«خربطة» قضية المفصولين
هاني الفردان
ليس صعباً أن تكتشف أن ما يحدث بشأن قضية المفصولين هو «خربطة» على كل الأصعدة، لجان كثيرة وأحاديث وتصريحات، سبقتها توصيات وتقارير، ومراجعات لقوائم منذ أشهر طويلة والنتيجة كانت واحدة: لا شيء تحقق على أرض الواقع.
آخر التخريجات هي الازدواجية الحالية التي تعيشها القضية بين لجنتين، الأولى اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق والتي أوكلت مهمة المفصولين إلى رئيس اللجنة علي الصالح لمتابعة التوصيات مع الطرفين المعنيين (ديوان الخدمة المدنية ووزارة العمل)؛ واللجنة الثانية هي تلك المتعلقة بتوصيات منظمة العمل الدولية والتي أمر وزير العمل جميل حميدان بتشكيلها قبل أيام من أطراف الإنتاج لمراجعة قوائم المفصولين، وبالطبع هذه اللجنة لن تفتح باب المسرّحين في القطاع العام بحسب اعتقادي.
الخريطة تكمن في ازدواجية العمل، فعندما تنتهي اللجنة الوطنية من النظر في القضية سيُقال لها انتظري النتائج النهائية للجنة الثلاثية التي شكلها وزير العمل، والتي من المفترض أن تسلم تقريرها النهائي لمنظمة العمل الدولية في فبراير/ شباط المقبل، بمعنى «نطري يا حريقة سار لما يجي الماي من الحنينية».
مشهد المفصولين سيشهد التسويف والتمطيط، إذ إن الواضح من المجريات الواقعة هو خلق حالة من الاهتمام وتشكيل اللجان لإضاعة القضية ضمن مفهوم الاهتمام المفرط ولجان التحليل والمتابعة والتنفيذ والدراسة وغيرها.
الأمر الآخر في قضية المفصولين والذي يثير التساؤل، هو رفض السلطات تنفيذ أي اعتصام للمفصولين أمام ديوان الخدمة المدنية بحجة عدم مناسبة المكان والزمان، وقبولها بذلك أمام وزارة العمل.
الواقع يقول إن وزارة العمل أكبر شأناً من ديوان الخدمة المدنية، إلا أن الدولة سترفض أي اعتصام أمام الخدمة المدنية لسبب واحد فقط، وهو أن قبولها بذلك يعني اعترافها بوجود مفصولين من قبلها في القطاع العام، وهو الأمر الذي دأبت على نكرانه ورفضه، لتحصر عمليات الفصل فقط في القطاع الخاص، وتنكرها في العام.
الواقع يقول أيضاً إن الجهات الرسمية غير جادة في إرجاع مفصوليها إلى العمل، ويتضح ذلك من خلال عدم الاستجابة لتوصيات لجنة تقصي الحقائق، وخروج وزارات ومنها وزارة الصحة مثلاً لتأكيد ذلك وتمسكها بعدم إرجاع أي مفصول إلا بعد صدور كلمة القضاء في القضية المنسوبة إليه، متجاهلةً بذلك المبدأ القانوني الذي يقول «المتهم بريء حتى تثبت إدانته»، وبالتالي لا يمكن أن توقع عليه عقوبة قبل حكم القضاء.
خربطة الجهات الرسمية في قضية المفصولين سيحرجها كثيراً، فلا يوجد أي تصريح لزائر أجنبي للبلد إلا وكان موضوع المفصولين أحد أولوياته الرئيسية، وضمن أجندته العملية.
قضية المفصولين لم تبق على حالها محلية بل أصبحت لها أبعاد عالمية كبيرة، أثرت وستؤثر على سمعة البحرين، في مختلف المناحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
فلا تحتاج هذه القضية إلى الكثير من «الخربطة» واللجان المقصودة لإضاعة الوقت، وتشتيت فرص العودة، فالحقوق أصبحت تنتزع ولا تعطى، وسيعود جميع المفصولين إلى أعمالهم رافعين رؤوسهم وبكامل حقوقهم، وسيطالبون بمحاسبة كل من تسبَّب في فصلهم وظلمهم
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3388 – السبت 17 ديسمبر 2011م الموافق 22 محرم 1433هـ