حيّت مسيرة حاشدة عصر أمس الثلثاء (22 فبراير/شباط 2011) شهداء البحرين، في يوم دعت إليه سبع جمعيات سياسية «وفاءً للشهداء» الذين سقطوا برصاص الأمن والجيش في الحوادث الأخيرة. وكانت المسيرة التي خُطط لها أن تنطلق من أمام مجمع البحرين التجاري (جيان) باتجاه ساحة الاعتصام الجماهيري بدوار اللؤلؤة سرعان ما امتدت إلى شارع خليفة بن سلمان الذي اكتظ بالمشاركين في المسيرة وصولاً إلى دوار اللؤلؤة. من جهتهم أعلن كبار العلماء في بيان صادر عنهم أمس إلى أن «يوم الجمعة المقبل يوم حداد على الشهداء»، كما أصدر السيد عبدالله الغريفي بياناً ثمّن فيه «أي دعوة صادقة للحوار» معتبراً أن «الحوار لا يمكن أن يحقق أهدافه المطلوبة ما لم تتوافر الأرضية الصالحة لذلك».
كبار العلماء أصدروا بياناً اعتبروا فيه الــجمعة «يوم حداد» على أرواح الشهداء
حشود تشارك بمسيرة «الوفاء للــشهداء» والمعارضة تطالب بـ «حكومة إنقاذ وطني»
السنابس، المنامة – وسام السبع
ملأت الحشود المشاركة في مسيرة الوفاء للشهداء عصر أمس الثلثاء (22 فبراير / شباط 2011) دوار اللؤلؤة والشوارع المحيطة به، وكانت المسيرة التي خُطط لها أن تنطلق من أمام مجمع البحرين التجاري (جيان) باتجاه ساحة الاعتصام الجماهيري بدوار اللؤلؤة سرعان ما امتدت إلى شارع خليفة بن سلمان الذي اكتظ بالمشاركين في المسيرة وصولاً إلى دوار اللؤلؤة.
وقد شارك في المسيرة التي دعت إليها الجمعيات السياسية (التجمع القومي، المنبر التقدمي الديمقراطي، الإخاء الوطني، التجمع الوطني، العمل الإسلامي، الوفاق الوطني الإسلامية، العمل الوطني الديمقراطي) حشود كبيرة جداً من الرجال والنساء.
وقد طالبت الجمعيات السياسية الحكم بإطلاق سراح جميع سجناء الرأي والمعتقلين السياسيين وإلغاء محاكماتهم، والشروع فوراً بالتحقيق المحايد في أعمال القتل التي وقعت منذ 14 فبراير الماضي بدوار اللؤلؤة وإحالة المسئولين عن ذلك للمحاكمة، وتحييد إعلام الدولة الرسمي ليقوم بدوره الوطني الجامع والممثل لكل مكونات الشعب وآرائه، وصعدت الجمعيات السياسية من مطالبها داعية إلى استقالة الحكومة وتشكيل حكومة إنقاذ وطني مهمتها تحقيق انفراج سياسي وأمني سريع بما يهيئ أرضية مناسبة للحوار الوطني، ووضع دستور عقدي جديد يصوغه مجلس تأسيسي منتخب يؤسس لمملكة دستورية وحكومة منتخبة، وإجراء التعديلات اللازمة على النظام الانتخابي وبما يحقق التمثيل العادل لكل مكونات الشعب المجتمعية والسياسية.
وقد ردد المشاركون في المسيرة شعارات تدعو إلى تعزيز الوحدة الوطنية ومحاكمة المفسدين والاقتصاص ممن شارك في قتل الأبرياء كما ناهضت الشعارات سياسة التجنيس السياسي.
وقد بدأ آلاف المواطنين بالتوافد عند مجمع البحرين التجاري في الساعة الثانية ظهراً قبل نحو ساعة من انطلاق المسيرة الفعلي في الساعة الثالثة عصراً، وقد اتشح الطريق المؤدي لدوار اللؤلؤة بأعلام البحرين التي كانت ترفرف بكثافة في المسيرة، في حين فضل الكثيرون ارتداء علم البحرين أو رفع ملصقات وطنية، ومن بين أبرز الشعارات التي كانت تدوِّي في المنطقة الفاصلة بين «جيان» ودوار اللؤلؤة «بالروح بالدم نفديك يا بحرين» و»بالروح بالدم نفديك يا شهيد» و»سني وشيعي قد وقف، موحداً كفاً بكف» و»أخوان سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه» و»لا سنية ولا شيعية وحدة وحدة بحرينية» كما رفع شعار «ياللعجب ياللعجب الجيش يقتل الشعب»و «إن المجنس أجنبي لو كان ينطق عربي» و»الجيش والمساكن حق إلى المواطن».
فيما رفعت شعارات مكتوبة أبرزها «أين الحل؟ أين الحل؟ دستور جديد هو الحل» و»نطالب بتوزيع عادل للثروة» و»الامتياز للشغب، والشوزنات للشعب» في إشارة إلى سلاح الشوزن الذي يستخدم ضد المتظاهرين.
وقد شاركت المرأة البحرينية بكثافة لافتة في مسيرة يوم أمس، إذ احتشدت النساء خلف المسيرة رافعات أعلام البحرين، فيما فضلت الكثيرات التدثر براية الوطن، وقد اضطرت النساء المشاركات في المسيرة لصعود الكوبري المحاذي لدوار اللؤلؤة لعدم وجود مكان في الدوار والشوارع المجاورة.
