منصور الجمري
انعدام الاحترام في أي مجتمع ليست سمة حضارية، والأسوأ من ذلك أن يتنافس المسئولون والكتّاب وغيرهم في التنابز بالألقاب ولصق الاتهامات وتوزيع الشتائم بصورة بعيدة عن اللياقة والكياسة. وعلى رغم أن انعدام الكياسة ينعكس مباشرة على الشخص ذاته، إلا أن كثرة ذلك وتحوُّله إلى ظاهرة في الأوساط الرسمية والشعبية يُعبِّر عن حالة منخفضة في الفكر والممارسة، وقد أصبحت الآن هناك صناعة متكاملة لإطلاق التصريحات غير الذكية، إلى الدرجة التي أصبحت مادة للسخرية.
إن انعدام الكياسة تحوَّل إلى امتهان لخطاب الكراهية على جميع المستويات، وهذا مخالف للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي اعتمدته البحرين في العام 2006 (بحكم قانون 56 لسنة 2006)، والذي تنص المادة 20 منه «تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف».
لقد اعتمدت المفوضية السامية لحقوق الإنسان ما يسمى بـ «خطة عمل الرباط» في العام الماضي بشأن حظر الدعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية التي تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف، وذلك بعد أن اعتمدت النتائج والتوصيات المنبثقة عن سلسلة من حلقات عمل للخبراء في مختلف مناطق العالم، بهدف التصدي للتحريض على الكراهية. وكانت من استنتاجات خطة عمل الرباط «أن أفراداً وجماعات عدة قد عانوا بسبب عرقهم أو دينهم، من مختلف أشكال التمييز أو العداوة أو العنف… ومن التحديات الهامة في هذا الصدد احتواء الآثار السلبية لاستغلال العنصر والأصل العرقي والدين والحماية من إساءة استخدام مفهومي الوحدة الوطنية والهوية الوطنية اللذين يُستخدمان أحياناً كأدوات انتهازية لغايات شتى منها المصالح السياسية والانتخابية».
إن ما يثير القلق أن خطاب الكراهية ليس فقط أصبح مقبولاً، وإنما هناك نوع من التسابق والتفاخر والتلون، إذ أن دعاة الكراهية يتحدثون باسم جهة رسمية تارة، أو باسم الوحدة الوطنية تارة أخرى (رغم أنهم يضربون مفهوم الوطن)، أو أنهم يتحدثون باسم طائفة أو فئة… ونتيجة كل تلك السياقات واحدة وهي عدم احترام الآخر، والتحريض على النيل منه بكل ما توافر من وسائل وإمكانات. إن تثبيت هذا النهج المخالف للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يعيق أي توجُّه لإصلاح الأمور.