جميل المحاري
بالأمس أعلنت كتلة المستقلين النيابية عزمها تقديم اقتراح بالتنسيق مع الكتل النيابية الأخرى يقضي بإلغاء المجلس البلدي لمحافظة العاصمة واستبداله بأمانة عامة منتخبة من قبل مؤسسات المجتمع المدني، بهدف «إبعاد العاصمة عن التجاذبات السياسية»، وبررت الكتلة هذه الخطوة غير المسبوقة عالمياً بأن «بعض المجالس البلدية انحرفت عن مسارها الطبيعي الذي أنشئت من أجله وهو تقديم الخدمات العامة للمواطنين، وأصبحت تعمل في السياسة».
إعلان الكتلة يأتي بعد يوم واحد فقط من تصريح وزير البلديات حول تحريكه دعوى قضائية مستعجلة ضد رئيس مجلس بلدي العاصمة مجيد ميلاد ووقف جميع أنواع تعامل الوزارة معه بحجة أن رئيس مجلس بلدي العاصمة والذي هو في الوقت نفسه عضو فريق القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة بطاولة الحوار وعضو الأمانة العامة بجمعية الوفاق الوطني الإسلامية أدلى بتصريحات سياسية مسيئة للوطن ورموزه.
وبصراحة ليس من المستغرب أن يحوز اقتراح كتلة المستقلين بتعديل قانون البلديات وحل مجلس بلدي العاصمة بالغالبية عند التصويت عليه في مجلس النواب، ويتم إقصاء 8 أعضاء بلديين منتخبين شعبياً من مناصبهم، حتى وإن كان ذلك مخالفاً للدستور ولقانون البلديات وقانون مجلس النواب، حيث تم ذلك من قبل عندما أسقطت عضوية 5 أعضاء بلديين منتخبين، بطلب مباشر من الحكومة كما صرح أحد أعضاء مجلس بلدي المحرق الحاليين.
ويبدو أن ظاهرة «تطهير» الوظائف الحكومية والعامة من أحد مكوني المجتمع البحريني مازالت مستمرة، وأن الهجمة المكارثية لم تنتهِ بعد والبطش بالمعارضين مازال قائماً.
لقد بدأت الحرب لتطهير الوظائف الحكومية والعامة عندما تم فصل أكثر من 2700 موظف من وظائفهم جميعهم من مكون واحد، في ظاهرة لم يعرف العالم نظيراً لها، ولولا الضغوط الدولية لما أرجع أحد منهم، وحتى عندما تم إرجاعهم سكنوا في وظائف غير وظائفهم الأصلية فيما تم الاستيلاء على جميع المراكز القيادية التي كانوا يشغلونها، واستمرت ظاهرة التطهير من خلال استبعاد أي مرشح من طائفة معينة لأي وظيفة شبه قيادية «من مدير إدارة حتى رئيس قسم».
مثل هذا الوضع إن استمر فإنه سينبئ بكارثة حقيقية ليس فقط على المستوى الاجتماعي حيث تهمش طائفة بأكملها وتتحكم طائفة أخرى بجميع مفاصل الدولة، ولكن أثر ذلك سيمتد ليصل إلى المستوى الاقتصادي حين يتحكم من ليس مؤهلاً ولا يمتلك القدرات والكفاءات اللازمة في صنع القرار، وإدارة شئون البلاد والعباد… حقاً نحن نسير في الاتجاه المعاكس للتطور، ومن السيئ إلى الأسوأ.