حسن المدحوب
ربما تكون أيامنا هذه جزءًا من فترة زمنية توصف أنها زمن التشاؤم السياسي، محلياً حيث الأمور تتعقد أكثر، ودولياً حيث تطغى أخبار الدم والقتل على أخبار الفرح والحياة، ولذلك لابد لنا جميعاً أن نواجه كل التشاؤم الذي يحيط بنا بجرعات لا تنقطع من التفاؤل والأمل بغدٍ أفضل للجميع.
واقعنا الذي نعيش فيه، أجبرنا ربما دون شعور، أن ننجر إلى خانة التشاؤم الذي يصيب الإنسان بالإحباط وفقد الثقة بالمستقبل، ولكنه قطعاً شعور ينبغي الالتفات إليه وعدم السماح له بالتغلغل في أعماق ذواتنا، فالإنسان بلا أمل يفقد بهجة الحياة ويرى نفسه شيئاً فشيئاً ينساق إلى التشاؤم في كل مجريات الأمور، لدرجة أننا ننسى أن ما بين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال.
ثقة الإنسان لا يجب أن تبنى على محيطه المشبع بالإحباط، ولا على المعطيات الظاهرية على الأرض، فكم من انتكاسةٍ تصاب بها الشعوب جراء التزامها بهذه الحسابات، وتدفعها لاتخاذ قرارات تندم عليها طيلة أجيال.
إن أخطر شعور يصاحب أي شعب أو فرد فيه، هو أن يعلن يأسه في قدرته على تغيير واقعه وإصلاحه، فيقرّر الهروب من مواجهته، ظناً منه أنه يهرب إلى ملاذ آمن، أو على الأقل أقل شقاءً، لكنه سرعان ما يدرك أنه بنى حساباته على أوهام الواقع التي تتبدل كل يوم، إن لم يكن كل لحظة، ليبدأ بعدها لحظة الإحساس بألم مضاعف أكثر مما لو تفاءل بحياته ووثق بقدرته على المواجهة وتحمل مسئولياته في السعي إلى غدٍ أجمل.
حياة الشعوب، كحياة الإنسان، لابد أن يستمر في التفاؤل فيها حتى آخر لحظاته، حتى يشعر بقيمة الحياة، فلا توجد حياة بلا متاعب، ولا توجد حياة بلا نواقص، فقط أولئك الذين ينظرون إلى الحياة من جانبها الأسود هم من يسارعون لإعلان استسلامهم، وينزعون لخيارات لا تجلب لهم إلا مزيداً من الألم والحسرة، في حين أنهم لو نظروا إلى الجانب الايجابي لكانت حياتهم أسعد وأجمل يحسدها عليهم الآخرون.
صحيح أن الوضع في البحرين ملئ بالكثير الكثير من الأمور المؤلمة فيما يتعلق بالواقع السياسي، ولكن قصة نضال الشعوب والناس وآمالها بمستقبل أفضل قصة لا نهاية لها، لأنها تتعلق بحب الشعوب إلى الحياة، ولا يوجد كالبحرينيين شعبٌ يحب الحياة ويستطيع أن يواجه آلامها وتعقيداتها بمزيدٍ من الثقة والاطمئنان إلى غدٍ أفضل، حيث ينعم الجميع بالعدل والخير والحرية والكرامة والعيش الكريم.
فقط اؤلئك الضعفاء، وفاقدي الثقة في أنفسهم وفي الناس وفي الله، هم الذين ينساقون لخيار التشاؤم وتحطيم المعنويات، أما الشعوب الحية، فتؤمن دائما أنها قادرة على التغيير والإصلاح مهما تعاظمت الأزمات وعلت موجتها.
اليائسون فقط هم الذين يرفعون الراية البيضاء عند أول أو ثاني مواجهة، أما الواثقون بأنفسهم وعدالة قضيتهم فيستمرون في ثباتهم ومحاولاتهم التي لا تنتهي من اجل مستقبل تفيض فيه قيم الحق والعدل والسعادة للجميع، وقدرنا يحتم علينا دائما أن نختار طريق التفاؤل دائما.