مريم الشروقي
قال مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني إن «مصطلح الحوار أصبح متداولاً على نطاق واسع، وهو باتساع للحد من خطاب الكراهية، لكنه في أكثره إعلاميٌ ودعائي، لا يفيد ولا يؤدي إلى نتيجة عملية ما لم يكن هذا الحوار تربيةً عمليةً على الأخلاق الكريمة في البيوت والمدارس والجامعات». وقد جاء ذلك في ورقته بعنوان: «خطاب الكراهية وأثره على أتباع الحضارات» يوم الثلثاء (6 مايو/ أيار 2014) ضمن جلسات اليوم الثاني لحوار الحضارات.
لاشك ان الكثيرين يتّفقون مع مفتي الديار اللبنانية بأنّ حوار الحضارات دعائي وإعلامي، ولكن المفتي الشيخ قبّاني نسي إضافة دور الدول في تأجيج صراع الحضارات وليس حوار الحضارات، من أجل تفتيت المجتمعات وتقسيمها وطأفنتها، حتى تنشغل الشعوب بنفسها، فلا تسلّط الضوء على حقوقها وخيرات البلدان التي تذهب إلى فئات قليلة تستحوذ على كل شيء.
والاستحواذ بمفهومه المطلق هو الاستحواذ على الثروة وعلى السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية والاجتماعية، وكل ما يتعلّق بالتمكّن من السيطرة على هذه الشعوب، وبالتّالي ينشغل الفرد والمجتمع بعضه ببعض، لنيل مكاسب بسيطة لا تغني ولا تسمن من جوع، في حين الدولة –أي دولة- تكمل مسيرتها وأهدافها في الاستحواذ.
حوار الحضارات… على مر العصور لم نقرأ عن حوار حضارات، بما فيها الحضارة الإسلامية، بل قرأنا عن الصراعات من جميع الأطراف، خصوصاً الصراعات الدينية، التي هي المحور الرئيسي في حوار الحضارات، فلذلك نجد الصور الفوتوغرافية هذه الأيام على أوجّها بين المسيحي البروتستانتي والكاثوليكي، والمسلم السني والشيعي، وهلمّ جرّاً!
وما ذكره الأمير الحسن بن طلال عن الإنسانية كما تحدث عنها سقراط، قال: «إذا أردنا أن نتحدث عن الإنسانية بشكل عام فسنجدها فيما قاله سقراط إنني لست أثينياً أو يونانياً، إنني مواطن عالمي. ولكن من يفهم هذه الكلمة «إنسان»، فما أن تفتح موضوعاً في حوار بسيط وليس حواراً كحوار الحضارات، عن التوافق الوطني، حتى تجد وابل الأسهم الكلامية والملاسنات الطائفية القبيحة على أشدّها!
أمّا حوارنا المفقود والمعطّل منذ سنوات فإننا ننتظره وسيطول انتظارنا، حتى نخرج بمخرجات يتّفق عليها الجميع، وهو يُعد من رابع المستحيلات، فدخول أمثال «الريموت كنترول» في أي حوار وطني، مدعاةٌ لفشله الذريع كما يريد الطرف المسيطر سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. ولنا في حديث الأمير الحسن أسوة حسنة عندما قال: «يا أهل اليافطات! تبنّوا مضموناً فالأسلوب الموسوعي لا يكفي، وعلينا التوجّه للتنفيذ والتفاصيل والهيكلة والبنية لهذه المبادرات كي تصبح فعلاً استنهاضاً لنهضتنا الأصيلة».
فإذا كان المتحاورون في البحرين متّفقين على 80 في المئة من المطالبات، فلماذا فُتح الحوار الوطني وإلى الآن لا يعلم أحد متى ينتهي؟ بتنا ننتظر المجهول الواسع الذي لا يعلم أحدٌ كيف سيتحقّق. وبين حوار الحضارات وحوارنا المفقود هناك أوجه شراكة، أهمّها كما قال مفتي لبنان بأنّ أكثرها دعائي وإعلامي ولا يفيد ولا يؤدّي إلى نتيجة!
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4261 – الخميس 08 مايو 2014م الموافق 09 رجب 1435هـ