عقيل ميرزا
كان ياما كان ليس في قديم الزمان كان هناك مجلس تشريعي ورقابي اسمه الكونغرس الأميركي قرر ذات يوم من أيام العام 2012 حجب الثقة عن وزير العدل الأميركي آنذاك، واسمه إربك هولدر، بعد اتهامه بعدم احترام الكونغرس، فلملم الرجل بشته وسبحته، عفواً تايه ومعطفه، وخرج من قاعة الكونغرس وللأمانة لا أعرف من أي باب خرج ولكن ما أعرفه أن أبواب الكونغرس كانت كبيرة ومازالت تسَع لديناصور وليس لجمل فقط.
السيد إربك هولدر لم يقم بجريمة كبيرة، ولم يستحوذ على شيء من المال العام، ولم يستملك أرضاً من دون وجه حق، ولم يستحوذ على ساحل، ولم يواجه في لجنة تحقيق برلمانية بتهم فساد، ولم يكن ترد ضده مخالفة في ديوان الرقابة المالية، ولم يتورط بعجز اكتواري لصندوقي التأمينات والتقاعد، ولم يكن مداناً بالتعذيب في تقرير بسيوني، ولم يتغيب عن جلسات المجلس هرباً من الإجابة على أسئلة السادة النواب، كل ما فعله هذا الوزير هو امتناعه عن تسليم بعض الوثائق إلى مجلس النواب للاطلاع عليها، وقد قامت قائمة البيت الأبيض، وانتفخت أوداج الرئيس الأميركي باراك أوباما، وقد برر امتناع الوزير عن تسليم تلك الوثائق، إلا أن قرار الكونغرس بطرد وزير العدل لم يكن قابلاً للتفاوض، والوزير المطرود لم يكن بوسعه غير المغادرة، ولو كان متغتراً لأماط الغترة لثاماً وخرج من المجلس بدون وجه.
لا أعلم لماذا ذكرتني هذه الحادثة، بحادثة أخرى، تطبخ على نار عالية لدينا في مجلس النواب هذه الأيام، وهي الاستعداد لحجب الثقة ليس عن وزير فاسد، أو مسئول مختلس، وإنما لطرد نائب زميل لم يعد مرغوباً فيه للجلوس على أحد مقاعد مجلس النواب.
السباق على الورقة الموقعة لرفع طلب طرد الناب أسامة مهنّا، كان سباقاً تاريخياً، فالمحظوظ من النواب من يحجز لاسمه مساحة على هذه الورقة التي اكتظت بأسماء خمسة وعشرين نائباً، وهارد لكل نائب لم يحصل على مساحة لاسمه، وللعلم فإن الفرصة لا تزال سانحة، ومن فاته تسجيل اسمه في ورقة الطلب، فليبادر بالتصويت لطرد النائب الزميل عندما يطرح الموضوع على المجلس، حتى نتذكر ما حيينا أن برلماننا يستطيع أن يقتلع نائباً برلمانياً، ولكنه لا يستطيع أن يقتلع زرّاً من ثوب موظف فاسد، فضلاً عن حجب الثقة عن وزير.
حينها سيقول أبناؤنا عندما تمخض البرلمان أقال نائباً.