.jpg)
إعداد محمد القاياتي
اظهر تقرير لجنه الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي، صباح امس، الكثير من الحقائق البشعة عن طرق الاستجواب والتعذيب التي اتبعتها وكاله الاستخبارات المركزية (سي اي ايه) في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) 2001.
وأشار التقرير إلي تعذيب 118 معتقلا باستخدام ما يسمي «تقنيات الاستجواب المعززة»، والتي تشمل الإيهام بالغرق والحرمان من النوم لعده أيام متواصلة (وصلت في بعض الحالات الي 180 ساعة متصلة)، والوقوف في أوضاع صعبه وأيديهم مقيده فوق رؤوسهم، والحبس في مساحات صغيره، والتعذيب بالتحكم في درجة الحرارة، حيث كشف التقرير عن مقتل احد المعتقلين لبقائه في درجه حرارة منخفضة للغاية، عاريا جزئيا مقيدا بالسلاسل علي أرضيه خراسانيه.
والقي التقرير الضوء علي ممارسات بشعة لتعذيب المعتقلين، شملت الصفع واللكم وتقييدهم عراه وسحلهم علي الممرات. وقال التقرير ان عددا من المعتقلين الذي تعرضوا لتلك الحالات من التعذيب عانوا من الهلوسة والأرق، وحاولوا إيذاء أنفسهم.
وأكد التقرير ان تلك الأساليب وتقنيات التعذيب لم تكن ذات فاعليه، ولم تؤد إلي الحصول علي معلومات قيمه من المعتقلين، وأسفرت عن معلومات مفبركة في كثير من الأحيان. وأوضح التقرير أن تقنيات وكاله الاستخبارات المركزية ذهبت إلي ما هو ابعد من الحدود القانونية المنصوص عليها لوزارة العدل الأمريكية، وان الوكالة أخضعت المعتقلين لأساليب تعذيب قاسيه وتجاهلت الضمانات القانونية وهاجمت رئيسه لجنه الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكي ديان فاينشتاين بضراوة وكاله الاستخبارات المركزية، وفندت كل الادعاءات لمسئولي الاستخبارات المركزية حول فاعليه أساليب الاستجواب وأهميتها في الحصول علي معلومات قيمه لمكافحه الإرهاب ومنع وقوع هجمات إرهابيه.
واستعرضت فاينشتاين في خطاب استمر لأكثر من ساعة أمام الكونجرس الحقائق التي توصل الي التقرير والأساليب التي وصفتها بالوحشية وغير الآدمية في استجواب المعتقلين. وأشارت إلي أن تقنيات الاستجواب المعززة التي استخدمتها وكاله «سي اي ايه) لم تؤد إلي جمع معلومات استخباراتيه ذات أهميه بما يؤدي إلي إحباط مؤامرات إرهابيه، بل قام المعتقلون بقديم معلومات مضلله.
وقالت فاينشتاين «خلال الأسبوعين الماضيين تعرضت لضغوط لتأجيل إعلان التقرير لما نواجهه في العالم من حاله عدم استقرار في منطقة الشرق الأوسط، وهي حاله ستستمر سواء تم إعلان التقرير أم لا». وأضافت «التاريخ سيحاسبنا، والإصرار علي نشر التقرير يؤكد قدرتنا علي مواجهه الحقائق القبيحة والتعهد بعدم تكرارها».
وأشارت رئيسه لجنه الاستخبارات في مجلس الشيوخ إلي نتائج رئيسية للتقرير، وهي أن تقنيات الاستجواب المعززة لم تؤد إلي جمع معلومات استخباراتية مهمة، وان برنامج الاستجواب استخدام تقنيات أكثر وحشيه بكثير عما هو معروف للمشرعين والجمهور والذي تم الكشف عنه في عام 2006. وأكدت فاينشتاين عدم وجود ارتباط بين المعلومات التي تم الحصول عليها باستخدام تقنيات الاستجواب المعززة والأمثلة الناجحة التي استشهدت بها وكاله الاستخبارات المركزية، وان المعلومات التي حصل عليها محققو الوكالة أثناء استجواب المعتقلين كانت في كثير من الأحيان ملفقه وغير دقيقه، وان التعذيب دفع المعتقلين لإعطاء اعترافات كاذبة اعتمدت عليها وكاله أخري مثل مكتب التحقيقات الفيدرالي في السير في اتجاه خاطئ اعتمادا علي معلومات خاطئة.
