أكد ممثلو عدد من الجمعيات الأهلية أن وزارة التنمية الاجتماعية، لم تتشاور معهم أو تطلعهم على المشروع بالقانون الجديد بشأن المنظمات والمؤسسات الأهلية، الذي وافق عليه مجلس الوزراء يوم الأحد الماضي، وأبدوا تخوفاً من أن يكون المشروع مقيداً للعمل الأهلي، وخصوصاً مع تحديد القانون للنظام الأساسي للجمعيات. ويشترط مشروع القانون ألا يكون تأسيس المنظمات الأهلية على أسس مذهبية أو طائفية.
وقال رئيس جمعية الشفافية عبدالنبي العكري: «نخشى أن يكون الهدف من القانون وضع منظمات المجتمع المدني تحت السيطرة الكاملة للوزارة».
أبدت تخوفاً من تقييده لـ «النظام الأساسي»
جمعيات: «التنمية» لم تتشاور معنا بشأن قانون «المنظمات الأهلية» الجديد
أكد ممثلو عدد من الجمعيات الأهلية أن وزارة التنمية الاجتماعية، لم تتشاور معهم أو تطلعهم على المشروع بقانون الجديد بشأن المنظمات والمؤسسات الأهلية، الذي وافق عليه مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة يوم الأحد الماضي (12 أغسطس/ آب 2012).
وأبدوا تخوفاً من أن يكون المشروع الجديد مقيداً للعمل الأهلي، وخصوصاً مع تحديد القانون للنظام الأساسي للجمعيات.
ويشترط مشروع القانون ألا يكون تأسيس المنظمات الأهلية على أسس مذهبية أو طائفية أو لتحقيق أغراض تخالف أحكام الدستور أو التشريعات المعمول بها في البحرين أو النظام العام أو الآداب، كما يشترط أن يكون حل الجمعية بقرار من المحكمة، ويحدد مشروع القانون أيضاً النظام الأساسي للمنظمات الأهلية وسن العضو المؤسس أو المنضم للعضوية بحيث لا يقل عن 18 سنة وألا يقل عن 21 سنة لعضوية مجلس الإدارة.
واستحدث المشروع تصنيفات جديدة للمنظمات الأهلية من أجل تطوير عملها، كما أنه يتوافق مع عدد من مرئيات حوار التوافق الوطني والرؤية المستقبلية لمملكة البحرين التي اعتمدت في بنيانها الأساسي على دعم ومشاركة منظمات المجتمع المدني في إنجاز القرارات في إطار من الديمقراطية والحرية.
وفي هذا الصدد، ذكر رئيس جمعية الشفافية البحرينية عبدالنبي العكري، أن وزارة التنمية الاجتماعية دعت المنظمات الأهلية قبل أعوام لاجتماع في مركز المنظمات الأهلية، وذلك بحضور المركز الدولي غير الربحي للقانون، لتقديم الرؤى بشأن مشروع قانون كانت الوزارة قد أعدته بشأن منظمات المجتمع المدني. وقال: «في هذا اللقاء، تبين أن مشروع القانون المقدم لا يتماشى في كثير منه مع الروح الواردة في الدستور، وخصوصاً فيما يتعلق بحق المواطنين بالانتماء إلى تنظيمات».
وأضاف: «ان أي تقنين للمواد المتعلقة بالحريات يجب ألا يحد من الحريات، إلا أن ما يستغرب له أنه كسائر القوانين التي تصدر لتنظيم الحريات، فإن الحكومة تقوم بمصادرة الحريات، على رغم ما أكده دستور مملكة البحرين، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وما طرح في ميثاق العمل الوطني، والتصريحات الدائمة التي تؤكد أن الدولة شريكة مع المجتمع المدني».
وأكد العكري أن الجمعيات لم تتم استشارتها بأي شكل من الأشكال في مشروع القانون الذي أحيل أخيراً لمجلس الوزراء.
ولفت إلى أن الجمعيات كانت اقترحت مشروع قانون بديل للمشروع الذي طرحته الحكومة في وقت سابق، يقوم على إشهار الجمعية بالإشهار لا الترخيص، باعتبار أن الأصل هو الإباحة لا المنع.
وقال: «الأساس أن المجتمع المدني يجب أن ينظم نفسه بنفسه، والدولة لا يجب أن تكون رقيبا على المجتمع المدني وتقنن وتحدد كيف ينظم المجتمع المدني نفسه، وفي أي جمعية أهلية، فإن الجمعية العمومية هي من تضع النظام الداخلي وتقرر الأهداف بما لا يتناقض مع الدستور، وهو بمثابة المرجعية إلى الجمعية لا وزارة التنمية الاجتماعية كما هو متوقع في مشروع القانون المحال لمجلس الوزراء».
وتابع: «نخشى أن يكون الهدف من القانون هو وضع منظمات المجتمع المدني تحت السيطرة الكاملة للوزارة، وكما علمنا أن هذا القانون يعيد الأمور نفسها بعبارات مختلفة، مثل القول إن القانون هو المرجعية للنظام الداخلي للجمعيات، وهذا يعني أن الوزارة هي من تضع آليات ونظام أي جمعية، والمجتمع المدني ليس له أي صلة به، وذلك ما يتناقض مع روح الشراكة مع المجتمع المدني».
