الجمعيات الإسلامية تدعم المرأة!
وتؤكد سعيها لتنوير المجتمع بدورها السياسي
بعد انتهاء الدورة البرلمانية الأولى عادت إلى الشارع البحريني أجواء الانتخابات من جديد وبدأ الجميع يستعد لخوض هذه المعركة السياسية خصوصاً المرأة التي تسعى إلى الحصول على مقعد في البرلمان، ونظراً لأهمية دخول المرأة في الانتخابات بدأت تنتشر ظاهرة جديدة في البحرين وهي توجه الجمعيات السياسية الإسلامية إلى ترشيح المرأة للانتخابات القادمة على قوائمها وتعمل على دعمها بكافة الطرق والوسائل.
وتعلل هذه الجمعيات هذا التغير المفاجئ والعمل على دعم المرأة بعد ان كانت ترفض دخولها بأن المرأة البحرينية كانت لها أدوار كثيرة استطاعت من خلالها ان تثبت جدارتها خلال السنوات الماضية. مع الانفتاح السياسي الذي حدث في عام 2002 والتصويت على ميثاق العمل الوطني تم منح المرأة حقوقها السياسية ما مكنها من الولوج إلى المعترك السياسي بصورة رسمية، ولكنها في ذلك الوقت وبالتحديد واجهت عدة صعوبات ساهمت في التقليل من إنجازاتها السياسية. ومن أبرز الصعوبات التكتلات الإسلامية التي قام بعضها بتحريم دخول المرأة تحت قبة البرلمان، بالإضافة إلى نقص الوعي المجتمعي وعدم تقبله مشاركة المرأة بجانب الرجل في المجالات السياسية.ولكن هذه الصعوبات لم تحبط من عزيمتها بل أعطتها دفعة قوية لمجابهة تلك الصعوبات خصوصاً بعد تبني المجلس الأعلى للمرأة برنامج التمكين السياسي الذي كان يعمل على تعريف المرأة بدورها السياسي بالإضافة إلي الدعم الكبير للمرأة من قبل جلالة الملك فقد تم تعيينها سفيرة ووزيرة وقاضية وغيرها من المهام السياسية التي استطاعت أن تثبت جدارتها فيها. خلال السنوات الأربع الماضية استطاعت المرأة أن تضع لها علامة بارزة على خريطة البحرين السياسة مما أعطاها الدعم الكافي لخوض الانتخابات القادمة ولن تترشح مستقلة فقط بل ان هناك بعض المترشحات سينزلن على قوائم الجمعيات الإسلامية ولكن ما الذي دفع تلك الجمعيات إلى العمل على دعم وترشيح المرأة على الرغم من التحفظ الذي واجهه ترشحها في الانتخابات الماضية؟! هذا ما نحاول معرفته من خلال التحقيق التالي. نؤمن بالمرأة محمد يوسف الحمد أمين سر جمعية الشورى الإسلامية يقول: مع بداية الانفراج السياسي عام 2002 تم تأسيس تجمع يمثل المنتمين إلى الجمعيات الإسلامية والاتفاق على إنشاء جمعية واحدة لجميع الأطياف التي تمثل الجمعيات الإسلامية السنية وكان من أبرز أهدافها هي إشراك المرأة في العمل السياسي على ان يتم ذلك وفق معايير وضوابط معينة، ولكن هذا القرار أدى إلى انشقاق جمعية الأصالة الإسلامية عن هذا التجمع. وعندما قمنا بطرح دعمنا للمرأة تقدمت إلينا الكثير من الأخوات للحصول على الدعم الكافي وقد خضعن إلى عدة اختبارات لتحديد مدى كفاءتهن وقدرتهن على خوض المضمار السياسي بالإضافة الى ضرورة التعرف على قدرات كل متقدمة وإذا كانت تحظى بقبول اجتماعي وتصلح للعمل التطوعي الاجتماعي وغيرها من المعايير التي لو تمكنت من اجتيازها فستحظى بدعم الجمعية وخصوصاً إننا نمتلك الإيمان الكامل بقدرات المرأة ونرغب في ترشيح الشخص الأفضل، ونحن