في حلقة حوارية تزامناً مع الذكرى الثانية لأحداث 14 فبراير
سياسيون: «توصيات بسيوني» لم تنفذ بدقة… والحكومة تكرّس الإفلات من العقاب
أكدت فعاليات وطنية أن «الجهات الرسمية لم تنفذ التوصيات الصادرة عن اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، بشكل دقيق»، وأشارت إلى أن «الجهات الرسمية عمدت إلى الالتفاف على الكثير من تلك التوصيات».
جاء ذلك خلال الحلقة الحوارية التي نظمها المرصد الأهلي لحقوق الإنسان، أمس السبت (9 فبراير/ شباط 2013) بالجمعية البحرينية لحقوق الإنسان بالعدلية، وحضرها سياسيون وحقوقيون وقانونيون وأطباء، وأدار الحلقة رئيسة جمعية التمريض البحرينية رولا الصفار، وذلك تزامناً مع الذكرى السنوية الثانية لاندلاع حركة الاحتجاجات في 14 فبراير 2011.
وأشارت الفعاليات إلى أن «توصية لجنة تقصي الحقائق فيما يخص محاسبة المسئولين عن الانتهاكات التي وقعت إبان الاحتجاجات في العام 2011، لا تزال حبراً على ورق، وأن ما يجري على الأرض هو تكريس لسياسة الافلات من العقاب».
—————————————————————————
المطوع: «توصية بسيوني» بتدريب الجهاز القضائي لم تنفذ
إلى ذلك، تحدث المحامي محمد المطوع عن ما تعلق بالقضاء منذ إعلان حالة السلامة الوطنية في العام 2011، وقال في مداخلته خلال الحلقة الحوارية:«إن القضاء منذ مارس / آذار 2011 بشقيه النيابة العامة والمحاكم، ومنذ أن أعلنت حالة السلامة الوطنية، أٌسنِدَ للقضاء العسكري بشقيه النيابة والقضاء حق محاكمة السياسيين استناداً لأحكام المرسوم الملكي (18)، رغم إن الأفراد المقدمين أمام القضاء ليسوا عسكريين، مما أطلق يد جهاز الأمن الوطني وجهات أمنية أخرى للقبض على السياسيين خارج إطار أحكام القانون، فتمت مداهمة منازلهم والقبض عليهم دون مراعاة حرمة المنازل أول أحكام قانون الإجراءات الجنائي وأحكام الدستور».
وأضاف «إن ما حدث دفع المنظمات الحقوقية الدولية للضغط والمطالبة بإعادة محاكمة كل من صدر ضده حكم نهائي، أو لا زال أمام إحدى درجات التقاضي أمام القضاء المدني وقد صدر ذلك الأمر بمرسوم لاحق من جلالة الملك».
وأشار إلى أن «الأجهزة الأمنية تعاملت بفضاضة شديدة، ووقعت الكثير من الانتهاك وصلت إلى حد وفاة 4 مواطنين تحت التعذيب من بينهم الشهيد عبدالكريم فخراوي والشهيد علي العشيري».
واستعرض المطوع ما تعرض له المحامون خلال فترة السلامة الوطنية، وقال:«مورست ضد المحاميين إجراءات أمنية في التفتيش عند كل دخول وخروج في قاعات المحاكم، أما القضاة الموجودون على منصات القضاء العسكري فكان الرئيس عسكرياً والمساعدون مدنيون، ورغم تمكين المحامين من تقديم دفاعهم وسماع شهودهم واستجواب شهود الإثبات، إلا إن الأحكام القضائية جاءت قاسية، وصلت في بعض القضايا إلى السجن المؤبد مثل قضية الرموز وشباب المنامة والسجن 20 سنة لقضايا الخطف وقطع اللسان، بالإضافة إلى أشدها الإعدام في قضايا الدهس».
