منصور الجمري
التوصيات التي نتجت عن المراجعة الدورية الشاملة لملف البحرين الحقوقي في جنيف كان عددها 176، والحكومة وافقت على تنفيذ 145 توصية بشكل كلي، و13 بشكل جزئي (لاحقاً قالت الحكومة إنها وافقت على توصيتين أخريين). وكما تم التطرق إليها سابقاً، فإن التوصيات التي وافقت عليها الحكومة في 19 سبتمبر/ أيلول 2012 مهمة جداً، وفيما لو تم تنفيذها بالشكل الذي طرحته المراجعة الدورية، فإن البحرين ستشهد نقلة نوعية في حياتها السياسية.
إن من أهم ما وافقت عليه البحرين هو ما يتعلق بتوصيات تقرير بسيوني، والتي أصبحت الآن تعهدات أمام الدول الأعضاء بمجلس حقوق الإنسان، ويتابع تنفيذها خبراء حقوق الإنسان التابعون لآليات الأمم المتحدة. وهذا يختلف عن الوضع قبل جلسة جنيف، إذ إن الذي كان يتابع تنفيذ توصيات بسيوني هي وزارة العدل البحرينية فقط.
وقد جاء في التوصيات التي وافقت الحكومة عليها: «التنفيذ الكامل للتوصيات الواردة في تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، ولاسيما بشأن وضع برنامج للمصالحة الوطنية، وتلبية تطلعات المجموعات التي هي ضحية للتمييز، وضمان تحقيق المحاكمة العادلة للمعتقلين أمام المحاكم الجنائية العادية، ووفقاً للمعايير الدولية، ورفع جميع القيود المفروضة على تنقلات الصحافيين الأجانب والمنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان، والعمل على تنفيذ الالتزامات الوطنية في البحرين بموجب العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب، واتفاقية حقوق الطفل»… و «الإفراج فوراً ودون قيد أو شرط عن جميع الأشخاص المحكوم عليهم بسبب ممارستهم لحقوقهم الأساسية في حرية التعبير والتجمع، وخصوصاً خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي بدأت في فبراير/ شباط 2011، والتحقيق في حالات الوفاة في الحجز، ومحاكمة جميع المسئولين عن التعذيب وسوء المعاملة وعمليات القتل غير القانونية والاعتقالات التعسفية على نطاق واسع»… «تنفيذ الالتزام بإعادة بناء المساجد التي تم هدمها»… «إلغاء أو تعديل قانون الصحافة للعام 2002 بإزالة جميع القيود على حرية الصحافة والتي لا تتفق مع الأحكام ذات الصلة بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية»… «بذل كل الجهود لتخفيف الرقابة ومنح الجماعات المعارضة المساحة المناسبة لها عبر وسائل الإعلام»… «إلغاء الأحكام القانونية التي تقيد على نحو غير ملائم المظاهرات السلمية، وإزالة القيود المفروضة على حرية التعبير، والسماح للمعارضة بالوصول إلى وسائل البث التلفزيوني والبث الإذاعي والإعلام المطبوع»، الخ.
البعض سيقول: ثم ماذا؟ فالحكومة ستوافق على كل هذه التوصيات كما وافقت على توصيات بسيوني من قبل، ولكن الوضع لن يتغير وإن كل شيء سيتم تكييفه بطريقة تنتهي إلى النتيجة نفسها، فالشخص الذي كان يعتقل بتهمة إبداء الرأي سيتم تغيير تهمته إلى «التعدي على الغير»… ربما هذا كله أو بعضه صحيح، ولكن الحواجز الموضوعة أمام تجاوزات حقوق الإنسان ارتفعت قليلاً، هناك خبراء ومراقبون دوليون يفهمون الأمور، ولذا فإننا أفضل حالاً بعد موافقة الحكومة على التوصيات أمام مجلس حقوق الإنسان.