حالياً ندعم مرشحة للنيابي في محافظة المحرق. لم نكن متحفظين ويقول أمين سر جمعية الاخاء الوطني يونس إبراهيم ان الجمعية لم تكن متحفظة منذ البداية على اقتحام المرأة المجال السياسي بل بالعكس كنا نؤيد دخولها وسندعم كل امرأة تحتاج الى الدعم وتكون مهيأة وقادرة على العطاء في المجال السياسي وخصوصاً ان المرأة لا تختلف عن الرجل وقد تقدمت في جميع المجالات واستطاعت ان تقدم خدمات جليلة للوطن وأثبتت من خلالها أنها جديرة بالحصول على المقعد النيابي. وعن سر تغير رأي بعض الجمعيات وقبولها لترشيح المرأة يرى ان تغيير الأفكار يتأثر بمعطيات معينة وعندما قامت بعض الجمعيات بالعمل على دعم المرأة في الانتخابات القادمة فذلك وفق توجهات معينة تكون من خلال منظورها الشخصي. ثقافة التعمية ويعتبر سيد رضوان الموسوي أمين سر جمعية العمل الإسلامي (أمل) أن مشاركة المرأة في الانتخابات القادمة أمر مطلوب لأنها جزء من المجتمع، لذلك من الطبيعي أن تقوم الجمعية بمساندة ترشيح المرأة وخصوصاً ان دورها لا يقل عن دور الرجل في جميع المجالات وقد كفله قانون حق مباشرة الحقوق السياسية، ولأننا جمعية إسلامية فنحن نسترشد بالدين لأنه بطبيعة الحال لا يتعارض مع تطور المرأة. وعن سبب التغيير في وجهة نظر الجمعيات وقيامها بترشيح المرأة يقول: لقد كانت ثقافة (التعمية) هي السائدة في ذلك الوقت وقد كرس المجتمع ثقافته ضد المرأة للعمل على إقصائها وإزاحتها عن موقعها الحقيقي في العمل سواء من الناحية السياسية او الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والقول بأن هذه الأدوار تكون محصورة فقط على الرجل بدون المرأة لأن المفهوم السائد عن المرأة إن أهميتها تكمن في دورها من خلال قيامها بواجباتها الأسرية، وهذا المفهوم لا يتوافق مع المفاهيم الحقيقية لأن الدور الأسري لا يمنعها من اقتحام كافة المجالات واثبات جدارتها فيها، ومن جهة أخرى فإن الذين يتحججون بالإسلام فالإسلام لم يقف حجر عثرة في طريق المرأة. لذلك فنحن في الجمعية نعمل على استقطاب المرأة لممارسة العمل السياسي من خلال الجمعية وليس فقط من خلال اللجان الفرعية والعمل التطوعي، لذلك سنسعى إلى تنوير المجتمع بأهمية دور المرأة السياسي، ولكن التحفظ سيكون في العمل البلدي لما يتطلبه من جهد لا يتناسب مع طبيعة المرأة بخلاف ممارسة السياسية تحت قبة البرلمان. وعي الشارع ويتحدث محمد عبدالقادر خنجي عضو جمعية ميثاق العمل الوطني عن الأسباب التي تكمن وراء دعم المرأة وترشيحها للانتخابات القادمة ويقول إن الجمعية تدعم حالياً 3 مرشحات للانتخابات القادمة كما أننا نرحب بدعم أي امرأة تكون ذات كفاءة عالية ومهيأة لخدمة الوطن والمواطن ويعود ذلك لأن حضور المرأة أصبح أكثر من السابق وخصوصاً ان الشارع البحريني بدأ يعي أهمية وجود المرأة في المعترك السياسي، بالإضافة إلى دعم جلالة الملك فقد أعطاها دافعا قويا لخوض المجال السياسي واثبات مقدرتها، ومن جهة أخرى فهو يقول: في انتخابات 2002 لم يكن هناك معارضة كبيرة من قبل شيوخ الدين ولكن الذي ساهم في فشل المرأة هو أن المرأة نفسها لم تصوت لها ولم تساهم في إنجاحها. لأن المجتمع بشكل عام كان لا يرى أن المرأة تستطيع تقديم الكثير. الكوتا النسائية ويرى د.