وبيّن المطوع أن «الأحكام القضائية الصادرة في قضية الرموز تحديداً وقضايا الخطف والدهس وقطع اللسان وشباب المنامة، مشددة بالمخالفة لأحكام التوصية رقم 1727 من تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق التي أوصت بتخفيف الأحكام الصادرة من محكمة السلامة الوطنية، بل إن محكمة الاستئناف العليا في قضية الرموز حرمت المحامين من تقديم شهود النفي بشكل علني في قاعة المحكمة مما حرم الرموز الاستفادة من سماع الشهود، بل إن المحكمة خالفت حكم محكمة التمييز التي يعتبر أحكامها مبادئ عامة بهدر 3 تهم تتعلق بالتخابر والانقلاب على نظام الحكم وتعطيل العمل بأحكام الدستور والقوانين، ثم جاءت محكمة التمييز لتؤيد حكم الاستئناف العليا رغم عدم تقديم النيابة أي جديد في القضية، بالمخالفة لحكمها السابق، وجاءت هذه الأحكام كنتيجة طبيعية لما انبنت عليه القضايا أمام النيابة العسكرية من توصيف وإسناد، يتضح إن الدولة لم تعيد محاكمة من تمت محاكمتهم بل استكملت ومن خلال القضاء الجنائي محاكمة الرموز والمتهمين».
وفيما يخص شكاوى التعذيب، أوضح المطوع أن «التعذيب أدى إلى وفاة 4 من البحرينيين داخل أماكن الاحتجاز، ورغم الشكاوى المقدمة من المعذبين والتي أسقط منها 45 شكوى بزعم عدم كفاية الأدلة، ولم يتم التحقيق مع الموظفين الرسميين، ولم يتعامل معهم على إنهم مجرمين ارتكبوا جرائم أفضت إلى فقدان الحياة، فكل من وجهت إليه تهمة التعذيب يأتي إلى القضاء طليق غير مكبل اليدين وبدون حراسة، بل تدفع الدولة بمجموعة من الموظفين للشهادة بأنه بريء من التعذيب رغم ثبوت واقعة التعذيب من خلال تقارير مستشفى القلعة والمستشفى العسكري وتقرير بسيوني، بخلاف أحكام التوصية 1723، بل جاءت أقسى عقوبة في قضايا التعذيب الحكم بالسجن (7) سنوات، دون تجريد من الخدمة، ودون إيداعه السجن».
وبيّن أن «المرسوم الملكي بتعديل أحكام قانون الإجراءات الجنائية في مادتين قضى بعدم سقوط الجريمة بالتقادم، وقد اعتبر إن أفعال التعذيب الصادر من الموظفين الرسميين من لحظة القبض على المتهم حتى عرضه على النيابة، وكذلك أفعال التعذيب المقترنة بتنفيذ العقوبة بعد صدور الحكم، أفعال غير مجرمة ولا تعد أفعال تعذيب بالمخالفة للتوصية رقم 1718 المتعلقة بتعديل قانون الإجراءات».
وذكر المطوع أن «التوصية رقم 1722/د من تقرير بسيوني والمتعلقة بتدريب الجهاز القضائي، لم تنفذ حتى الآن».
واعتبر أن توقيف المعتقلين 45 يوماً على ذمة التحقيق، مخالفة لأحكام المادة 147 من قانون الإجراءات القانونية، والتي أمرت بالحبس الاحتياطي مدته (7) أيام فقط.
—————————————————————————
العكري: «توصيات بسيوني» ستظل في صلب أية عملية إصلاحية
من جانبه، قال رئيس جمعية الشفافية البحرينية الناشط الحقوقي عبدالنبي العكري إن «تقرير بسيوني أحدث ما يشبه التسونامي على مختلف الصعد والمستويات والرأي العام المحلي والدولي والحكومات ذات الصلة بالبحرين والأمم المتحدة والمنظمات الدولية ذات العلاقة، وبالطبع منظمات المجتمع المدني البحرينية والعربية والدولية، ومن أهم ما أثاره تقرير بسيوني على صعيد المجتمع المدني في البحرين تظافر جهود الجمعيات واللجان والشخصيات الحقوقيه لتشكيل المرصد البحريني لحقوق الإنسان».
وأضاف «على رغم الأهمية التي اكتسبها تقرير بسيوني والاهتمام المحلي والدولي بما جاء فيه كمرجع توثيقي للانتهاكات التي وقعت في العام 2011، إلا أن الجهات الرسمية لم تنفذ التوصيات الواردة في التقرير بشكل دقيق، بل جرى الالتفاف على الكثير منها».
وذكر العكري أن «التوصية المتعلقة بوضع آلية مستقلة لمحاسبة كبار المسئولين المتسببين في الانتهاكات، لم تجد طريقها للتنفيذ الصحيح على أرض الواقع، كما أن ما طالب به بسيوني في تقريره بشأن إحالة القضايا من محاكم السلامة الوطنية إلى القضاء العادي كان يقضي بإعادة المحاكمة من جديد وليس الاستمرار على الاعترافات السابقة التي انتزعت تحت وطأة التعذيب».