وقال معلقاً على اشتراط مشروع القانون عدم ممارسة المذهبية أو الطائفية في الجمعيات: «هناك أمور مفروضة بحكم الواقع، ولكن يجب ألا يُمارس التمييز ضد الآخرين، ونأمل ألا يتم التعاطي مع الجمعيات بموجب هذه المسألة بانتقائية، وإنما يجب الاستناد على مبدأ اساسي في عدم التمييز بين المواطنين بتشكيل الجمعيات».
وختم حديثه بالتأكيد على ضرورة أن تقف منظمات المجتمع المدني إلى جانب بعضها البعض، وأن يكون للمجتمع المدني رأي تجاه مشروع القانون الذي لم يتم أخذ رأيها فيه.
وتوافق نائب الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عيسى الغائب مع ما أكده العكري بشأن عدم إطلاع المنظمات الأهلية على مشروع القانون، على رغم أن نحو عشرين جمعية وثمانين صندوقاً خيرياً كانوا قد قدموا تعديلاً على القانون المقترح من قبل الحكومة قبل أعوام، ولم يتم الأخذ بأي رؤية قدمتها الجمعيات، على حد تعبيره.
وقال الغائب: «خلال اللقاء الذي نظمته وزارة التنمية قبل أعوام بحضور المركز الدولي غير الربحي للقانون، اعتبر المركز أن القانون المقترح من قبل الحكومة آنذاك، يخالف الحقوق السياسية والمدنية، من منطلق أن إشهار الجمعيات يجب أن يكون بالإعلام لا بالترخيص».
كما انتقد الغائب صياغة مشروع قانون المنظمات للنظام الأساسي لمؤسسات المجتمع المدني، معتبراً ذلك بمثابة التدخل والوصاية على الجمعيات، وهو ما يخالف مبادئ حق التجمع وتشكيل الجمعيات، مشيراً إلى أن شروط العضوية يجب أن يحددها المؤسسون طبقاً للرؤية التي يرونها.
وقال: «البحرين مصادقة على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ولم تتحفظ على المواد المعنية بحق تأسيس الجمعيات والتجمع من دون تدخل في شئونهم، كما يوجد اليوم مقرر خاص بشأن حق التجمع وتكوين الجمعيات الذي يراقب التزام الدول بالحقوق المدنية والسياسية، ويقدم تقريرا سنويا إلى مجلس حقوق الإنسان لكل دولة على حدة».
وأشار إلى أن اتفاقية حقوق الطفل تسمح للأطفال بتشكيل الجمعيات طبقاً لحقوق الطفل، في حين أن مشروع قانون الجمعية الحالي يحرمهم من هذا الحق، بحسب الغائب.
ومن جهته اعتبر عضو جمعية المحامين البحرينية سامي سيادي، أن قانون المنظمات الأهلية، يجب أن يقتصر دوره على تحديد المبادئ العامة التي يشترط توافرها في النظام الأساسي للجمعية، مع ترك المجال مفتوحا لجميع الجمعيات الأهلية لوضع نظامها الأساسي، بحكم التخصص والمهنية لتحديد العلاقة الداخلية للجمعية.
وقال: «لسنا مع فرض نصوص قانونية وُجوبية إلزامية ضمن النظام الأساسي الداخلي للجمعيات، وإنما يجب على القانون أن ينظم هذه المسألة لتكون الأنظمة الأساسية متوافقة مع القانون».
أما رئيس جمعية المستقبل الشبابية صباح الزياني، فأشار إلى أن قانون المنظمات عرض على الجمعيات قبل أعوام، وكانت هناك إشكالات أثناء مناقشته، فيما اعتبروه تقييدا على نشاطات الجمعيات.
وقال: «نتمنى أن يكون القانون الجديد أكثر مرونة في إشراف الوزارة على المنظمات، ومنحها حرية أكبر في ممارسة نشاطاتها».
وأضاف: «أؤيد ما ذهب إليه القانون من عدم تأسيس الجمعيات على مبادئ طائفية مذهبية، وكان واضحاً خلال الأزمة، أن أكثر الجمعيات التي صمدت في تلك الفترة، هي الجمعيات المختلطة، لأنها كانت تمثل جميع الأطياف والفئات».
وفي حين أيد الزياني سن العضوية الذي حدده مشروع القانون، أبدى تخوفاً من أن يكون المشروع بابا للتشديد في مسألة جمع الأموال، معتبراً أن أخذ إذن الوزارة في كل تفصيل يتعلق بجمع الأموال يقيد نشاط الجمعيات، مطالباً في الوقت نفسه إدارة المنظمات الأهلية في وزارة التنمية بأخذ الأمور بمرونة أكثر.
كما أكد الزياني ضرورة أن تقوم إدارة المنظمات الأهلية بعقد جلسات تثقيفية بشأن القانون وبصورة دائمة.