حسن العالي نائب الأمين العام في التجمع القومي الديمقراطي ضرورة وجود الكوتا النسائية في الفترة الحالية حتى تتمكن المرأة من الوصول إلى قبة البرلمان وذلك من خلال دراسة جدية لمشروع الكوتا الوطني حيث يتم تطبيق وتنفيذ برنامج شامل يتعلق بالتوعية المجتمعية لأهمية دور المرأة في البرلمان بالاضافة إلى العمل على إعداد برنامج سياسي متكامل يساهم في ولوجها إلى البرلمان وهذا لن يتم تنفيذه إلا بالتزامن مع تنفيذ الكوتا النسائية. وعن التغيير الذي طرأ على الجمعيات الإسلامية بخصوص ترشيح المرأة يقول: لم تكن الجمعيات الإسلامية تعارض دخول المرأة الانتخابات وإنما كانت تتحفظ على بعض الأمور، والجمعية الوحيدة التي مازالت رافضة هي جمعية الأصالة الإسلامية، فالتحريم لم يكن موجودا من قبل تلك الجمعيات ولكن الخلل كان في تنظيم الشعارات، ومن جهة أخرى فان الجدية في التغيير وإنزال المرأة على قوائمهم الانتخابية يجب ان يضعوها في دوائر تكون النتيجة فيها محسومة وليست في دائرة تمنى بالفشل خصوصاً إننا نلاحظ ترددا واضحا من قبل الجمعيات في هذا المجال ولذلك نحن نعتبره قصورا كبيرا. ضوابط شرعية د.علي أحمد نائب رئيس جمعية المنبر الإسلامي يتحدث عن توجهات الجمعية ويؤكد على أن جمعية المنبر الوطني الإسلامي تمتلك رؤية واضحة تجاه مشاركة المرأة في العمل السياسي وبالأخص في الجانب البرلماني ولكن وفق ضوابط شرعية معينة وقد كان هذا واضحا جداً لدى الرأي العام والدليل على ذلك أن مجلس إدارة الجمعية فيه أختان فاضلتان تساهمان في وضع القرارات الإدارية، كما أن الموضوع كان واضحا من الناحية الشرعية فكانت هناك دراسة معمقة من علماء ومشايخ المنبر بأن المرأة في الإسلام لها كامل الحقوق والواجبات ولا تختلف عن الرجل كما أنها أدرى بشؤون أختها المرأة وذلك من خلال طرح قضايا المرأة وتفهم مشاكلها، هذا من الناحية الشرعية، ومن الناحية القانونية والاجتماعية لا توجد أي معارضة من وجهة نظر المنبر في دخولها للمعترك السياسي ولكن وفق ضوابط شرعية واضحة، وخصوصا ان المنبر لم تعارض دخول المرأة في انتخابات 2002 بل كانت تؤيد مشاركتها والدليل على ذلك أن المنبر كانت ستدرج مرشحة على قائمتها للانتخابات القادمة ولكنها حالت دون مشاركتها نظراً لتعرض المرشحة لظروف خاصة قد منعتها من المشاركة، فقضية الترشيح بحسب رؤية المنبر يجب أن تكون وفق ضوابط ومعايير معينة بحيث تكون كفؤة وتستطيع أن تخدم المجتمع سواء كانت في المجلس البلدي أو النيابي وتؤدي دورها على أكمل وجهه. دائرة محسومة ويرى رضي الموسوي الناطق الإعلامي بجمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) أنها خطوة جيدة من قبل الجمعيات الإسلامية في تغيير نظرتهم للمرأة وخصوصاً ان المجلس الأعلى للمرأة كان له دور بارز في الجانب الترويجي للمرشحات، ومن جهة أخرى فحتى نقتنع بأن الجمعيات الإسلامية سترشح المرأة في الانتخابات القادمة فعليها أن تقوم بإنزالها في دوائر محسومة وليس في دوائر يكون الفشل هو الغالب