حبل الفساد قصير
مكي حسن
يوما وراء آخر، تتعدد مفاهيم الفساد.. وتتنوع على إثر ذلك أساليبه، ورغم هذا التنوع في المفهوم والأسلوب، فإن النهاية هي الفضيحة.
وآخر صرخة في عالم الفساد في بحرين اليوم، هي مانشر عن ضلوع حقيقي لرئيس تنفيذي ونائب رئيس مؤسسة مالية، لها علاقة مباشرة بمؤسسة تقيم مشاريع إسكانية في قيامهما بشراء وامتلاك 22 فيلا للرئيس و17 فيلا لنائبه، وكان ثمن كل فيلا عشرة آلاف دينار أو أكثر قليلا!
تفشى الخبر بالدهشة وبالإدانة من جهة، وبالمطالبة بكشف هذين المسئولين، وتقديمهما لعدالة القضاء من جهة أخرى، ويسري الخبر بين المواطنين كالنار في الهشيم، إلا انه ورغم ذلك لم تنتشر روائح الفضيحة الى ابعد مما وصلت اليه!
سعيا منا في العمل الصحفي لكشف الفساد، وإماطة اللثام عن مرتكبيه، والقائمين عليه، وبالتالي القبض عليهم، والتحقيق معهم بعدالة، فإننا نضيف اسمنا الى اسم كل المستغربين من جهة، والى كل المطالبين بالتحقيق مع هذين الموظفين من جهة أخرى عملا بمبدأ "وقف الفساد وعدم تشجيعه لكونه ينخر في عظام الاقتصاد والمجتمع معا.. ولا يرحمهما".
وعلى هذا المنوال، تساءل رئيس نقابة المصرفيين مستغربا من أين لرئيس هذه المؤسسة بالقدرة المالية على امتلاك 22 فيلا لنفسه، ولنائبه 17 فيلا أخرى في نفس المشروع العقاري؟!
الحقيقة، انه من البديهي القول بأنه يصعب على موظف حتى لو كان (وزيرا) ان يشتري هذا الكم الهائل من الفلل، وما يزيد الطين بلة، أن كلا الموظفين ليسا من عوائل ثرية! لأنه إذا كانا من عائلتين ثريتين، فانه يمكن التغاضي عن الفضيحة، لكن طالما انهما من عوائل عادية (ليست ثرية)، فيحق لكل المواطنين ان يتساءلوا بصوت واحد، ويقولوا لكل واحد منهما، وحسب مقولة سيدنا عمر "من أين لك هذا؟".
ونختتم.. "انه لطالما تمكن هذان الموظفان من استملاك 39 فيلا، فكما يقول المثل البحريني "فإن في الأمر إن .. أو علة.." وخاصة ان المشروع، هو مشروع وطني مفيد من خلال مؤسسة مالية لامعة، أعلنت أهدافها الواضحة في بناء مشاريع استثمارية عقارية على نمط راق وحديث، راق في التصميم، وحديث في البناء والأدوات مع إيلاء أهمية الموقع المتميز لهذه المشاريع ليضيف اليها رونقا خاصا وجمالا مميزا.
وقد بلغت درجة التأكد من هذا الخبر الساخن انه تم نشر اسمي الموظفين (الرئيس التنفيذي ونائبه) مع عدد الفلل التي امتلكاها، وفي هذا السياق، تساءل متابعون: كيف استطاعا ان يشتريا هذا العدد من الفلل وبهذه السرعة والسلاسة مع ان كل فيلا لا يقل سعرها عن 150 الف دينار! وهل الـ 150 ألف دينار تجمع بالكفين هكذا كغرفة ماء؟ مع التنويه هنا الى ان الماء يتسرب من الكفين!
وعلى الضفة الثانية لهذه الفضيحة، نرى مواطنين عاديين يكدحون سنين وأياما، قد تصل الى 15 سنة، يظلون ينتظرون رحمة وزارة الاسكان ببيعهم بيوتا أو الحصول على شقة أو قرض ميسر، وعلى كل يبدو ان في الأمر شيئا.. وان في الامر ريبة.. ومن المؤكد ان كلا الموظفين قد التفا حول القانون متناسين ان حبل الفساد قصير!