بقلم د. عبد الواحد الجصاني
بسم الله الرحمن الرحيم "لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ" الأنفال/8
اولا: تحية لشعب العراق ومقاومته الباسلة ورمزها الشهيد صدام حسين الذي جعل الغزاة يولون الدبر وأطلق تحوّلات تاريخية في العلاقات الدولية أولها إنهاء نظام القطب الواحد الدولي وتحفيز حركة الشعوب ضد الطغيان الأمريكي والعولمة الرأسمالية والصهيونية العالمية والنخب الفاسدة الحاكمة في الغرب، وما تقرير تشيلكوت إلاّ إحدى هذه النتائج والقادم اكبر بعون الله.
ثانيا: أدناه العناصر الأساسية لتقرير تشيلكوت:
· تشكلت لجنة شيلكوت عام 2009، وكلّفت بالإجابة على سؤالين شغلا الرأي العام البريطاني، وهما: هل كان صحيحا وضروريا غزو العراق؟ وهل كان على بريطانيا ان تستعد بصورة أفضل لمرحلة ما بعد الغزو؟
· ولاية لجنة تشيلكوت لم تكن قضائية ولم تباشر تحقيقا قضائيا، وأعضاء اللجنة ليسوا محامين أو قضاة، والسير جون شيلكوت، رئيس اللجنة، هو موظف حكومى سابق، وصرح عند عرض التقرير يوم 6/7/2016 بالقول: «لم أعرب عن وجهة نظر حول ما إذا كان العمل العسكرى قانونياً أم لا»، ومع ذلك فإن التقرير بالوثائق والوقائع التي تضمنها يعطي للقانونيين مادة رصينة لإثبات أن غزو وإحتلال العراق غير شرعي وينتهك القانون الدولي، وبما يفتح الباب واسعا لمحاسبة بريطانيا والولايات المتحدة واستراليا على جريمة العدوان على العراق، وتحميل هذه الدول الثلاث المسؤولية القانونية عن هذه الجريمة وعن بقية جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة التي ارتكبت خلال العدوان والإحتلال.
· استعرض تقرير تشيلكوت وقائع وتقارير ومقابلات ووثائق ومحاضر اجتماعات مجلس الوزراء ومكالمات هاتفية، كثير منها كانت سريّة لحد نشر التقرير، واستجوب 120 شاهداً بريطانيين وغير بريطانيين بضمنهم بلير وهانز بليكس، وهذه الوثائق والوقائع هي مصدرغني للباحثين والقانونيين والسياسيين للتعرف على تفاصيل أكبر عملية خداع في العصر الحديث. ومطلوب من المثقفين والسياسيين العرب قراءة هذا التقرير بتمعن وإستخدام معطياته لتنوير الرأي العام وللدعوة لمحاسبة المعتدين وضمان العدالة للضحايا.
· يتكون تقرير تشيلكوت من (14) مجلدا، معدل صفحات كل مجلّد (500) صفحة، إضافة الى جزء تمهيدي تضمن خلاصة موجزة (ُexecutive summery) للتقرير مكونة من (150) صفحة إستعرضت بشكل موجز مضمون الأجزاء الأربعة عشر للتقرير، بدءا من إستراتيجية بريطانيا قبل نشوب الصراع ثم قرار بلير دعم العمل العسكري الأمريكي والتساؤلات حول هل كان العراق يمثل خطرا داهما، ثم آلية اتخاذ القرار في مجلس الوزراء البريطاني وكيف تلاعب بلير بهذه الآلية لصالح رغبات بوش، ثم مناقشة الأسس القانونية للتدخل العسكري في العراق وكيف جرى تضخيم موضوع أسلحة الدمار الشامل العراقية ثم مرحلة ما بعد الإحتلال ومشاركة بريطانيا في إدارة العراق المحتل والأخطاء التي ارتكبت، والمشاكل التي تفاقمت وقادت الىمرحلة الإنسحاب من العراق، وفي نهاية الخلاصة أوردت اللجنة استنتاجاتها وتقييمها للدروس المستفادة.
