يعقوب سيادي
ثلاثون عاماً مضت على إنشاء مجلس التعاون الخليجي بتواتر القمم السنوية، ولم يكن للشعوب الخليجية، نصيب فيها إلا التحسر، فالإنسان الخليجي البسيط، محروم من التمتع بواحد من المليون من ثروات وطنه، التي تهدرها بعض السلطات الخليجية، إما في الفساد والسرقات، وإما في البذخ فائق الحدود لشراء الذمم، سواء في الداخل أو الخارج، في مجالات الموالاة والعلاقات العامة.
ثلاثون عاما وما ناب مواطني الخليج إلا السفر فيما بين دول الخليج بالبطاقة عوضا عن جواز السفر، مع تسجيل الدخول والخروج، وعند المخارج الحدودية لدول الخليج، ينتظر المواطن رجال الجمارك، بمهنتهم التي رسمتها كل دولة خليجية على حدة لموظفيها، فلله درها حين تحتسب الضرائب على التجارة البينية بينها، ودافع الضريبة هو المواطن الخليجي من الدرجة العاشرة، لأن الدرجات التسع الباقية والمعفاة من مثل تلك الضريبة، محسوبة على الحكومات الخليجية، وقس على ذلك ما شئت من نتاج التعاون الخليجي.
«التعاون الخليجي»، أكبر ما حققه على مدار الثلاثين عاماً، الاتفاقية الأمنية، التي هي في حقيقتها اتفاقية أمنية سياسية!
هذه الاتفاقية تلاحق غالبية مواطني الدول الخليجية، إلا القلة ذوي الدرجات التسع المحسوبة على الأنظمة في كل دولة، بما يطال المنع عليهم من دخول باقي دول الخليج.
فجاءت فكرة الاتحاد الخليجي، في آخر قمة عقدت في السعودية، بل وزادت عليها بدعوة المغرب والأردن.
اللافت للنظر في فكرة الاتحاد، أنه بين دول تتماثل في أمر واحد، نظام الحكم، فما مرامي مثل هذا الاتحاد؟ وقبله ما هي مقوماته؟
المقومات، لا نرى لها أثراً شعبياً، ولكن الحكام يرون ما لا تراه شعوبهم! فليست هناك دولتان تتشابهان في الأداء الخدمي الداخلي، الإمارات وقطر تبذخ في تلبية عيش مواطنيها، على خلاف البقية التي أفضلها الكويت وعمان بالتفاوت، وفي العلاقات الجغرافية فيما بينها، وهناك مشاكل الحدود ايضا.
هناك أمر واحد كان مشتركا بين جميعها، هو العداوة للدولة الجارة إيران، ومن بعد الاتفاق العالمي على الملف النووي الإيراني، انخرط هذا العقد.
هل الاتحاد سيقتصر على دولتين فقط من بعد إعلان عمان والكويت، صراحةً، رفضهما للاتحاد، وعزمهما على الخروج من مجلس التعاون إذا لزم الأمر، وما موقف قطر والإمارات ببعيد عن موقف عمان والكويت، وخاصة أن المسئولين السعوديين، أعلنوها أن الاتحاد سيقوم بعمان أو بدونها، وماذا عن أن تعداد «بدونها» بدأ يتسع؟
ثم ان الاتحاد، يكون له سلطة تنفيذية وتشريعية وقضائية اتحادية، فمَن سيتنازل لمَن؟ ومَن سيُطَوِّع مَن، فيما يتعلق بهذه السلطات؟
شعوب الخليج لها طموح في الاتحاد، هذا الاتحاد يبدأ من التنفيذ الفعلي لنظام الدولة المدنية الحديثة، وتنفيذ أول مبادئها الأساسية، الشعب مصدر السلطات جميعا، فلتبدأ كل دولة من الدول الراغبة في الاتحاد، بتنفيذ ذلك، وجعله قائماً لمدة ثلاثين عاماً، لتمتحن الشعوب مصداقية حكامها، ثم يأتي الحديث عن الاتحاد.
وإلا الله أكبر عليكم، لقد جعلتم خليجنا ليس بواحد، وشعبنا ليس بواحد، وما في تغنِّيكم بعكس ذلك عند عقد كل قمة خليجية، إلا ما يضحكنا نحن شعوب الخليج.