منصور الجمري
تقرير لجنة تقصّي الحقائق أوصى بتعددية الإعلام في البحرين وإفساح المجال للرأي المعارض بأن يجد له مساحة في وسائل الإعلام المملوكة للدولة. وقد ذكر التقرير في فقرة 1629 أن اللجنة شاهدت «مجموعة من المواد التي عُرضت على التلفزيون الوطني أو التي أذيعت عبر أثير الإذاعة الوطنية أو التي نشرتها وسائل الإعلام الوطنية المطبوعة. وتضمّن كثيرٌ من هذه المواد لغة مهينة وتغطية تحريضية للأحداث، وقد يكون بعضها قد انطوى على التشهير».
ولكن، وبدلاً من الاستماع إلى توصيات التقرير الذي أمر به جلالة الملك، شاهدنا مساء أمس الثلثاء (22 مايو/ أيار 2012) فقرة في أحد برامج تلفزيون البحرين ما يشير إلى أن النهج مازال أبعد ما يكون عن ما أوصت به لجنة تقصّي الحقائق، إذ عادت اللغة ذاتها التي أدانها تقرير بسيوني، وبشكل منافٍ ومناقض بصورة مباشرة لكل الوعود التي أطلقت نحو تحسين محتويات تلفزيون البحرين.
إننا لا نحتكم فقط إلى تقرير لجنة تقصّي الحقائق، وإنما إلى ما جاء على لسان جلالة الملك مراراً وتكراراً، وآخرها في اليوم العالمي لحرية الصحافة في 3 مايو 2012، عندما أكد عاهل البلاد «انحيازه التام والدائم إلى حقوق الصحافيين والكتّاب والإعلاميين ومؤسساتهم في أداء رسالتهم السامية من دون تهديد أو مضايقة»، وقال: «لم ولن نقبل في عهدنا أن يتعرض صحافي للإهانة أو الاعتقال أو الحبس بسبب ممارسة حقه القانوني والدستوري في التعبير عن الرأي».
و جاء في رسالة العاهل «نؤكد اعتزازنا بروّاد الصحافة البحرينية الذين حملوا على عاتقهم بناء الإعلام البحريني الحديث على أسس من التنوع والتعددية والمصداقية، وتقديرنا لأصحاب الأقلام الحرة والموضوعية، والأصوات الوطنية الصادقة والنزيهة، والكوادر الإعلامية المبدعة التي تضع مصلحة البحرين وتقدمها وازدهارها فوق أي اعتبارات مادية أو أيديولوجية أو طائفية. إن تقدم حرية الصحافة وازدهارها يمثل مؤشراً على حيوية مشروعنا الإصلاحي واستدامة إنجازاته التنموية والحضارية، فلا مساس بحق أبناء الوطن في التعبير عن آرائهم، ولا سقف لحرياتهم وإبداعاتهم سوى ضمائرهم المهنية ومسئولياتهم الوطنية والأخلاقية، ومراعاتهم لوحدة الشعب ومصالحه العليا وفقاً للدستور والقانون».
نأمل من المسئولين مراجعة ما ورد مساء أمس في تلفزيون البحرين، ومقارنته بما جاء على لسان جلالة الملك، وبتوصيات تقرير بسيوني، إرساءً للعدالة وتنفيذاً لكل الوعود والتوصيات.