أصدرت "خدمة أبحاث الكونجرس" الأمريكي مؤخراً دراسة عن الوضع في البحرين، تضمنت تطور الأحداث منذ بدأت الانتفاضة، والاحتجاجات في 14 فبراير عام 2011، حيث تمكنت السلطات البحرينية من إخمادها، لكن تفاعلاتها لا تزل مستمرة.
وتضمنت الدراسة سياسة الولايات المتحدة تجاه تلك الأحداث، وعرضاً للعلاقات بين البلدين في مختلف المجالات، بالإضافة إلى سرد لعمل النظام السياسي في البحرين، والإصلاح وحقوق الإنسان، والمجموعات السياسية، وانتخابات عام 2002، وانتخابات عام 2006، وانتفاضة عام 2011 وتطورات عملية الحوار الوطني التي تمت، وما أسفرت عنه من توصيات.
وتضمنت الدراسة – بحسب موقع القدس كوم- عرضاً لعلاقات التعاون الأمني والعسكري بين البلدين، وفي إطارها القاعدة البحرية التي يستخدمها الأسطول الخامس الأمريكي مقراً لقيادته، وكذلك التعاون بين البلدين في ميدان مكافحة الإرهاب، وغير ذلك من ميادين ومجالات التعاون بينهما.
وفي عرضها للوضع وتطوراته، أوضحت الدراسة أن "الانتفاضة في البحرين، التي بدأت في 14 شباط/ فبراير 2011، وسط عدد من الانتفاضات الإقليمية، لم تقترب من بلوغ هدفها، وهو تغيير النظام في البحرين".
ومع ذلك، لم تظهر المعارضة ذات الأغلبية مؤشرات على إنهاء حملتها لتحقيق هدفها المتمثل في إقامة نظام ملكي دستوري، أو على الأقل تحقيق مكاسب في مجال حقوقها في النفوذ والتأثير السياسي.
وأشارت الدراسة إلى أن الانتفاضة التي اندلعت في الرابع عشر من شباط/ فبراير 2011، أظهرت فشل الجهود التي قام بها الملك لتلبية تطلعات وطموحات الشيعة في البحرين. وكان مما عزز الانتفاضة في البحرين نجاح الانتفاضة في مصر ضد حكم الرئيس المصري حسني مبارك، الذي اضطر للتنحي عن الحكم، كما تطرقت إلى إعلان الملك حمد في الخامس عشر من فبراير 2011، تشكيل لجنة للتحقيق في استخدام القوة ضد المحتجين، والتي أدت إلى مقتل شخصين.
لكن الانتفاضة، حسبما جاء في الدراسة، اتخذت أبعاداً جديدة في صباح السابع عشر من شباط/ فبراير، عندما قامت قوات الأمن البحرينية بتطويق آلاف المتظاهرين في دوار اللؤلؤة، واستخدمت ضدهم الرصاص المطاطي، والغاز المسيل للدموع، لإخلاء الدوار منهم، مما أدى إلى مقتل 4 متظاهرين.
وتطرقت إلى تدخل قوات من دول أعضاء في مجلس التعاون الخليجي، لمساعدة السلطات البحرينية في استعادة الأمن والاستقرار، وقالت أنه "بناء على طلب البحرين من مجلس التعاون الخليجي الذي هي عضو فيه، إرسال قوات أمن للمساعدة في حماية المواقع الرئيسية، وصلت البحرين في الرابع عشر من آذار/مارس 2011، قوات أمن من مجلس التعاون الخليجي قوامها 1200 من قوات الأمن السعودية، و600 من رجال الشرطة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وأخذت مواقع لها حول المنشآت الأساسية. كما قامت الكويت بإرسال قوة بحرية لمساعدة البحرين في حماية حدودها…".
وسردت الدراسة تطور عملية الحوار الوطني التي أعقبت ذلك، وما توصلت إليه لجنة في هذا الشأن من توصيات لحل الأزمة، وتحقيق الإصلاحات واستعادة الأمن والاستقرار في البلد.
لكن الدراسة أوضحت بأن "الأزمة أظهرت أن شكاوى الأغلبية الشيعية بشأن المشاركة في السلطة، والفرص الاقتصادية لم تتم تلبيتها رغم جهود الإصلاح التي بذلت خلال الفترة بين عامي 1999 و 2010".
وفي جهود الحكومة البحرينية لحل الأزمة، أوردت الدراسة ان "الحوار الوطني الذي بدأته الحكومة البحرينية مع المعارضة في تموز/يوليو 2011، لبحث شكاوى الأغلبية الشيعية لم يتوصل إلا إلى إجماع على إصلاحات سياسية بسيطة" ثم كانت الخطوة التالية من الحكومة البحرينية لحل الأزمة بإعلانها تشكيل " لجنة تقصي مستقلة "، معينة من قبل الحكومة.
