تقليص صلاحيات جهاز الأمن الوطني
هاني الفردان
صدر عن عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة مرسوم رقم 115 لسنة 2011 بتعديل بعض أحكام المرسوم رقم 14 لسنة 2002 بإنشاء جهاز للأمن الوطني.
وشمل هذا المرسوم تعديلات مهمة جداً قلصت من صلاحيات الجهاز الأمني الذي شغل طوال الفترة الماضي دور «أمن الدولة»، واختزل المرسوم صلاحيات الجهاز الأمني فقط في «جمع المعلومات ورصد وكشف جميع الأنشطة الضارة المتعلقة بالتجسس والتخابر والإرهاب».
وسحبت التعديلات صلاحيات كانت مدرجة لهذا الجهاز وهي «وضع الخطط الأمنية اللازمة لمواجهة جميع الظروف العادية والاستثنائية بالتعاون والتنسيق مع الجهات الحكومية المختصة».
التعديلات كانت إيجابية وواضحة وصريحة وتمثل استجابة مباشرة لتوصيات تقرير اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق، الذي تطرق لدور هذا الجهاز، وطالب التقرير بمحاسبة المسئولين عن التجاوزات التي وقعت.
توصيات اللجنة كانت مباشرة ونصت بوضوح على ضرورة تعديل المرسوم الخاص بتأسيس جهاز الأمن الوطني لإبقائه جهازًا معنيًا بجمع المعلومات الاستخبارية دون إنفاذ القانون أو التوقيف.
كما رأت اللجنة ضرورة إقرار تشريع ينص على سريان أحكام قانون الإجراءات الجنائية عند توقيف الأشخاص حتى أثناء سريان حالة السلامة الوطنية.
الاستجابة لهذه التوصية كانت سريعة من قبل عاهل البلاد الذي أصدر مرسومين يوم أمس الأول، الأول بتعيين رئيس جديد للجهاز بالوكالة، والثاني بتعديل صلاحيات الجهاز واقتصار عمله على جمع المعلومات الاستخباراتية، وإيكال مهمة القبض والتوقيف إلى وزارة الداخلية لاتخاذ الإجراءات القانونية بشأنها، ودون الإخلال بأحكام قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (46) لسنة 2002.
من خلال القراءة السريعة للتوصية وللمرسومين، فإن إصلاح جهاز الأمن الوطني لم يحتج إلى تشكيل لجان لدراسة التوصية، ولا إلى خبراء لفحصها والتأكد منها، وإنما الأمر احتاج فقط لقرارين سياسيين سريعين… إنها معالجة توصية وردت في التقرير بشكل مباشر ومن دون أي خلط للأوراق.
مثل هذه المعالجات السريعة هي التي نحتاجها في الوقت الراهن، قضايا كثيرة وتوصيات كثيرة تحتاج لقرار سياسي سريع يضع النقاط على الحروف، ويكون خطوة في مشوار التصحيح الحقيقي للخروج بالبلد من عنق الزجاجة المتأزم.
لا أعتقد بأن قضية إعادة المفصولين لأعمالهم هي الأخرى بحاجة إلى لجان، فاللجنة موجودة ولكنها من دون أي جدوى، ولا إلى قرار فالقرار أيضاً موجود، ولكن قضية المفصولين بحاجة إلى اجتثاث المعرقلين لتنفيذ القرار السياسي الواضح من جلالة الملك على اعتبارهم عقبة حقيقية في طريق الإصلاح.
الواضح للجميع أنه ومنذ الوهلة الأولى لصدور قرار تشكيل اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، كانت مهماتها وصلاحياتها واضحة، إذ رسمت للجنة الأهداف ووضعت على الطريق من أجل تلمس الأخطاء والكشف عنها.
وكان الجميع يتحدث عن ضرورة الأخذ بما يأتي به التقرير وتنفيذه بشكل مباشر ومن دون أي تأخير، وبالتالي فاللجنة خرجت بتوصيات، لا تحتاج للجنة أخرى تدرسها، أو تقيمها، أو تراجعها أو تؤخر إجراء تنفيها.
جلالة الملك بتعديل صلاحيات جهاز الأمن الوطني، رسخ مفهوما صحيحا، وهو أن القرار السياسي قادر على تفعيل توصيات لجنة تقصي الحقائق وإن كان في أصعب الأماكن وهو المتعلق بـجهاز الأمن الوطني