هاني الفردان
يسجل يوم الأربعاء (27 فبراير/ شباط 2013) في سجل اعترافات «جمعيات الفاتح» التي قد تكون صدرت عن قصدٍ أو عدم فهم… فقد أعلن المنسق العام لـ «ائتلاف جمعيات الفاتح» أحمد جمعة أنه شرف لجمعيات الفاتح «أن يكونوا ريموت كنترول عند الحكومة وهو أفضل بملايين المرات أن تكون ريموت كنترول لطهران»!
اعتراف صريح وواضح، وشرف يفتخر به جمعة بأن تكون جمعياته مسيّرةً بـ «الريموت كنترول» من قبل الحكومة، وبالتالي لا نلام، ولا يزعل أحدٌ عندما نطلق على هذه الجمعيات بـ «الموالاة»، أو «معارضة المعارضة».
قد يذهب البعض ليقول إن الجمعيات المعارضة هي الأخرى، تدار على حد قول جمعة بـ «الريموت كنترول» من قبل طهران، ولكن يبقى هذا القول «تبَلّي» في ظل إنكار الطرف الآخر لهذه التهمة، وإصراره على استقلاليته، إلا أن «جمعيات الفاتح» اعترفت بنفسها بعدم استقلاليتها، وعلى لسان منسّقها العام.
بعد أقل من ساعة تقريباً من تصريح جمعة والذي كان قبل انعقاد جلسة الحوار الخامسة يوم الأربعاء، قدّمت المعارضة نفسها على طاولة الحوار على أنها «الجمعيات الوطنية المعارضة»، والذي لم يلقَ أي رفض من أي طرف سواءً كانت السلطة أو مؤيديها، وهو ما يسقط «تبَلّي» أو اتهام المعارضة بأنهم «ريموت كنترول» عند «طهران» كما يحلو للبعض ذلك.
اعتراف أحمد جمعة جاء ليؤكد ما قالته الوثيقة السياسية لتجمع الوحدة الوطنية، والتي جاء في طياتها تأكيدٌ مؤكدٌ على أن هذا التجمع «يُستخدم رادعاً للمكوّن الآخر المتماسك في المواقف السياسية والاجتماعية والمطالب»، إذ تأتي دلالات كلمة «يُستخدم» على كونها دلالة الاستمرارية، وعدم اختصاصها بفترة معينة، ولذلك نجد هذا الاستخدام مستمراً حتى الآن.
هذا الكلام جاء ومن باب الصدفة على ما أعتقد، متزامناً مع تصريح غريب وعجيب لوزير شئون حقوق الإنسان صلاح علي أوردته صحيفة «الشروق» المصرية على موقعها عبر مقابلة وصفتها بأنها «خاصة»، إذ سمّى الوزير الأطراف المشاركة في الحوار وعدّد ممثليها، ولو أنه أخفق في التعداد وجاء بأرقام جديدة لا تنمّ عن إلمام الوزير بالمجريات السياسية في البلاد.
ماذا قال الوزير صلاح علي وبالنص «وفقاً لدعوة ملك البحرين حمد بن عيسى الصادرة في يناير الماضي، سيتركز الحوار الوطني على «الشق السياسي»، وبالفعل بدأت جلساته الأربعاء الماضي، بين ثماني شخصيات تمثل المعارضة، و10 يمثلون الموالاة، إضافة إلى 10 عن مجلسي النواب والشورى، وثلاثة وزراء».
رغم أخطاء الأرقام، وتوزيع مقاعد الحوار، إلا أن الوزير صلاح علي (وهو من الإخوان المسلمين وعضو في جمعية الإصلاح، وكان عضواً في كتلة المنبر الإسلامية التي تعتبر جزءاً من «ائتلاف جمعيات الفاتح»)، سمّى ممثلي «جمعيات الفاتح» في الحوار بـ «الموالاة».
كما أن هذا الحديث يأتي أيضاً منسجماً مع ما ذهب إليه أحد كبار مؤسسي التجمع، والذي أكد في أكثر من مناسبة عدم استقلالية «جمعيات الفاتح» في قراراته. ففي تغريدات كثيرة، كتبها المحامي عبدالله هاشم عن عدم استقلالية «جمعيات الفاتح» ولا يُوجد من يرد عليه من قبل التجمع وقياداته، سوى الاعتراف الذي خرج به جمعة مؤخراً، عندما وُجّه له سؤال بخصوص الاتهامات، ليفجّرها مدوّية: نعم، «شرفٌ لنا أن نكون ريموت كنترول» بيد الحكومة!
ربما اعتراف جمعة جاء، نتيجة ضغط «تغريدات» المحامي هاشم، والتي تكشف حقيقةً عن قناعة جزء كبير داخل التجمع عن أن «ائتلاف الفاتح من جمعيات» غير قادر على الاستقلالية والابتعاد عن هيمنة السلطة عليه، فأكد أن «الحكومة تصرّ على إبقاء مشاركة الفاتح ضمن هيمنتها وتعليق المشاركة في الحوار من بعض الأطراف، ما هي إلا مناورات ضمن داخل دائرة الهيمنة».
ربما عبدالله هاشم توافق من حيث يعلم أو لا يعلم مع عددٍ من الجالسين على طاولة الحوار، عندما غرّد قبل أيامٍ قائلاً: «المشكلة بأن وفد جمعيات الفاتح يسبح في مياه مسيرة الموج، إذا أردت أن تسمع موقفهم من أي شيء في أي شيء اسأل عن موقف وزير العدل»! وهذه حقيقة واضحة وبيّنة على طاولة الحوار، فيكفي الوزير أن يهزّ رأسه بالإيجاب أو بالسلب فترى جميع ممثلي «جمعيات الفاتح» وما يُسمّون بـ «المستقلين» يؤيّدون ذلك، دون حتى أن يسمعوا ما سيقول الوزير، قليل الكلام على طاولة الحوار.
سبق أيضاً ذلك الحديث عن هيمنة السلطة حتى على آلية تشكيل ممثلي «جمعيات الفاتح»، بل ذهبت السلطة – بحسب قول هاشم – إلى «فرض أسماء بعينها»، لتكون على طاولة الحوار، ردات فعل الشارع المحسوب على هذه الجمعيات وبالخصوص بعد حديث جمعة عن أنه شرف لهم أن يكونوا «ريموت كنترول بيد الحكومة» كانت واضحة يمكن قياسها من حديث المغرّدين، وعلى سبيل المثال عمار العباسي الذي ردّ على ذلك بالقول: «ونحن نتشرف بالقول إنكم لا تمثلونا».