمات خانقة، إذ إن نحو 28 في المئة من الشباب عاطل عن العمل، ونحو 75 في المئة من الأسر البحرينية يتراوح دخلها بين 300 إلى 700 دينار. كما أن أكثر من ثلث الموازنة يذهب إلى الدفاع والداخلية والأمن، بل إن الإيرادات النفطية الحقيقية لا تذهب كلها إلى الموازنة، وذلك بحسب دراسات خليجية أكيدة تشير إلى أن 25 في المئة من الإيرادات النفطية لا تدخل في الموازنة، بخلاف أزمة السكن التي بلغت 50 ألف طلب إسكاني، ناهيك عن انخفاض معدلات الأجور.
ويجب عدم إغفال مشكلة العمالة الأجنبية التي تحول 780 مليون دينار سنوياً خارج البلاد، وتحمل بذلك الاقتصاد أعباء كبيرة، إضافة إلى قضايا الفساد، وما كشفت عنه لجنة التحقيق البرلمانية السابقة بشأن أملاك الدولة بأن 65 كيلومتراً مربعاً من الأراضي تم مصادرتها من دون وجه حق، إضافة إلى كلفة الدفان التي بلغت أكثر من 20 مليار دولار من دون أن تدخل موازنة الدولة. كل تلك مؤشرات واضحة على أن هناك أزمة حقيقية في البلد، ناتجة عن الخلل الذي تمخض عنه دستور 2002.
على هذه الخلفية كانت الجماهير في البحرين على كامل الاستعداد للتجاوب مع انتفاضات الربيع العربي قبل نحو ثلاث سنوات، فتفجرت انتفاضة الجماهير في 14 فبراير 2011 لتعيد الأزمة السياسية المستفحلة للواجهة. وإذ تتواصل وعلى مدار العامين والنصف الماضيين أنتفاضة شعبنا من اجل الديمقراطية والكرامة، يقابلها تعنت رسمي وفرض القمع الأمني وراح ضحيته عشرات من الشهداء والآلآف من المعتقلين والمعذبين، فأننا نود التأكيد على مواقف القوى الوطنية العارضة التالية:
• رفض الحلول الأمنية التي تحاول السلطة فرضها باستمرار فالاستقرار والأمن المطلوبين لا يمكن أن يكون وليد القوة الأمنية إنما هو وليد تدابير سياسية واجتماعية واقتصادية يتمثل في عقد اجتماعي يقره الشعب. كما أن الاستقرار السياسي يتطلب غرس بذور الثقة بين الدولة وقوى المجتمع، ويتطلب وقف عقلية القمع والاستئصال ومصادرة حقوق المواطنين أو الانتقاص من مكتسباتهم السياسية، فليس هناك مواطن يدافع عن نظام هو أول ضحاياه ؟؟
• التمسك بالعمل السلمي ورفض كافة أشكال العنف والعنف المضاد من أية جهة كانت.
• التمسك بالملكية الدستورية، ووجود حكومة تمثل إرادة الشعب، ومجلس منتخب كامل الصلاحيات ودوائر انتخابية عادلة وقضاء نزيه ومحاربة كافة أشكال الفساد والتمييز كقاعدة لإيجاد حل سياسي توافقي يخرج البلاد من أزمتها، والتوافق على إقامة وطن تعددي وديمقراطي مدني، يضمن حقوق كافة مكونات وأطياف المجتمع دون تهميش أو إقصاء لأحد منها.
• التمسك بالحوار الجاد مع السلطة كطريق للخروج من الأزمة الراهنة، وهو الطريق الذي تمسكنا به منذ أندلاع الانتفاضة في فبراير 2011 وتجاوبنا على اساسه مع مبادرة سمو ولي العهد والتي سارعت السلطة إلى إجهاضها بفرض حالة السلامة الوطنية بعد يوم من اعلان المبادرة.
• مطالبة السلطة بتهيئة الأجواء اللازمة وذلك عبر وقف كل أشكال التصعيد والبطش الأمنيين بالمواطنين وسفك دمائهم، والعودة عن كل الإجراءات والقرارات التي ساهمت في تعميق الأزمة، وفي مقدمتها إطلاق سراح الرموز المعتقلين وإعادة المفصولين وإطلاق مشروعاً وطنياً للانصاف والعدالة وللمصالحة الوطنية، وكافة التوصيات الأخرى الواردة في تقرير اللجنة المستقلة.
أننا أذ نظل متمسكين بهذه المطالب الوطنية المحقة، فأننا بذات الوقت نتمسك بوحدتنا الوطنية دون أية تفريط فيهما مهما كان الثمن، ونؤكد هنا أن الدفاع عن الوحدة الوطنية لا يمر عبر إجهاض مطالب وطنية مشروعة ومحاربتها بالبطش والقمع، كما أن الدفاع عن الوحدة الوطنية لا يمر عبر اتهام جماهير عريضة من الشعب بالولاء للخارج.
أن زخم ومواصلة وتصاعد نضالنا الوطني، سواء عبر العقود الماضية، أو خلال حراكنا الراهن، أو حراكنا المستقبلي لتحقيق أهداف مرحلة التحول الديمقراطي مرهون بتكاتفنا وتنسيقنا وعملنا المشترك في الجمعيات السياسية الوطنية.
لذلك، ومن خلال هذا المنبر، نحن نؤكد أن يد القوى الوطنية المعارضة ممدودة لكل من يريد العمل عملا وطنيا صادقا بغض النظر على مساحة الاتفاق والاختلاف معه، لنصيغ معا برنامج وطني جامع يجمع كافة أطراف العمل الوطني بكل قواه وألوانه وشخصياته، برنامج يعالج كافة الهواجس والمخاوف المرتبطة بحاضر الوطن ومستقبله، ويمثل قاسم مشترك بينها تنطلق منه نحو المزيد من أشكال العمل الوطني المشترك ويصب أولا وأخيرا في خدمة قضايا ومطالب شعبنا التي نتفق عليها جميعنا في الديمقراطية والحرية والعدل والمساواة والحية الكريمة والوحدة الوطنية.
التوفيق والنجاح لمؤتمركم الوطني
المجد والخلود لشهداء الوطن
النصر المؤزر لحراكنا الوطني وانتفاضة شعبنا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.