· استنتاجات اللجنة إستخدمت أكثر الصياغات الدبلوماسية تحفظا في وصف أبشع جريمة عدوان في التاريخ المعاصر، لكن هذه الصياغات المخففة لم تؤثر على المضمون، فعندما تقول اللجنة أن بريطانيا ذهبت إلى الحرب قبل أن تستنفد الخيارات السلمية، وأن الفعل العسكري لم يكن الملاذ الأخير، وأن غزو العراق استند إلى معلومات وتقييمات استخبارية واهنة ولم يتم تحدّيها واختبارها، وإن المبرر القانونى للعمل العسكرى البريطانى فى العراق لم يكن مرضياً، وأنه أضر بمصداقية مجلس الأمن، فكل هذا الكلام، مدعوما بالوثائق والأدلة، يعني بلغة القانون الدولي أن بريطانيا استخدمت القوة ضد العراق لا دفاعا عن النفس ولا بتخويل من مجلس الأمن وأن هذا الإستخدام للقوة غير مشروع، وإن غزو العراق وإحتلاله، بموجب هذا التعريف، هو عمل من أعمال العدوان.
· رسالة رئيس اللجنة الى رئيس الوزراء ديفيد كاميرون التي احال له فيها التقرير، والمنشورة في صدر الخلاصة الموجزة، تضمنت قوله: (قدمت عرضاً محايدا وعادلا ودقيقا للأحداث وقدمت إستنتاجاتنا عنها، وان للقاريء أيضا أن يكوّن إستنتاجاته). أي ان رئيس اللجنة لا يريد أن يفرض إستنتاجاته على القاريء، وذلك إقرار ضمني بإن صياغات استنتاجاته ليست ملزمة لغيره.
ثالثا: تقرير تشيلكوت اقتلع، بالوثائق والوقائع، جذور الأكاذيب التي قام عليها مشروع الإحتلال وكذلك إقتلع الشرعية الزائفة للنظام السياسي المنشأ في العراق بعد الإحتلال، وبناء عليه، وبموجب القانون الدولي، فإن جميع ما يترتب على الإحتلال غير المشروع هو غير مشروع، وإن جميع الإجراءت والقوانين والهياكل السياسية والتشريعية المنشأة في الدولة المحتلة لاغية وباطلة ولا أثر قانوني لها ولا يجب الإعتراف بها كلا أو جزءاً، كونها تشكل عدوانا وإغتصابا للسلطة الشرعية القائمة قبل الاحتلال.
إن تأكيد هذه الحقيقة والتمسك بها ضروري عند بحث اية تسوية سياسية لقضية العراق، ومطلوب، بقوة القانون، اعادة السلطة الى شعب العراق، وإزالة جميع مخلفات الإحتلال من مؤسسات سياسية وتشريعية وادارية، وفي مقدمتها قوانين بريمر ودستور نوح فيلدمان والبرلمان والحكومات الطائفية المتعاقبة.
رابعا: حال صدور تقرير تشيلكوت بدأت منظمات دولية وإقليمية كثيرة تحركا سياسيا لمحاكمة مجرمي الحرب بوش وبلير، وإتجهت الأنظار نحو المحكمة الجنائية الدولية كونها الهيئة القضائية الدولية المختصة بالنظر في جريمة العدوان وما ينتج عنها ويلحق بها من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية. ولكون تحريك الدعوى الجنائية أمام هذه المحكمة يتم إمّا بناءً على طلب يتقدم به مجلس الأمن الدولي أو إحدى الدول الأطراف أو غير الأطراف، وهو أمر يصعب حصوله في ظل الموازنات السياسية الدولية القائمة، فإن الخيار المتاح هو قيام المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بإجراء تحقيق في إحدى الجرائم المذكورة في ميثاق المحكمة بناء على المعلومات المتوفرة لديه. وبناء عليه، مطلوب حث المنظمات القانونية والإنسانية الدولية والإقليمية على تزويد المدعي العام بالتفاصيل الواردة في تقرير تشيلكوت والطلب منه تحريك الدعوى، وتشكيل رأي عام دولي ضاغط بهذا الإتجاه.
وهذا الجهد، إضافة الى هدفه النبيل بانصاف ضحايا العدوان، فإنه يرمي الى تصحيح الخلل في المؤسسات الدولية القائمة، ومنها المحكمة الجنائية الدولية، المتمثل في الانتقائية والمعايير المزدوجة، والتي من أمثلتها الصارخة صدور مذكرة قبض بحق الرئيس السوداني عمر البشير بدعاوى ذات اغراض سياسية، بينما يترك مجرمو الحرب بلير وبوش وهيوارد طليقين!