عليها. وخصوصاً ان هناك توجهات داخلية وأخرى دولية لدعم المرأة في أخذ مكانتها السياسية وان تكون هناك شراكة حقيقية للتوجه نحو ديمقراطية المجتمعات والتركيز على دول العالم الثالث وبالأخص الدول العربية وعليها أن تتجاوب معها بشكل ايجابي وتدعم دخول المرأة ويكون دخولها لإحداث حركة سياسية وليس كديكور اجتماعي تطبقه الجمعيات الإسلامية. حراك ثقافي مميز أما الشيخ حسن سلطان مسئول الملف النيابي في جمعية الوفاق الوطني الإسلامية فيقول: ان الوفاق كانت مقاطعة للانتخابات السابقة لذلك لم تكترث بوضع المرأة السياسي في ذلك الوقت ولكن على الصعيد الداخلي وقائمة الترشيح الداخلية في الجمعية كانت هناك تدرج نساء على قائمتها لأنها تؤمن بأهمية دور المرأة في المجال السياسي والاجتماعي، وخصوصاً ان وجود المرأة قد ساهم في حراك ثقافي مميز، ومن جهة أخرى فإن الوفاق تؤيد دخول المرأة في المعترك السياسي ولكن في المجلس التشريعي تحت قبة البرلمان وبالمقابل فإنها تستصعب دخولها إلى المجلس البلدي نظراً لصعوبة العمل البلدي. على الرغم من أن غالبية الجمعيات الإسلامية والسياسية تؤيد دخول المرأة الى الانتخابات القادمة إلا أن جمعية الأصالة الإسلامية ما زالت تعترض علي ذلك فما هي الأسباب الكامنة وراء هذا الرفض؟ إبراهيم بوصندل أمين سر جمعية الأصالة يقول: في جمعية الأصالة نحن نتبنى الرأي الذي يقول انه لا يجوز للمرأة أن تتولى الولايات العامة ومنها رئاسة الدولة ورئاسة الجيش وتكون عضوة في السلطات التشريعية، والبرلمان سلطة تشريعية لذلك نرى عدم جوازها، ويقول الرسول (ص) (خاب قومٌ ولوا أمرهم امرأة) خصوصا انه في ذلك الوقت لم تول امرأة الولاية لا في عهد الرسول وعلى في عهد الخلفاء الراشدين، ويتضح ذلك من خلال سيرة الرسول (ص) لأنه لم يعين أيا من نسائه في الأمور الخاصة بالحكم، ومن الناحية الاجتماعية نرى أن الظروف المحيطة بالعمل النيابي أو البلدي لا تناسب المرأة المسلمة وهذا العمل يتطلب نوعا من الاختلاط وان تفتح مجلسا وتستقبل فيه الرجال وهذا لا يتناسب مع المرأة المسلمة كما أن جمهور الفقهاء لم يجيزوا دخول المرأة في العمل السياسي والحجة التي يستند عليها المؤيدون لدخول المرأة في السلطات التشريعية بحجة أن المرأة ستخدم المرأة هذا شيء غير صحيح لأن الرجل يستطيع خدمة الطرفين الرجل والمرأة. ويستشهد بإحدى المواقف التي حدثت في المجلس الوطني عام 1973 من قبل الشيخ عيسى قاسم والشيخ عبدالأمير الجمري عندما تركا الجلسة وغادراها عندما كانا يناقشان قضية دخول المرأة في الترشيح والانتخاب بعدها قام المجلس بإقرار عدم مشاركة المرأة لا بالتصويت أو الترشيح مما دفع نادي الإصلاح في ذلك الوقت إلى الثناء على هذه الخطوة الإيجابية. ويعلق على تبني الجمعيات الإسلامية دعم وترشيح المرأة ضمن قوائمها الانتخابية: إنهم تبنوا رأيا مغايرا لما كانوا مقتنعين به في السابق، فالبعض منهم أصبح يجامل المرأة على حساب دينه ويرى أن هناك غرضا في الوقوف أمام هذا المد وتمكين المرأة السياسي، والبعض الآخر قام بدعمها حتى لا يوصف بالرجعية والتخلف.
8 أكتوبر 2006م
(*) نشرفي: أخبار الخليج