ولا يرى الزياني أي مشكلة في تحديد النظام الأساسي للجمعيات من قبل القانون، شرط أن يكون مرناً ومواكباً للأحداث الأخيرة والتطورات التي تشهدها الساحة الحالية في البحرين.
وختم حديثه بالقول: «يجب ألا يُبنى النظام الأساسي للجمعيات على أنظمة قديمة، وأن يكون قابلاً للتغيير وإعادة النظر فيه. ونتمنى أن تكون هناك مرونة أكثر من قبل الإدارة المعنية في وزارة التنمية في عملية تطبيق القانون، وخصوصاً فيما يتعلق بمسألة جمع المال».
البلوشي: قانون المنظمات غير الربحية يتيح للمؤسسات التحول لمنظمات
المنامة – وزارة التنمية الاجتماعية
قالت وزيرة التنمية الاجتماعية فاطمة محمد البلوشي: إن التشريع الجديد والمتمثل في مشروع قانون المنظمات غير الهادفة للربح، يتضمن مزايا كثيرة للمنظمات الأهلية وذلك من عدة جوانب، أبرزها التصنيف الحديث للمنظمات بأنواعها، مؤكدة أن التشريع الجديد يتيح لمؤسسات المجتمع المدني لتتحوّل لمنظمات أهلية تعمل بمهنية واحترافية.
وفي هذا الصدد، قدّمت البلوشي الشكر والتقدير لرئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، على قراره بإحالة مشروع قانون المنظمات غير الهادفة للربح إلى السلطة التشريعية، وذلك من بعد إقراره في جلسة مجلس الوزراء يوم أمس الأول الأحد.
وحثت مجلسي الشورى والنواب للبت في مشروع القانون الجديد من أجل أن يحل محل التشريع القائم حالياً الصادر في العام 1989، والذي أصبح غير مواكب لمستجدات حراك مؤسسات المجتمع المدني والتطور الذي شهدته مملكة البحرين في مجال الحريات ودعم تمكين المجتمع المدني.
وذكرت البلوشي أن «مؤسسات المجتمع المدني في البحرين بلغت مراتب متقدمة في العمل الأهلي والنوعي، وهو ما يستدعي سن تشريع يتواءم مع احتياجات هذه المؤسسات والتي تمثل ركنا أساسياً في مسيرة التنمية والعمل الوطني».
ولفتت إلى أن «التشريع الجديد يضمن حقوقاً وواجبات المنظمات الأهلية، بما يكسبها زخما أكبر وتكثيفاً في أداء التزاماتها تجاه أعضائها والفئة المستهدفة، لافتة إلى أن جميع التشريعات راعت ثقافة المجتمع البحريني وخصوصيته وهويته وثوابته، كما راعت التوجهات العالمية الحديثة في المجال الاجتماعي.
وأوضحت أن القانون الجديد سيقتصر على الجمعيات الاجتماعية المسجلة لدى وزارة التنمية الاجتماعية، إذ إن هناك حاجة مجتمعية للتعامل بخصوصية مع الجمعيات الاجتماعية، ويرجع ذلك لأسباب أبرزها زيادة عدد المنظمات الأهلية المسجلة لدى الوزارة والذي بلغ حتى نهاية العام الماضي 565 منظمة أهلية، بعد أن أضيفت أنواع جديدة من المنظمات الأهلية كالجمعيات الشبابية، مشيرة إلى أنه بحسب التقارير الصادرة من مؤسسات الجودة الوطنية والعربية أن المجتمع المدني في مملكة البحرين زادت فاعليته في السنوات الأخيرة.
وتابعت «أصبح هناك حراك اجتماعي ملحوظ وأن القانون الحالي صدر في العام 1989 أي قبل 23 عاماً، وخلال هذه السنوات طرأت الكثير من التطورات ولاسيما في العهد الإصلاحي الذي تميز بتمكين المنظمات الأهلية وتشجيع المجتمع المدني على المشاركة الفاعلة في دفع عجلة التنمية، ما تطلب إصدار قانون جديد يتناسب مع كل هذه التطورات.
وفي ختام تصريحها، أكدت الوزيرة البلوشي أن وزارة التنمية الاجتماعية ستواصل دعمها للقطاع الأهلي من أجل الاضطلاع بدوره الوطني الفاعل، وذلك من خلال مجموعة المبادرات والمشروعات المحفزة للمنظمات الأهلية، ومن أبرزها مشروع المنح المالية التي يقدمها صندوق دعم العمل الاجتماعي الأهلي والمركز الوطني لدعم المنظمات الأهلية، والذي يقدم خدمات فنية وإرشادية للمنظمات ويعتبر الأول من نوعه خليجياً، فضلاً عن إشراك ممثلي المنظمات المعنية في اللجان الوطنية والهيئات الرسمية ذات العلاقة، وبما يسهم في أن يكون صوت المنظمات المعنية حاضراً عند الجهات الرسمية، وبما يؤكد دور التشارك في بلورة القرارات والرؤى التي تخدم مسيرة البناء الوطني.
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3629 – الثلثاء 14 أغسطس 2012م الموافق 26 رمضان 1433هـ