حالة السلامة الوطنية»… وحديث عن آلام بلدي
منصور الجمري
في يوم الثلثاء (15 مارس / آذار 2011)، أعلنت حالة الطوارئ في البحرين، ودستور 2002 يطلق على «حالة الطوارئ» مصطلح «حالة السلامة الوطنية»، وجاء في المرسوم الملكي رقم 18 لسنة 2011، وبحسب المذكرة التفسيرية للدستور للمادة (36)، فإن هناك فرقاً بين «حالة السلامة الوطنية» و«حالة الأحكام العرفية»، بحيث تختلف الوسائل التي تلجأ إليها الدولة في كل من الحالتين عن الأخرى. فحالة السلامة الوطنية تعلن للسيطرة على الأوضاع الداخلية، أما الأحكام العرفية (الأكثر حدة) فهي تعلن في الحالات التي تهدد كيان الدولة، ولا يكفي للسيطرة عليها استخدام ما ورد في القوانين العادية من إجراءات، أو تلك التي يفرضها إعلان حالة السلامة الوطنية، وإنما يتطلب بشأنها اتخاذ الإجراءات والتدابير الاستثنائية اللازمة للقضاء على الفتنة والعدوان المسلح، وفرض الأمن للحفاظ على سلامة المملكة وقوة دفاع البحرين.
هذه المصطلحات لا تعني أهل البحرين كثيراً، فما يرونه هذه الأيام بلاد حزينة جداً، وهي تشبه المقبرة الظلماء من جانب، وتشبه إحدى البلدان الافريقية الممزقة بعد حرب أهلية، إذ لايزال هناك من يحمل الأدوات الحادة ويكسر المحلات التجارية في مناطق محددة، وذلك ضمن خطة استهدافية لا يمكن التستر عليها بتصريحات وبرامج تنظر بعين واحدة فقط.
ويوم أمس التقيت أحد الأوروبيين يعيش في البحرين منذ نحو عشرين عاماً، وكانت عيناه تدمعان وهو يتحدث عن آلام بلدي البحرين، وهو يقول «أنا أحب البحرين، ولست محتاجاً لأن أبقى فيها، ولكني لا أريد أن أتركها هكذا، وأنا أعرف أن شعبها من أطيب وأفضل الشعوب، ولكن مع الأسف خلقت أوهام وتصورات مزقت المجتمع، وهناك كل فئة تعيش في إطار ذهني مختلف عن الآخر، وكأننا في يوغسلافيا في تسعينيات القرن الماضي عندما انتشرت خطابات الكراهية والتشطير المجتمعي».
تركته يتحدث ليواسيني في بلدي «أرجو ألا تقول لي إنك استسلمت للواقع وإنك ستترك الأمور هكذا من دون أن تحاول ومن يشاركك الاعتدال أن تفعلوا شيئاً من أجل مستقبل مختلف… فالمشكلة لا تتعلق بمجموعات المعارضة أو مجموعات السلطة، ولا تتعلق بمصالح بلدان إقليمية أو كبرى، إننا نتحدث عن ناس يتمزقون ألماً، وما تحتاجه البحرين أشخاص من مختلف الجهات الرسمية والشعبية يمتلكون نوايا حسنة تجاه بعضهم البعض، ويثقون بأنفسهم وبإمكانهم أن يخرجوا البحرين من مأزقها… لقد قرأت ما نشر بالإنجليزية، واطلعت على ما يبث بالإنجليزية، وأنا لست مواطناً، ولكني لم أتحمل، وأعتقد أن أوهاماً متناقضة سيطرت على متخذي القرار في الجانب الرسمي والجانب المعارض»… تركته يتحدث وأنا أستمع إليه من دون أن أستطيع أن أوافقه أو أعارضه في شيء مما قاله، فشخصياً لم أتصور أنني سأرى ما أراه هذه الأيام، ولست أدري كيف سنعالج الجرح العميق الذي أصابنا؟
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3116 – السبت 19 مارس 2011م الموافق 14 ربيع الثاني 1432هـ