وأشار العكري إلى أن «بسيوني اعتبر في تقريره أن قضية الرموز تعتبر من قضايا التعبير عن الرأي، غير أن الجهات الرسمية تنفي وجود معتقلين رأي، وهذا مخالفة لما جاء في التقرير، كما أن بسيوني صرح في مقابلة صحافية قبل فترة بأن البحرين لم تنفذ التوصيات بشكل حقيقي».
وأكد أن «توصيات بسيوني أصبحت توصيات دولية وسنظل نتمسك بها وهي ستكون في صلب أية عملية إصلاحية في البحرين».
وفيما يخص قضية الإفلات من العقاب، قال العكري «الذين جلبوا للمحكمة وقدموا شهاداتهم بخصوص التعذيب، تحدثوا أمام المحاكم عن تفاصيل مؤلمة لما جرى عليهم في فترة التوقيف، والجهات الأمنية على علم بمختلف جوانب قضايا التعذيب، كما أن هذه الشهادات التي قدمت أمام القضاء تضمنت أسماء أشخاص اتهموا بتعذيب الموقوفين، غير أن الجهات الأمنية لم تتخذ ولا مبادرة واحدة لتقديم أؤلئك الأشخاص إلى القضاء، مما يعني أن الجهات الرسمية تكرس سياسة الإفلات من العقاب التي انتقدها تقرير اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق».
—————————————————————————
التاجر: الانتهاكات تفاقمت بعد «توصيات جنيف»
من جهته، تحدث المحامي محمد التاجر عن أن «الجهات الرسمية لم تبادر حتى الآن إلى تنفيذ التوصيات التي خرج بها مجلس حقوق الإنسان في جنيف فيما يخص الملف البحريني، ومن المفترض أن تقدم البحرين في مارس / آذار 2013 تقريراً توضح من خلاله خطواتها لتنفيذ تلك التوصيات، إلا أن الجهات الرسمية تستعد لارسال وفد إلى جنيف من أجل تلميع الصورة».
وقال التاجر في ورقته التي قدمها أمس: «إن الانتهاكات ازدادت وتيرتها بعد توصيات مجلس حقوق الإنسان بجنيف، فبدلاً من احترام حقوق الإنسان، عمدت الجهات الرسمية إلى سحب الجنسية عن عدد من المواطنين، وهدم عدد من المساجد، وذهبت البحرين لاتخاذ إجراءات حاطة بالكرامة بعد إبعاد الكاميرات الدولية، وتم التضييق على الناس في حقهم في ممارسة الشعائر الدينية، كما أن سياسة الإفلات من العقاب بالنسبة للمتسببين في الانتهاكات لازالت مستمرة».
وطالب التاجر بأن تبادر الجهات الرسمية إلى تنفيذ جملة التوصيات التي صدرت بخصوص أوضاع حقوق الإنسان في البحرين، وضرورة إطلاق سراح المعتقلين ووقف الاعتقالات التعسفية.
وأشار إلى أن «بعض الأفراد تم توقيفهم لأكثر من 6 أشهر، في حين لا يعلم أهاليهم عن أماكن توقيفهم، خصوصاً في قضايا التفجيرات، وما يصل من أنباء تشير إلى أن هؤلاء المعتقلين في وضع إنساني مزرٍ».
وانتقد التاجر «الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين، ومنع الناس في ممارسة التعبير عن الرأي، ومن الضروري إعادة الجنسية البحرينية لمن اسقطت عنه من دون وجه حق».
ورأى التاجر «من الواضح أن الدولة لا تهتم بالتنمية وصيانة الحريات ولا تهتم بما يجري في الداخل البحريني ومنها تردي الأوضاع الاقتصادية، إذ تركز جهودها على تحسين صورتها في المجتمع الدولي»، مشدداً على ضرورة أن تهتم الدولة بتنمية الإنسان البحريني وتوفير متطلبات الحياة الكريمة له.
