منصور الجمري
جماعات الكراهية قد تزدهر في أي مجتمع لأسباب مختلفة ومعقدة، وهو ما نرى له شواهد في عصرنا الحاضر، هذا في الوقت الذي ودَّع العالم حقباً سوداء تسببت بها مثل هذه الجماعات غير الإنسانية في أماكن شتى.
جماعات الكراهية تنطلق في خطابها ونشاطاتها على أساس استعداء فئة أو فئات معينة تنتمي إلى عرق أو دين أو طائفة أو أصول قومية أو غيرها، والذين ينخرطون في مثل هذه الجماعات لهم أغراض متعددة من نشر وتعزيز العداء والحقد. فبعضهم ينتمي لتوجهات تقوم أساساً على كراهية الآخر، وبعضهم لديه عقدة نقص ويرى الذين يحقد عليهم يتميزون عليه في شيء ما، وبعضهم ممن يبحث عن أي وسيلة للحصول على أي غنيمة، وهؤلاء عددهم ليس قليلاً، ولو تطلب الأمر غداً أن يتحدثوا بخطاب مناقض 180 درجة عما يقولونه اليوم، فستجدهم في المقدمة مادام مثل هذا الفعل سيجلب لهم غنيمة من الغنائم.
ان خطورة هذه الجماعات (عندما يزدهر نفوذها في مجتمع ما) يتمثل في أنها ترى أي إصلاح للأوضاع يعني «انتهاء مبرر وجودها»، ولذلك يجن جنونها وتراها لا تتورع عن أي شيء، وتقذف الآخرين بحجارة وهي تعلم أن بيتها أكثر هشاشة من الزجاج. وفي كل الأحوال، فإن ما يميز هذه الجماعات هو افتقارها الشديد للمبادئ السامية ولقيم العدالة والإنصاف.
التاريخ يحدثنا عن المصائب التي أحدثتها جماعات الكراهية التي انتشرت في أماكن عديدة، منها جماعة «كو كلوكس كلان» (KKK) في أميركا، والتي كانت تستتر خلف العديد من الواجهات، وبعضهم كان يدعي «التدين المسيحي»، ولكن هذه الجماعة المقيتة اندحرت أمام حركة الحقوق المدنية.
جماعات الكراهية تقف ضد الإصلاح في أي مجتمع تنتشر فيه، وذلك لأنها تعلم أن المجتمع الصالح يرفضها، وأنه لا يمكنها أن «تغنم» من الممارسات غير الإنسانية عندما تستقيم الأمور. ولذلك فلا غرابة أن هذه الجماعات تفقد موازين العقل وتمارس الانتهاكات ضد من تحقد عليه بشكل فاضح، من دون إحترام لأية ضوابط دينية أو إنسانية.