وأشارت إلي اعتقال 119 معتقلا خلال فتره البرنامج، منهم 26 معتقلا تم اعتقالهم ظلما وبقي معظمهم قيد الاعتقال لعده أشهر بعد أن قررت وكاله الاستخبارات أنهم ينبغي احتجازهم.
ويشير التقرير إلي استخدام وكاله الاستخبارات المركزية للتعذيب «مرارا وتكرارا» في استجواب 20 معتقلا بعد هجمات 11 سبتمبر. ومن ابرز أساليب التعذيب تكنيك محاكاة الغرق الذي تم استخدامه مع ثلاثة معتقلين أبرزهم خالد شيخ محمد الذي تعتبره الولايات المتحدة العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر، وأبو زبيده الذي أشار التقرير الي انه تم استجوابه من دون توقف في الفترة من 4 أغسطس 2002 إلي 21 أغسطس وحرمانه من النوم.
وفي ملخص من 480 صفحه نشر أمس، من أصل التقرير الكامل المكون من 6 ألاف صفحه، يسلط الضوء علي تفاصيل موثقه لأساليب الاستجواب بعد هجمات 11 سبتمبر، ويشير الملخص التنفيذي للتقرير إلي 20 حاله أطلقت عليها وكاله الاستخبارات المركزية اسم «تقنيات الاستجواب المعززة» بين عامي 2002 و2006، شملت الإيهام بالغرق والحرمان من النوم. وقد اعتمد التقرير علي ستة ملايين من الوثائق و38 ألفا من الاستجوابات والشهادات من مسئولي الاستخبارات أمام الكونجرس، وفي خطابات إلي البيت الأبيض، أضافه إلي 38 إلف صوره.
ولأول مره يشير التقرير الي شبكه من المعتقلات والسجون الخارجية التي تستخدمها وكالة الإستخبارات الأميركية «المواقع السوداء»، حيت تم استجواب المعتقلين في بلدان أخري مثل بولندا وتايلاند وأفغانستان.
وقال التقرير ان 54 دوله تعاون بطرق متباينه مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لتسهيل عمليات «ترحيل قسري»، وعمليات اعتقال لصالح الاستخبارات الأمريكية، لكن التقرير احتفظ بأسماء تلك الدول سريه.
وعبرت العديد من الحكومات الأجنبية بما في ذلك بريطانيا وبولندا عن هوية بعض الدول في التقرير، فيما أشار بعض المسئولين الي ان بعض الدول الحلفاء التي ساعدت الاستخبارات المركزية شملت انظمه ديكتاتوريه مثل نظام الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، والرئيس الليبي معمر ألقذافي، والرئيس السوري بشار الأسد.
وتحدث السيناتور الجمهوري جون ماكين، الذي كان أسيرا وتعرض للتعذيب خلال حرب فيتنام، مدافعا عن التقرير، وقال «انا اعرف من التجربة الشخصية إن اساءه معامله السجناء تكشف عن الكثير من المعلومات السيئة». وهاجم بعض الجمهوريين التقرير، معتبرين انه مضيعه للوقت والمال. وقال السيناتور الجمهوري ماركو روبيو «إن تكلفه التقرير بلغت أكثر من أربعين مليون دولار من أموال دافعي الضرائب الأميركيين». وقال روبيو في بيان مشترك مع السيناتور جيم ريش «قلقون من أن إصدار التقرير قد يعرض حياه الأميركيين في الخارج للخطر، ويعرض علاقات الولايات المتحدة مع الشركاء الأجانب للخطر، ويمكن أن يحرض علي العنف وخلق المشاكل السياسية لحلفائنا».
