تعليقاً على اقتراحات وزير التربية والتعليم في المؤتمر العام لمنظمة اليونسكو في دورته السادسة والثلاثين المنعقد في مقر المنظمة بالعاصمة الفرنسية باريس، والمتعلق بـ «الاهتمام بالتعليم والتنمية المستدامة»، لابد من الإشارة إلى أهمية الموضوع، على اعتبار أن الإنسان يجب أن يكون المحور الثابت والفعلي ضمن مفهوم التنمية المستدامة، والذي لا يمكن أن تستقيم أو تتطور الأشياء من دون الإنسان، لأنه المحرك لكل الأمور. فمتى ما تطور الإنسان تطورت كل الأشياء من حوله.
وبحسب تعبير تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن «الرجال والنساء والأطفال ينبغي أن يكونوا محور الاهتمام، فيتم نسيج التنمية حول الناس وليس الناس حول التنمية». كما تؤكد تعريفات التنمية المستدامة بشكل أكثر اتساعاً، على أن التنمية يجب أن تكون بمشاركة الناس في صنع القرار السياسي والاجتماعي، الذي ينعكس على حياتهم في الجوانب المختلفة. إلا أننا نشعر بخيبة الأمل لما يجري على الإنسان المعلم، والإنسان الطالب في البحرين، حيث إن ما يتخذ ضدهم من إجراءات فصل وإيقاف وخصم من الراتب وغير ذلك، لا ينسجم ولا يتناغم البتة مع مفهوم التنمية المستدامة.
المقترح الآخر المتمثل في النأي بالمدارس عن الصراعات السياسية، نعتبر ذلك أمراً في غاية الأهمية وجدير بالمناقشة، حيث إن إبعاد المدارس عن السياسة لا يعني إبعاد المدرس أو الطالب عن ممارسة حقه السياسي والتعبير عن رأيه في الشأن العام خارج أسوار المدرسة. ولا يجب معاقبته بسبب هذه الممارسة المكفولة دستورياً في هذا الشأن.
الحديث عن محاربة الفقر وتمكين المرأة وذوي الاحتياجات الخاصة حديث ليس بجديد، بل إن تمكين المرأة أصبح شعاراً قديماً، ولكن كيف لنا أن نقره أو نأخذ بصحته في وقت نرى المرأة المتعلمة والمعلمة تطرد من عملها، ومحرومة من العيش الكريم ومجهولة المصير. وأية محاربةٍ للفقر والأفواج من المرّبين والمربّيات وغيرهم يعانون نتيجة فقدانهم لوظائفهم وقطع أرزاقهم وإيقاف رواتبهم، ويعانون نتيجة لالتزاماتهم مع البنوك وعاجزون عن القيام بأبسط الأمور اليومية. وكيف يمكن أن نحارب الفقر في ظل الحرب المعلنة على الناس في أرزاقها وأقواتها.
الفقر عامل تحدٍ كبير في سبيل تحقيق التنمية المستدامة، والذي قد يخلق مشكلة إضافية مثل البطالة وتزايد الديون والأمية وإضعاف العمل المؤسسي، وخصوصاً مؤسسات المجتمع المدني وتفشي الجريمة وقد يؤدي إلى اختلالٍ في الجانب الاجتماعي والأخلاقي، ويخلق أجواءً غير مستقرة، وذلك لشعور المواطن بالحرمان من مصدر رزقه وعدم الاعتراف بمؤهلاته وتجاهل خبراته وغياب حقه الإنساني وكرامته. كل ذلك لا يمكن أن يؤسس إلى تنمية مستدامة، ولا يمكن أن يقلّل من مستوى الفقر، ولا يمكن أن يخفض مستوى البطالة… وبالتالي لابد من أن تنسجم المقترحات مع الواقع وإلا فقدت بريقها وموضوعيتها
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3344 – الخميس 03 نوفمبر 2011م الموافق 06 ذي الحجة 1432هـ