سميرة رجب في ليلة أمس الأول الثلاثاء في برنامج الاتجاه المعاكس شرقت وغربت واتهمت الرأي المعارض البحريني بكل نقيصة. ونست في زحمة الثرثرة أن تغادر مرحلة الرد على الشكل للرد على الموضوع. وهو الذي تطرق إليه المحاور الآخر بشكل واضح بالقول هل من العمالة للخارج أن تطالب بالسير بشكل جدي نحو ما يعزز الديمقراطية في مملكة البحرين؟ هل الإصلاح حلال زلال على شعب مصر واليمن وسوريا وغيرهم حرام ومن عمل الشيطان وخضوع لتوجيهات الخارج إذا قامت فئة من المواطنين في البحرين برفع شعاره والمواجهة تحت لوائه؟!
أنا أعتقد أن الغوص في التفاصيل -لأن الشيطان يكمن هناك-يبعدك عن الحكم الرشيد في سبب وهدف الحراك الشعبي في البحرين. القضية ليست في مدى قبول النخب العربية من عدمه لأشخاص الحراك. المهم والأهم في مدى مشروعية تلك المطالب في زمن الربيع العربي.. لا يستفزك مكان الحدث «البحرين» وطائفة التيار الأكبر المحرك للحدث «الشيعة» عن أن تبحث في مظاهر المعانات اليومية التي يتعرض لها من يشعر بالإقصاء والتي كانت الوقود التي حركت من قبله شعب تونس وليبيا. سميرة رجب للأسف أخذتهم بالصوت وشيطنة الطرف الآخر للتهرب من الرد على مدى اقتناعها وإيمانها بالاستحقاقات المطلوب من الدول دفعها للتحول الديمقراطي. الأستاذ خليل المرزوق يطالب بحقوق دستورية ومشاركة سياسية حقيقية وليست شكلية ومساواة عادلة بين أفراد المجتمع.. والأستاذة سميرة رجب ترد عليه بأن أصله وفصله تبع لهذا وذاك.. كان يجب على الأستاذة النظر للمطالب ومدى مشروعيتها بغض النظر عن طائفة من يطالب بها. في تلك الليلة سمعت من الأستاذة سميرة رجب نفس النغمة التي رددها من قبل مبارك والقذافي وصالح باتهام من ينزل للشارع للمطالبة بحقوقه كمواطن أصيل بأنه عميل للقاعدة أو إسرائيل، وقامت الأستاذة سميرة رجب … بإضافة إيران إلى القافلة كمحرض ومحرك لهؤلاء «العملاء» الشرفاء!.
زبدة القول هل مطالب خليل المرزوق ومن معه في هذا التوجه عادلة ومشروعة أم وسوسة شيطان؟ هذا هو موطن النزاع المسألة ليست نزاعا دوليا بين البحرين وإيران. لب القضية في الحراك السلمي لشعوب المنطقة في هذا الربيع العربي هو في النزاع الحادث بين أنظمة مسيطرة بشكل كامل مثل نظام القذافي سيئ الذكر ونظام بشار الأسد الله يهده، أو شبه كامل في أنظمة أخرى على مقدرات وخيرات ومراكز القوى المالية والمعنوية في الوطن وبين فئات من الشعب لا تتمتع بخيرات وطنها.
خلاصة الحديث تيارات وفئات الشعب الواحد أحق بشعار: دعونا نعمل فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا عليه؛ لأن الإجماع على أمر مشترك بشكل كامل من الصعوبة بمكان. فهلا اتفق شعب البحرين بكل أطيافه على كلمة سواء ألا وهي أن لا إقصاء لأحد بعد اليوم، وأن لا تسفيه لأحلام فريق بهدف تحقيق أحلام الفريق الآخر، وأن المساواة بين المواطنين حكام ومحكومين في الحقوق والواجبات العامة أصل عام لا يجوز انتهاكه تحت أية ذيعة وبدافع أي سبب ولا محاباة فيه لفئة على حساب الفئات الأخرى، وأن سيادة القانون مبدأ يحترم من قبل ابن الأمير قبل أن يفرض على ابن الغفير، وأن الإصلاح ضالة المواطن أنى وجده ومهما كان من يرفعه. فإن المواطن مهما كان أصله وفصله ومهما كان نسبه ودينه وفصيلته التي تؤويه أحق الناس به؛ لأن الإصلاح مطلب أولي النهى والكل مفتقر إليه، ورمي من يسعى إليه بكل الوسائل السلمية بتهمة الردة الوطنية طريق لا يسلك سبيله إلا من جعل الفساد وأهله والترافع في الدفاع عنه وعنهم وسيلة رزق يقتات منها.. والسلام.
جريدة العرب القطرية : 27 أكتوبر 2011م – الموافق 29 دي القعدة 1432