هاني الفردان
انتخابات جمعية الأطباء البحرينية، شهدت جدلاً واسعاً، وانسحابات كبيرة، وسيطرة جماعة جديدة على الجمعية عبر انتخابات أقرب ما توصف بـ «المشبوهة».
إقحام الأطباء الأجانب ضمن لعبة الانتخابات في الجمعية لأول مرة في تاريخها جاء ضمن لعبة مكشوفة ومتكررة بأشكال مختلفة رأيناها في جمعية المحامين ولكنها فشلت، فأجبرت الوزارة على رفض الانتخابات وعدم الاعتراف بالإدارة الجديدة لأنها لم تأت وفق هواها.
لا أحد ضد دخول الأطباء الأجانب ضمن عملية انتخابات الجمعية، ولكن يكون ذلك وفق القانون، وبعد تعديل اللائحة الداخلية للجمعية عبر جمعية عمومية تقر تعديل لوائحها الخاصة، لا اللعب من وراء الكواليس وتجاوز تلك اللوائح فقط متى تكون الجمعية لسانا لغير الأطباء.
جاء تصريح وزيرة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية في احدى الصحف المحلية بأن «مشاركة الطبيب الأجنبي في انتخابات جمعية الأطباء حق من حقوقه الطبيعية لأنه يخدم هذا البلد»، من دون أي سند قانوني، بل تجاوز اللوائح والأنظمة التي كان من المفترض أن تعمل الوزارة على صونها وحمايتها ومراقبة تطبيقها، لا أن تشجع هي على كسرها وتجاوزها ومخالفتها. وهذا التصريح يضع الوزارة أمام المساءلة الحقيقية، فأينها من حق الأطباء الأجانب طوال السنوات الماضية؟ ولماذا لم تطالب بتعديل اللائحة الداخلية لجمعية الأطباء ومختلف الجمعيات المهنية، ولم توقف انتخاباتهم من قبل؟، ولماذا الآن وفي ظل ما نعيشه من أزمة سياسية خانقة برز حق الأطباء الأجانب على الساحة وأصبح ضرورة ملحة؟
الدولة الناجحة هي دولة القانون الضامنة للعدالة والمساواة والتكافؤ بين جميع رعاياها دونما أدنى تمييز، وهي دولة المؤسسات الشرعية المتجذّرة والمنضبطة دستورياً، لا المتلاعب فيها. حاكمية القانون ليست كلاما وحبرا على ورق بل فعل وتطبيق، يستشعره الجميع، بلا تمييز. في القانون مساحة لمعرفة الحقائق والنوايا الصادقة من وراء هذه الأمور، فالقوانين تسري على الجميع بلا استثناءات ولا مؤامرات، ولا تلاعبات، أو خزعبلات. وعندما تسعى الدولة لتغييب القانون من اجل تحقيق مصالحها، فإن ذلك يضع ألف علامة استفهام على حقيقة دولة المؤسسات والقانون.
عندما تتجاوز وزارة معنية بمؤسسات المجتمع المدني نصا واضحا وصريحا في قانون جمعية الأطباء والذي ينص على أنه «يجب أن تتوافر في عضو الجمعية الشروط الآتية: أن يكون بحريني الجنسية، أن يكون حاصلا على درجات البكالوريوس في الطب البشري أو طب الأسنان أو ما يعادلها من إحدى الجامعات أو الكليات المعترف بها في دولة البحرين، أن يكون حسن السمعة والسلوك وألا يكون قد صدر ضده حكم في جناية مخلة بالأمانة والشرف إلا إذا رد إليه اعتباره». فإن هذه الوزارة مع احترامي للقائمين عليها، خالفت القانون بدعمها لما حدث من تجاوزات صريحة وواضحة، بل كانت متعمدة في ذلك، من أجل إيجاد إدارة للجمعية لا تتفق مع مصالح رفاق المهنة.
حتى رئيسة الجمعية الجديدة عندما سئلت عن الأمر، اكتفت بالقول ان الانتخابات قانونية، من دون الولوج في تفاصيل أكثر أو حتى الرد على خصومها بالحجة والدليل، لأنها تعلم أن القانون ليس معها، إلا أن الحكومة تدعمها، وفق مفهوم كتبه أحدهم لي على «تويتر»: «حاكم الجاني في بيته الثاني».