وعلى مستوى مواز، فإن من المناسب تنشيط عمل المحاكم الشعبية لمحاكمة مجرمي الحرب، ومنها محكمة بروكسل ومحكمة كوالالامبور ومحكمة القاهرة، وكانت هذه المحاكم قد ادانت بوش وبلير في محاكمات شعبية سابقة، واليوم يوفر تقرير تشيلكوت مادة قانونية راسخة لمحاكمة جديدة سواء في هذه المحاكم او في محاكم شعبية أخرى.
ويبقى الجهد الإعلامي وتحشيد الرأي العام عنصرا اساسيا في الحراك الدولي لمحاكمة مجرمي الحرب ولإنهاء ثقافة إفلات مرتكبي الإنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي من العقاب، وإنهاء الإنتقائية والمعايير المزدوجة في العلاقات الدولية، وهناك مؤشرات مبشرة على ذلك تتمثل في الوعي المتصاعد لدى شعوب الغرب بالحاجة الى المشاركة الفعلية في صنع القرار وإجراء تغيير جذري على (الديمقراطية) الغربية التي تزيف ارادة شعوبها، والتمرد على حكم النخبة الغربية العدوانية الفاسدة والمتغطرسة التي تقود العالم الى حروب عبثية غير مشروعة مبنية على التزوير والكذب وتلعب بمصائر شعوبها في زمن الرعب النووي.
خامسا: تقرير تشيلكوت يعزز حق العراق بالمطالبة بالتعويض عن الأضرار الناتجة عن العدوان الأمريكي البريطاني الاسترالي على العراق، وهذا الحق لا يسقط بالتقادم ولا يحق لأية جهة سياسية عراقية المساومة عليه أو التنازل عنه. هذه الدول الثلاث مسؤولة، بموجب القانون الدولي، عن اية خسارة مباشرة أو ضرر مباشر، بما في ذلك الضرر اللاحق بالبيئة، وإستنفاذ الموارد الطبيعية، نتيجة غزوها وإحتلالها غير المشروع للعراق، وأيضا مسؤولة عن الضرر الواقع على الحكومات الأجنبية أو رعاياها أو شركاتها نتيجة هذا الغزو والإحتلال. وإذا كانت المطالبة بالتعويض وفق الآليات الدولية القائمة مؤجلة الآن لحين تحرير العراق من شراذم الإحتلال، فإن الحكومات الأجنبية ورعاياها وشركاتها تستطيع تأكيد حقها المبدئي بالتعويض إستنادا الى تقرير تشيلكوت، وأن تنظر في الآليات المناسبة لتثبيت حقوقها.
إن الأضرار البشرية والمادية التي لحقت بالعراق نتيجة هذا العدوان تفوق اي اضرار تعرضت لها دولة واحدة منذ الحرب العالمية الثانية. المسح الميداني الذي أجرته منظمة ORB البريطانية عام 2007 توصلت بموجبه إلى أن الضحايا من العراقيين المدنيين لغزو العراق كانوا 1.2 مليون مواطن نصفهم كانوا ضحية القصف الأمريكي، أي بما يفوق ضحايا هيروشيما وناغازاكي وضحايا فيتنام، بل وضحايا إستخدام جميع انواع أسلحة الدمار الشامل على مدى التاريخ. واليوم تجاوز عدد الضحايا العراقيين مليوني ضحية، ناهيكم عن الخسائر المادية وتدمير البنى التحتية وركائز الإقتصاد والبيئة في العراق. وإذا كانت المحاكم الأمريكية قد اقرت تعويضات بمليار دولار للطيارين الأمريكان الذين أسروا خلال عدوان أمريكا على العراق في عام 1991 وبقوا في الأسر عدة أسابيع فقط، وأقرت ملياري دولار لضحايا لوكربي، فكم ستقر لمليوني شهيد ولثلاثين مليون عراقي من الأحياء الذين تضرروا جميعا تهجيرا ونزوحا وفقدان للأهل والأحبة وفقدان مصدر الرزق وبقية ويلات العدوان على العراق!
