هاني الفردان
يقول المفكر والباحث والداعية الإسلامي طارق سويدان «أعلم يقيناً أن عدة دول خليجية وغيرها لديها غرف عمليات إلكترونية للكتابة في (تويتر) وغيره وأحياناً بأسماء نسائية لتمجيد أنظمتها وتشويه الآخرين».
قبل عام تقريباً كان التحريض على المواطنين المطالبين بالحرية والديمقراطية رسمياً وعبر جهات رسمية ووسائل إعلام حكومية بلا استثناء ولا استحياء، عبر برامج ومحاكمات علنية شارك وساهم فيها نواب وإعلاميون، حاكموا فيها مباشرةً مواطنين وأطباء ومعلمين ورياضيين ومثقفين، وغيرهم من أبناء هذا الوطن.
تلك المحاكمات التلفزيونية تطرّق لها تقرير لجنة تقصي الحقائق بشكل واضح وجلي حتى أفرد لها توصية خاصة، وهي التوصية رقم (17) حيث أكد أن اللجنة خلصت إلى أن «معظم المواد المذاعة على التلفزيون احتوت على لغة مهينة وتغطية مثيرة للأحداث، وأن بعضاً منها كان مسيئاً للسمعة، ولكن اللجنة لم تعثر على أدلة حول تغطية إعلامية تنطوي خطاب مفعم بالكراهية. وإن كانت اللجنة قد انتهت إلى حدوث حالات تشويه للسمعة ومضايقات، بل وتحريض في بعض الأحيان من خلال مواقع الشبكات الاجتماعية. وقد استُهدف الصحافيون الموالون والمعارضون للحكومة على حد سواء من خلال هذه المواقع».
الآن وبعد تقرير لجنة تقصي الحقائق وما خلص إليه، لم يكن لدى التأزيميين سوى الهروب من هذا الأمر إلى خصخصة التحريض، ونقل المهمة من الإعلام الرسمي إلى الجهات الخاصة ووسائله المتعددة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو المواقع الخاصة. والشواهد كثيرة وأصوات النشاز مازالت مستمرة ولكن عبر قنوات إعلامية ليست رسمية بل أهلية.
الشخوص المؤزّمة والمحرّضة ذاتها في مرحلة ما قبل تقرير لجنة تقصي الحقائق مازالت موجودة، وتلعب الدور ذاته ولكن عبر نقلها لمؤسسات وجهات خاصة. والمعلومات المتناقلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الأطراف السابقة ذاتها مازالت تعمل بالمنهجية ذاتها، فهي تحصل على موادها الإعلامية عبر قنوات «مجهولة»، لكنها واضحة المعالم، فبعد وقوع الحدث بلحظات وقبل أن تعلن الجهات الرسمية عنه، تجدهم سردوا القصة كاملة، بكل تفاصيلها، بل في بعض الأحيان يشيرون للمتهمين فيها أيضاً!
تلك المعلومات «السرية»، لا تصدر من شخوص عادية، بل لها ارتباط وثيق بالجهات «المجهولة»! مقاطع مصورة تنشر لا يمكن تصويرها إلا من خلال أجهزة إعلامية محترفة، قادرة على الوصول إلى هذه الزاوية من الحدث.
ربما خير دليل على ذلك التعاون مع ما بثه موقع إلكتروني لحادثة نساء «الستي سنتر» وكيف كان تصوير عملية اعتقال النساء وكيف كان المصور يسير مع رجال الأمن، ومن ثم يبث التسجيل عبر مواقع إلكترونية خاصة.
مقاطع جديدة بثت مؤخراً على الموقع ذاته، أعادت لنا ذاكرة برامج «الدوّيحات»، حيث توضع دوائر على صور من يشارك في المسيرات أو تواجد في دوار «اللؤلؤة»، ها هي تعود من جديد بحلة جديدة عبر مواقع «أهلية»، ولكن بالمنهجية ذاتها، ولكن بتسجيلات ومقاطع مصورة بصورة «محترفة»!