البحرين أصبحت مادة دسمة لأنواع عدة من الدراسات والبحوث، ولعلَّ الباحثين في العلوم السياسية سيجدون أمثلة حية في البحرين عن حملات إعلامية – سياسية تأتي بنتائج عكسية، وأن هذا النمط يستمر على رغم آثاره السلبية على من يقوم به قبل غيره. الحملات السلبية تهدف إلى التشكيك في هذا الطرف أو ذاك، أو تحرض جهة على أخرى، ولكن المؤسف حقاً أن طاقات وإمكانات وموازنات تُصرَف عليها، بدلاً من توجيهها نحو ما يعزز الثقة بين فئات المجتمع.
هذا النوع من الحملات السلبية الموجهة لتشويه سمعة فئة مجتمعية، أو جماعة معينة، لا يأتي فقط بنتائج عكسية، وإنما أصبح علامة بارزة لنهج أثر على وجه البحرين المحبب، وأصبحت هناك حالياً سوق رائجة لهذه الحملات السلبية، ولها لاعبون، ومنتفعون، ولها أطر وبروتوكولات ومصطلحات غريبة لا تتسم بالموضوعية أو الصدقية، وأصبحت مادة للتندر والتمسخر من قبل الكثيرين. هذه الحملات تزرع الآلام في الجسم الوطني، وهي آلام ليست محصورة بفئة دون أخرى.
لقد رأينا كيف أن سمو ولي العهد أشار إلى موضوع في «بيت التجار» عن ضرورة عدم التحدث عن مقاطعة اقتصادية في أوساط الأسرة التجارية (والمقصود بذلك مقاطعة الشراء من هذا المكان أو ذاك، على أساس الانتماء المذهبي)، ولكن ردة الفعل تجاه هذه الدعوة جاءت رافضة وصريحة. وحالياً نرى جهات شتى تعمل في هذا الاتجاه لأنه أصبح مشروعاً خاصاً يعتقد البعض أنه سينتفع منه. ولكن البحرين قامت على أساس أنها مركز تجاري على مر التاريخ، والتجارة تتطلب حسن المعاملة مع الآخر، وفي حال قرر البعض إلغاء هذه الخصلة البحرينية، فإنه لا يمكن أن تستقيم له الأمور كما يحب.
نعم، إن هذه الحملات السلبية لها أثر عكسي على المتلذذين بها قبل غيرهم، وهم حالياً – من حيث لا يشعرون – إنما يفسحون المجال لنشوء البدائل المجتمعية والاقتصادية… والخطورة قد لا تكون منظورة حالياً، لكنها في المستقبل القريب ستخرج إلى السطح، بحيث تكون بلادنا ليست منقسمة فقط، وإنما أيضاً كل قسم مكتف بذاته، وهذا الاكتفاء الذاتي قد يبدأ بغلبة مادية لطرف على حساب آخر، ولكن من يشن هذه الحملات إنما يفعلها للتلذذ عبر الانتقام، وهذا الانتقام لا يدوم ولا يسود، تماماً كما قال الإمام علي «لا سؤدد مع انتقام»