وبهذا الصدد، يجب الحذر من تسويف مبدأ التعويض من خلال قيام محاكم بريطانية بالتحقيق في دعاوى فردية يقدمها مواطنون عراقيون عن تعرّضهم لإنتهاكات من جنود أو متعاقدين بريطانيين خلال الإحتلال البريطاني للعراق. فهذه الإنتهاكات الفردية هي جزء من كلّ، والأصل هو مسؤولية الدول عن الإنتهاكات والتعويض عن الأضرار التي سببتها.
سادسا: فيما عدا تصريح باهت لوزير الخارجية الايراني السابق كمال خرازي قال فيه انه نصح البريطانيين (بعدم المشاركة في هذه الحرب)، لم يصدر عن الحكومة الايرانية ولا عن مكتب المرشد الاعلى أي تعليق على تقرير تشيلكوت، وواضح أن ولاية الفقية ليست سعيدة بتقرير تشيلكوت، لإنها شريكة في عملية إحتلال العراق، وأن التقرير يؤكد نفي الشرعية عن الإحتلال والمتعاونين معه، ويعرّض إيران لمساءلة قانونية عن جرائمها وجرائم ميليشياتها في العراق، خاصة وان تقرير تشيلكوت يأتي بعد ثلاثة أشهر من صدور مذكرات زلماي خليل زاد بعنوان (The envoy) والتي كشف فيها تفاصيل الإجتماعات السرية بين واشنطن وطهران منذ مطلع سنة 2003 للتحضير لإحتلال العراق، كما كشف عن التنسق الجاري بين الطرفين منذ ذلك الوقت حول إدارة العراق المحتل، وهو أمر لم تنفه ولاية الفقيه، بل تفاخر به نائب رئيس جمهورية ايران السيد ابطحي ومسؤولون ايرانيون آخرون.
وبناء عليه، فمن المناسب إقامة محكمة شعبية عربية تتخصص في محاكمة شخصيات مننظام ولاية الفقيه على دورهم في جريمة العدوان ضد العراق.
سابعا: بعد صدور تقرير تشيلكوت قال السفير البريطانى الأسبق لدى الأمم المتحدة، جيريمى غرينستوك إنه يعتقد أن الأمريكيين دفعوا رئيس الوزراء الأسبق تونى بلير لخوض حرب العراق، وهذا التصريح هو تعبير عن الإحباط نتيجة خداع بلير له شخصيا، فالسفير غرينستوك التقى وفدا عراقيا مكونا من السفير سعيد الموسوي واللواء المهندس حسام محمد أمين في مقر البعثة البريطانية لدى الامم المتحدة في نيويورك نيويورك يوم 20/9/2002، وقال في اللقاء إن رئيس الوزراء توني بلير طلب منه ان ينقل للوفد العراقي أن بلاده تعارض سياسة امريكا في تغيير النظام في العراق وأنها تسعى لثني أمريكا عن هذه السياسة، وأن ما تريده بريطانيا من العراق هو نزع الأسلحة فقط ولا شيء غير ذلك. وكشف تقرير تشيلكوت أن توني بلير كان يوجّه سفراءه بسياسة ويعمل بسياسة مغايرة، فقد وجّه في 12 يوليو/تموز 2002 (أي قبل لقاء غرينستوك مع الوفد العراقي بشهرين) رسالة للرئيس الأميركي جورج بوش تعهد فيها بالوقوف الى جانبه في جميع الظروف والأحوال، وبلير يعرف ان سياسة بوش الثابتة منذ 12/9/2001 هي الإعداد لغزو العراق.
إن تداعيات تقرير تشيلكوت على السياسة الداخلية البريطانية ستتواصل ومطلوب ان تساهم الدول العربية والسياسيون العرب في العمل مع السياسيين والمثقفين البريطانيين على معالجة الخلل الذي خلقه تحالف بوش وبلير وهيوارد الشيطاني، وتصحيح سياسة بريطانيا تجاه المنطقة العربية بشكل عام وتجاه العراق بشكل خاص.
ثامنا : ضمن كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 19/9/2002 قرأ وزير الخارجية الدكتور ناجي صبري رسالة من الرئيس صدام حسين الى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة قال فيها (تريد الولايات المتحدة أن تدمر العراق من أجل ان تسيطر على نفط الشرق الأوسط وبالتالي تسيطر على سياسة العالم كله)، ووقتها اعترض الأمريكان والبريطانيون قائلين ان لا طمع لهم بنفط العراق، وأن هدفهم من الغزو هو ازالة صدام واسلحة الدمار الشامل وإقامة نظام ديمقراطي في العراق.
