منصور الجمري
الأحداث المتتالية ربما كانت متوقعة، وجاء اعتقال القيادي في جمعية الوفاق والنائب الأول السابق لمجلس النواب خليل المرزوق (في 17 سبتمبر/ أيلول 2013) ليؤكد طبيعة الطريق المسدود الذي تنحشر فيه البحرين. لقد تساءل الكثيرون عن طبيعة الحوار الحالي في 10 فبراير/ شباط 2013 وفيما إذا كان سيخرج البحرين من أزمتها. البعض قال إنه سيكون «حوار من أجل الحوار»، والبعض طرح أن هذا الحوار سيكون واجهة لحوارات أخرى، والبعض أشار إلى أن البحرين ليس فيها أية عملية سياسية تحاورية، فلتكن هذه الجولة تحفيزاً للجميع للتفكير في أسلوب آخر للخروج من الأزمة، والبعض شارك في الحوار لكي لا يتهم بأنه سلبي ويتمنع دائماً… والنتيجة أننا حصلنا على حوار «اللاحوار».
منذ أن بدأ الحوار الحالي والعملية السياسية تتراجع إلى الصفوف الخلفية جداً، بل إن الجلسات جميعها لم تتحرك إلى الأجندة، وهناك تعقيدات وعقبات وعراقيل تزداد كل يوم، والفجوة بين الأطراف تتوسع، بينما يتم التأكيد مراراً وتكراراً أن الخيار الأمني هو المفضل وربما سيبقى كذلك، اللهم إلا إذا كانت هناك تطورات غير منظورة تفرض نفسها بشكل من الأشكال.
إن أية عملية تحاورية ناجحة تتطلب توفير الآليات وإفساح المجال للمداولات والمفاوضات من أجل تحقيق نتائج إيجابية ملموسة على الأرض، وهو ما يتطلب أن يتولى شأن الحوار من يمكنهم اتخاذ قرارات مباشرة على أساس توافق سليم وعملي بين الآراء. فالإصلاح السياسي يجب أن يجلب المنافع والوئام في المجتمع، ويجب أن يضع تصوراً لمستقبل يشمل الجميع. ومثل هذا العمل يحتاج إلى كفاءة وجدية وإرادة واضحة وتنازلات لكي يخرج المشاركون إلى من يستمع إليهم ويقنعوهم به.
لقد ركزت الجهات الرسمية على أن العملية السياسية يجب أن تكون بحرينية من دون تدخل أي طرف من الخارج، ولكن يجب أن يضاف مبدأ آخر، وهو يجب أن تكون العملية السياسية خالية من أي تحيز نحو أي طرف، وهذا لم يتحقق، وبالتالي فقد تولد إحباط لدى من يرى أن الدولة وإمكاناتها تميل وتنحاز بصورة فاضحة وغير مقبولة، وبالتالي فقد تحولت العملية إلى «اللاحوار».
إن المتحاورين الحاليين لم يمكنهم فعل أي شيء لإعطاء الأمل بإمكانية تحقق خطوات إيجابية، بل إن التصريحات الصادرة من الجهات الرسمية والمؤيدة لها تتحدث عن أن كل شيء سيتحرك من خلال الترتيبات المعمول بها حالياً، ما يلغي فكرة عملية الحوار ذاتها. ولذا فينبغي أن يعاد التفكير في طريقة ومفهوم الحوار بصورة جوهرية، لكي تتحرك العملية نحو إنتاج الحل السياسي، ولكي لا تظل بحريننا عالقة في عملية «اللاحوار» الحالية.