سوسن دهنيم
مازال عدد العاطلين عن العمل في شتى المجالات في المملكة يزداد، حتى بات التخرّج مشكلةً لدى بعض المواطنين ممن يرون زملاءهم في نفس التخصص يبحثون عن وظيفة من غير جدوى.
ومع افتتاح الجامعات الخاصة في البحرين ازداد عدد العاطلين الجامعيين لأسباب متعددة، أولها التمييز في التوظيف، وليس آخرها سوء توزيع المناصب الوظيفية واستمرار فتح باب الدراسة في المجالات التي تشهد اكتفاءً بحسب تصريحات المسئولين حين يُسَاءَلون عن سبب الأعداد الكبيرة من العاطلين من حملة الشهادات الجامعية في تخصصات بعينها.
تخصّص العلاج الطبيعي يعد مثالاً واضحاً في هذه الأزمة؛ إذ يكاد بعض العاطلين من خريجي هذا التخصص ينهون عامهم الخامس من غير وظيفة، وهي بالمناسبة مدة تفوق مدة دراستهم الجامعية التي قضوها في التعب والجد والمثابرة والسهر.
ولكي لا ينسوا ما تعلموه فقد عمل بعضهم كمتطوعين في مستشفى السلمانية إلى أن أصيبوا بالملل من عدم التقدير والمماطلة في التوظيف، فقرّروا أن يتوقفوا عن العمل لانعدام المردود المادي والمعنوي، فيما توجّه آخرون إلى دراسة تخصصاتٍ أخرى قد تشفع لهم في التوظيف، ولو خسروا السنوات التي قضوها من أعمارهم في دراسة هذا التخصص في حين لا يمكن لشيء أن يعوّض سنوات العمر.
ما يحدث مع خريجي هذا المجال يجعلنا نتساءل بكثير من الاستغراب: لماذا مايزال هذا التخصص مفتوحاً في جامعة البحرين وبعض الجامعات الخاصة، في الوقت الذي يصل عدد العاطلين عن العمل من خريجيه إلى المئات؟ هذا السؤال يفرض نفسه لو افترضنا جدلاً أن هنالك اكتفاءً فعلياً في التخصص، ولا يوجد لكوادره حاجة في المستشفيات التي تغطي كل الطلب بما لديها من كوادر.
لكن وضع قسم العلاج الطبيعي في السلمانية والمراكز الصحية النادرة التي تقدم هذه الخدمة للمرضى يجعلنا نتساءل: مع وجود كل هذا النقص في الموظفين والتأخير في العلاج وعدم وجود الأماكن الكافية لاستيعاب مرتادي القسم، لماذا لا يتم توظيف عددٍ أكبر لتغطية هذا القصور، خصوصاً إذا ما عرفنا أن معظم المحتاجين للعلاج الطبيعي من فئات كبار السن وذوي الإعاقة؛ فالمسن لا يستطيع انتظار دوره كل هذا الوقت؟
وما الضير من فتح أقسام للعلاج الطبيعي في جميع المراكز الصحية المنتشرة في مناطق البحرين؟ إذ كثيراً ما يعاني هؤلاء المرضى من مشكلة المواصلات التي قد تُحلّ لو قربت المسافة وتقلصت إلى المركز الصحي الموجود في نفس المنطقة.
ومع ما وصلنا بخصوص الكثير من المقترحات التي قدمها بعض أفراد الطاقم الطبي لتطوير قسم العلاج الطبيعي في مستشفى السلمانية، نتساءل عن الجدوى من طلب هذه المقترحات إن لم تنفذ، خصوصاً أنها تعتبر معقولةً من حيث المتطلبات والمصروفات نسبةً إلى المبالغ التي تهدرها وزارة الصحة على إيجار مبناها الجديد مثلاً، وهي التي تمتلك مبانٍ بالإمكان تطويرها لتوفير قيمة الإيجارات في تقديم خدمات صحية أفضل، ليصبح قسماً يقدّم الكثير من الخدمات سهلة الوصول إلى المرضى، كتحويل القسم إلى قسمٍ للتأهيل الشامل، يضم دوائر متخصصة في العلاج الطبيعي وعلاج مشاكل النطق والحركة والعظام وغيرها، ويوظّف فيه المتخصصون في كل مجال من غير الحاجة إلى عمل قوائم انتظار أو إلى إجهاد المتخصص في هذا المجال أو ذاك. وبهذا تحل مشاكل المرضى والعاطلين عن العمل والموظفين الحاليين.