ويأتي تقرير تشيلكوت ليكشف بالوثائق أن النفط كان هدفا أساسيا من أهداف الغزو، وان الحكومة البريطانية عقدت محادثات مع شركتي شل وبريتش بتروليوم للتأكد من ان هذه الشركات النفطية البريطانية جاهزة لأخذ عقود بترولية جديدة بعد غزو العراق، كما تضمن التقرير رسالة من وزير الخارجية البريطاني جاك سترو لرئيس الحكومة توني بلير تعطي الإنطباع بأن حرب 2003 كانت في جزء منها بدوافع نفطية، ووثيقة أخرى يقول فيها احد الدبلوماسيين البريطانيين ان على الحكومة البريطانية ان تتهيأ لضمان حصول الشركات البريطانية على عقود نفطية بعد انتهاء الحرب. وفي وثيقة اخرى يتحدث توني بلير عن التأثير المنتظر للحرب على اسعار النفط باعتبار أن هذا الموضوع ذو اهمية خاصة لبريطانيا، وكيف انه سيعمل مع الادارة الامريكية على هذا الموضوع الحيوي.
تاسعا : إن بعض دورس تقرير تشيلكوت تلقي الضوء على خطأ بعض السياسات العربية، فقبول السلطة الفلسطينية والجامعة العربية في عام 2007 أن يكون توني بلير موفدا للجنة الرباعية الدولية، كان خطأ كبيرا سمح لتوني بلير أن يعود الى الساحة الدولية بعد أن نبذه الشعب البريطاني. وبالمناسبة فإن هذه الرباعية لم تقدم شيئا للشعب الفلسطينى بل كانت متواطئة بشكل تام مع المحتل الصهيوني طيلة رئاسة بلير لها ولحد الآن.
عاشرا : كان رد فعل مجرمي الحرب الثلاثة (بوش وبلير وهيوارد) على تقرير تشيلكوت موحّداً، وهو أنهم غير نادمين على غزو العراق لإن (العالم أصبح اليوم مكانا أفضل بعد إزالة صدام). وهذا تأكيد جديد بإن صدام حسين الحق بالصهيونية العالمية وبأعداء الأمة العربية من الهزائم ما لن ينسوه أبدا، وإن حقدهم على صدام يزداد كلما تعمّقت أزماتهم. صدام حسين كان تعبيرا عن نزوع عربي إنساني للتحرر والعدل والمساواة بين الشعوب ولم يجامل على حساب المباديء، ولم يتقيد بمعايير السياسة الدولية القائمة ومحدداتها ومنها موازنة القوة وحساب الخسارة والربح الظرفي. الثورة بالمفهوم الصدّامي العراقي – العربي – الإسلامي – الإنساني تعني المواجهة المفتوحة مع العدو، هذا المواجهة وحدها هي الكفيلة بتصعيد التناقضات وإطلاق الطاقات وكشف خسة الأعداء والإنتصار عليهم. عندما رفع العراقيون شعار (صدام إسمك هزّ أمريكا) في سنين المواجهة الاولى مع أمريكا في مطلع التسعينات سخر كثيرون من ذلك، وأولهم الرئيس المخلوع حسني مبارك، وقالوا أين صدام والعراق من أمريكا قائدة العالم! وبعد اكثر من ربع قرن على رفع هذا الشعار رأينا كيف يهز إسم صدام كلّ طغاة الارض. العرب من موريتانيا الى البحرين وشخصيات دولية وقادة مهمين في العالم رموا وراء ظهورهم حملة الشيطنة الصهيونية لصدام حسين، واصبحوا يتحدثون عن بطولاته وفضائله ويحنّون لأيامه، وآخرهم الرئيس الفلبيني الجديد السيد دوتيرتي.
والخلاصة هي ان الحقائق التي كشفها تقرير تشيلكوت أضافت مآثر أخرى لسفر صدام حسين وعمّقت مأزق أعداء صدام حسين، فما احوج القوى الوطنية العراقية اليوم الى التمسك بفكر صدام حسين وشرعية النظام الوطني قبل الإحتلال لتحرير العراق من بقية شراذم الإحتلال.
والله المستعان