وقد أعلن في المسيرة صدور بيان باسم كبار علماء البحرين (الشيخ عيسى أحمد قاسم، السيد عبدالله الغريفي، السيد جواد الوداعي، الشيخ محمد سند، الشيخ عبدالحسين الستري والشيخ محمد صالح الربيعي) دعوا فيه إلى اعتبار يوم الجمعة المقبل 25 فبراير يوم «حداد عام» على أرواح شهداء الوطن.
وقد ملئت الحشود المشاركة في المسيرة على امتداد أكثر من 3 كيلومترات ودوار اللؤلؤة عن آخره، فيما شوهد مئات المواطنين يلتحقون بالمسيرة في مسيرات مناطقية في الشوارع المؤدية الى دوار اللؤلؤة.
وقد اعتلت منصة المعتصمين بدوار اللؤلؤة زوجة الشهيد هاشم العلوي إيمان شويطر وألقت كلمة الجمعيات والتي جاء فيها :»تؤكد الجمعيات السياسية المنظمة لهذه المسيرة الجماهيرية وقوفها التام ومساندتها غير المحدودة لتجمع الشباب في هذا الميدان الذي سقط فيه خمسة من خيرة شبابنا المناضل، الميدان الذي صار رمزاً للحرية ونموذجاً للعزة والكرامة والشهادة، وتعلن تأييدها لكل المطالب العادلة والمشروعة التي يطالب بها هؤلاء الشباب من أجل مستقبل أفضل للبحرين».
وأضافت «وتؤكد الجمعيات على أهمية استمرار التعبير عن هذه المطالب بصورة سلمية وحضارية، وتدعو الحكومة إلى الالتزام بالعهود والمواثيق الدولية لحماية هذا الاعتصام السلمي والحفاظ على أرواح المواطنين وسلامتهم، وخاصة بعد أحداث يوم الخميس الدامي الذي شهد تلك المذبحة المروعة التي ارتكبتها قوات الأمن ضد المعتصمين المسالمين وراح ضحيتها عدد من الأرواح البريئة دون أي مسوغ، وهي الجريمة التي هزت ضمير العالم وأدخلت البلاد في أزمة خطيرة.
وزادت «إننا في الجمعيات السياسية على ثقة تامة بأن الشباب وتضحياته الكبيرة وإرادته الحديدية قد فتحت أمام بلدنا مرحلة جديدة تقود حتماً إلى تغييرات سياسية جوهرية في صالح كل أبناء الوطن دون تمييز».
«إن ما يمر به وطننا اليوم وما مر به من كل الأزمات تعود في أسبابها الحقيقية إلى وجود أزمة دستورية وسياسية تضع البلاد في حالة دائمة من عدم الاستقرار، الأمر الذي يستوجب بعد هذه الانتفاضة الجماهيرية علاجاً جذرياًَ وشاملاً تتحقق معه طموحات شعب البحرين وتطلعاته المشروعة في المشاركة الحقيقية في إدارة شئون البلاد من خلال نظام دستوري ديمقراطي حقيقي عادل، وملكية دستورية حقيقية تؤدي إلى حكومة منتخبة، ومعالجة كل الملفات التي لاتزال تستنزف طاقات وإمكانيات البلاد».
وجاءت كلمة الجمعيات لتؤكد «أن من أعظم الجوانب المضيئة المرتبطة بالتحرك الشعبي السلمي واعتصام الشباب في هذا الدوار هي الدعوة للوحدة الوطنية بين كل أبناء البحرين الغالية بالإضافة إلى صدق المطالب الوطنية المرفوعة كونها ليست مطالب فئوية أو طائفية أو إيديولوجية، بما يؤكد التلاحم الوطني بين أبناء شعبنا كحقيقة راسخة في تاريخ وطننا وشعبنا».
وأردفت «إن الجمعيات السياسية إذ تساند مطالب الشباب السلمية والحضارية، تؤكد على جملة من القضايا أهمها: بإطلاق سراح جميع سجناء الرأي والمعتقلين السياسيين وإلغاء محاكماتهم، والشروع فوراً بالتحقيق المحايد في أعمال القتل التي وقعت منذ 14 فبراير وإحالة المسئولين للمحاكمة، وتحييد إعلام الدولة الرسمي ليقوم بدوره الوطني الجامع والممثل لكل مكونات الشعب وآرائه» كما دعت الجمعيات إلى استقالة الحكومة وتشكيل حكومة إنقاذ وطني مهمتها تحقيق انفراج سياسي وأمني سريع بما يهيئ أرضية مناسبة للحوار الوطني، ووضع دستور عقدي جديد يصوغه مجلس تأسيسي منتخب يؤسس لمملكة دستورية وحكومة منتخبة، وإجراء التعديلات اللازمة على النظام الانتخابي وبما يحقق التمثيل العادل لكل مكونات شعبنا المجتمعية والسياسية، وأخيراً توفير الضمانات اللازمة لتحقيق التزام الحكم بالاتفاقات التي يتعهد بها».
وقد جاءت الكلمة مذيلة بتوقيع ثماني جمعيات سياسية هي: التجمع القومي، المنبر التقدمي الديمقراطي، الإخاء الوطني، التجمع الوطني، العمل الإسلامي، الوفاق الوطني الإسلامية، والعمل الوطني الديمقراطي.