—————————————————————————
الموسوي: أكثر من 100 معتقل خلال شهر واحد
إلى ذلك، قال القيادي في جمعية الوفاق سيدهادي الموسوي: «إن السلطة تريد تنفيذ الأحكام بحق الأشخاص الذين صدرت بحقهم أحكام في الفترة السابقة، ومن بينها قضية الأطباء التي وعدت السلطة المجتمع الدولي بأنه سيتم إنهاء القضية، ولكن عادت القضية إلى السطح، وكذلك الحال بالنسبة إلى قضية السيتي سنتر وكذلك جمشير فيروز، وكذلك صديقة البصري المحكومة بالحبس 6 أشهر لأنها جرحت مشاعر شرطي، هذا مؤشر خطير ويبدو أن هناك كثيراً ممن سيتم استدعاؤهم ممن صدرت بحقهم أحكام».
وأشار إلى أن «استمرار التعذيب ملف مهم، خصوصاً بعد صدور تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، فقد كانت التصريحات الرسمية تشير إلى توقف التعذيب، ولكن ما يحدث على الأرض يخالف هذه التصريحات».
وفيما يخص التوقيف لمدة 45 يوماً على ذمة التحقيق في القضايا، ذكر الموسوي أن «هذه عقوبة مسبقة، ومن تم توقيفه لم يعاد التحقيق معه، بل هو تنفيذ لعقوبة قبل صدور الحكم القضائي، وهي مخالفة يجب الالتفات لها، وعلى سبيل المثال هناك 25 معتقلاً من المشاركين في مسيرة المنامة في 17 ديسمبر / كانون الأول 2012، وفي 18 يناير/ كانون الثاني 2013 تم اعتقال 16 شخصاً في مسيرة المنامة، وحالياً هناك أكثر من 100 معتقل على خلفية مشاركتهم في فعاليات سلمية خلال شهر واحد».
وطالب الموسوي بالمساواة في تنفيذ العقوبات، وتحدث عن أن «بعض رجال الشرطة المتهمين في قضايا قتل مثبتة بالأدلة لا زالوا طلقاء، فيما يتم توقيف أشخاص أثناء فترة التحقيق معهم في قضايا تتعلق بحرية الرأي والتعبير، بل وتصدر بحقهم أحكام غليظة».
—————————————————————————
تمام: قرار فصل الأطباء مخالف للقانون
وفي مداخلته، تحدث الطبيب نبيل تمام عن ملف الأطباء وما تعرضوا له منذ اندلاع الاحتجاجات في فبراير 2011، وقال تمام: «صدر تقرير بسيوني في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، وكان هناك تصريح من محمود شريف بسيوني نقلاً عن الجهات الرسمية بإرجاع جميع المفصولين والموقوفين لأعمالهم، وانتظرنا من نوفمبر 2011 إلى أبريل/ نيسان 2012، حيث تم إرجاع مجموعة من المفصولين والموقوفين من وزارة الصحة، ولكن تم التنكيل في قضايا التمريض الذين لم يعودوا إلى أماكنهم».
وأشار إلى أن «إرجاع الطواقم الطبية لأعمالهم في تلك الفترة كان ذلك بمثابة استعداد الجهات الرسمية لجلسة مجلس حقوق الإنسان في جنيف، بغرض تحسين الصورة أمام المجتمع الدولي».
وأوضح تمام أن «حكم محكمة الاستئناف الذي صدر في يونيو /حزيران 2012، والذي قضى بتبرئة أطباء، إلا أن المبرأين قضائياً لم يعودوا لأعمالهم بعد».
وتحدث عن قرار صدر قبل نحو أسبوعين بفصل 7 من الأطباء والممرضين، وأشار إلى أن «تاريخ صدور قرار الفصل يعود إلى أغسطس / آب 2012، وهو صادر قبل صدور حكم محكمة التمييز في أكتوبر/ تشرين الأول 2012، وبالتالي فإن قرار الفصل تعسفي ويتضمن مخالفة قانونية، ويتعين إلغاؤه وإعادة المفصولين لأعمالهم».
ورأى تمام أن «عمليات الفصل التي طالت الكوادر الطبية تتضمن شبهات قانونية»، وطالب بالإفراج عن الطواقم الطبية لأن اعترافاتهم انتزعت تحت وطأة التعذيب، وشدد على ضرورة التراجع عن قرار الفصل التعسفي، وإرجاع من تمت تبرئتهم لأعمالهم، وذلك من أجل تهيئة الأرضية اللازمة لإنجاح الحوار الذي تعول عليه مختلف الأطراف لإخراج البحرين من الأزمة التي تمر بها.
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3809 – الأحد 10 فبراير 2013م الموافق 29 ربيع الاول 1434هـ