وقامت اللجنة بإعلان " تقريرها في 23 نوفمبر 2011 الذي انتقد أعمال الحكومة ضد المحتجين".
ودافعت الحكومة البحرينية، مؤكدة " بأنها قامت بتنفيذ معظم التوصيات الـ 26 التي قدمتها لجنة التقصي المستقلة".
وبالرغم من ذلك، كما جاء في الدراسة، فإن جماعات ومنظمات حقوق الإنسان في الخارج ترى في تقديرها أن ما تم تنفيذه من توصيات متواضع.
وجاء في الدراسة، أنه "وبعد عام من الوصول إلى طريق مسدود، استأنف الجانبان (الحكومة والمعارضة) الحوار في فبراير 2013، وأن ما تم إنجازه من تقدم شيء ضئيل بكل المقاييس".
وفي تطرقها إلى سياسة الولايات المتحدة تجاه الوضع وتطوراته جاء في الدراسة "إن إدارة الرئيس باراك أوباما لم تدع إلى إنهاء نظام آل خليفة، لكنها انتقدت انتهاك السلطات البحرينية لحقوق الإنسان في تعاملها مع المحتجين، وحثت الحكومة على التوصل إلى تسوية مع المعارضة".
واستدركت الدراسة أن "انتقادات الولايات المتحدة أثارت غضب بعض المسؤولين من آل خليفة، وفي الوقت نفسه لم ترض المعارضة التي في تقديرها، تعتقد بأن الولايات المتحدة تقلل من أهمية انتهاكات النظام، من أجل الحفاظ على علاقاتها الأمنية الشاملة مع البحرين".
وفي هذا المجال أوردت الدراسة أن البحرين تقدم دعماً أساسياً للمصالح الأمريكية باستضافتها مقر قيادة للقوات البحرية (الأسطول الخامس الأمريكي) في الخليج، منذ ما يزيد على 60 عاماً".
وأشارت الدراسة إلى اتفاقية الدفاع الرسمية التي تم توقيعها ين البلدين عام 1991، واعتبار البحرين حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة من غير الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وأن هذا التصنيف للبحرين كحليف رئيسي للولايات المتحدة خارج حلف (الناتو) يتيح للبحرين شراء نظام أسلحة متقدم جداً. لكن انتهاك حقوق الإنسان دفع ببعض أعضاء الكونجرس، منذ عام 2011 إلى توجيه الانتقاد للسلطات البحرينية. وعلقت الإدارة مبيعات أسلحة للبحرين مثل عربات مسلحة، وأسلحة مضادة للدبابات، وأسلحة خفيفة، ربما يجري استخدامها ضد المتظاهرين، لكن الإدارة الأمريكية أعلنت في مايو 2012 أنها ستستمر في بيع البحرين الأسلحة التي تحتاجها للدفاع عن نفسها ضد تهديد خارجي.
وفيما يتعلق بالقاعدة البحرية الأمريكية في البحرين، وهي مقر قيادة الأسطول الأمريكي الخامس، أوردت الدراسة نفياً رسمياً لتقارير ذكرت أن البعض في الكونجرس وخارجه دعوا الولايات المتحدة للبدء في بحث مواقع بديلة لمقر قيادة الأسطول الخامس في البحرين، في ظل التوقعات باحتمال عدم الاستقرار. وأوردت الدراسة تصريحاً في بيان رسمي للبحرية الأمريكية في 22 يوليو 2011، نفت فيها ما ورد في تلك التقارير، إلا أن الدراسة أشارت إلى أن البدائل المحتملة لمقر القيادة في البحرين هي ميناء الدوحة الجديد في قطر، الذي سيتم افتتاحه عام 2016، أو ميناء الشعيبة في الكويت، أو ميناء جبل علي في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وورد في الدراسة أن القوات الأمريكية تقوم بتنفيذ برنامج منشآت في البحرين بقيمة 850 مليون دولاراً، وبدأ العمل به في مايو 2010، وينتهي إنجاز جميع مراحله في عام 2015. وان هذه المنشآت ستكون قادرة على خدمة ورسو السفن البحرية الكبرى.
وجاء في الدراسة أن البحرين المنهمكة بأزمتها الخاصة، انضمت إلى دول أخرى في مجلس التعاون الخليجي في جهودها لحل أزمات سياسية في ليبيا وسوريا واليمن، وانضمت إلى المنتقدين بشدة لانضمام حزب الله اللبناني الموالي لإيران، للقتال إلى جانب النظام السوري ضد معارضيه.
وأشارت الدراسة إلى أن ما يؤجج الانتفاضة في البحرين، انها البلد الأفقر بين دول مجلس التعاون الخليجي، مما لا يمكن الحكومة البحرينية من تحسين مستويات الحياة المعيشية للمواطنين.