ورفضت فاينشتاين والديمقراطيون في مجلس الشيوخ مقترحا باستخدام أسماء مستعارة لتجنب الكشف عن هويات لعملاء سريين لوكالة الاستخبارات الأميركية، لكنها اعترفت في ما بعد بالاستسلام لبعض المطالب.
وفور صدور التقرير، قال الرئيس الأميركي باراك اوباما إن أساليب الاستجواب لوكالة الاستخبارات الأميركية في عهد الرئيس السابق جورج بوش «ألحقت أضرارا كبيره بمكانه الولايات المتحدة في العالم، وجعلت من الصعب متابعة مصالحنا مع الحلفاء والشركاء.
والتقرير يوثق برامج مثيره للقلق تنطوي علي أساليب الاستجواب للمشتبه في ضلوعهم في الإرهاب في منشات سريه خارج الولايات المتحدة».
وأضاف اوباما في بيان وزعه البيت الأبيض «في حين أن الولايات المتحدة قامت بأشياء جيده في السنوات التي تلت هجمات 11 سبتمبر 2001 فان بعض الإجراءات التي تم اتخاذها كانت تتعارض مع قيمنا، ولهذا السبب عندما توليت منصبي قمت بحظر التعذيب لان افضل الطرق فعاليه لمكافحه الإرهاب والحفاظ علي امن الأميركيين هي البقاء علي احترامنا للقيم في الداخل والخارج. وسوف استمر في استخدام سلطتي كرئيس للتأكد من أننا لن نلجأ أبدا إلي هذه الأساليب مره أخري».
وأشار الرئيس الأميركي الي انه دعم رفع السرية عن التقرير، قائلا «واحده من نقاط القوه التي تجعل أميركا استثنائية هي استعدادنا لمواجهه أخطائنا علنا». ودافع اوباما عن القيم الأميركية في الدفاع عن الحرية والديمقراطية والكرامة وحقوق الإنسان، وابدي في الوقت نفسه امتنانه لأجهزة الاستخبارات وعملها «بلا كلل» للحفاظ علي سلامة وامن الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر وتدمير تنظيم القاعدة وإحباط الهجمات الإرهابية وتحقيق العدالة بقتل أسامه بن لادن.
وأثار التقرير جدلا واسعا قبل وبعد صدوره، ودعا وزير الخارجية الأميركي جون كيري السيناتور فاينشتاين لإعادة النظر في قرار رفع السرية عن التقرير. وقالت جين بساكي، ألمتحدثه باسم الخارجية الأميركية، ان كيري لديه مخاوف من توقيت إعلان التقرير الذي قد يشعل الغضب ضد الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم.
وشدد المتحدث باسم البيت الأبيض علي أن الهدف من رفع السرية عن التقرير هو ان يفهم الناس ما حدث وما تم بعد ذلك، حتي لا يحدث ذلك مره أخري. وقال ارنست «من الصعب تخيل التفاصيل المؤلمة التي يتضمنها التقرير، لكن الرئيس اوباما يعتقد انه من المهم ان يكون هناك قدر كبير من الشفافية حول ما حدث بالضبط، وان يكون ذلك واضحا للراي العام الأميركي وفي جميع أنحاء العالم، والتأكد من أن شيئا مثل هذا لا ينبغي ان يحدث مره أخري».
وحذر العضو الجمهوري مايك روجرز، رئيس لجنه الاستخبارات بمجلس النواب، من تبعات إعلان التقرير وما قد يسببه من عنف، وقال «أنا اعتقد ان إعلان التقرير هو فكره رهيبة، وقد وجه بعض الزعماء الأجانب تحذيرات لنا مما قد يسببه التقرير من اندلاع أحداث عنف وقتل».
وقد واجه التقرير اعتراضات واسعة داخل الأجهزة الاستخباراتيه وداخل الكونجرس ومن المسئولين الأميركيين السابقين. ودافع الرئيس الأميركي السابق جورج بوش بشده عن الاستخبارات الاميركية، في مقابله مع شبكه سي ان ان، قبل ساعات من صدور التقرير «نحن محظوظون لان لدينا الرجال والنساء الذين يعملون بجد في وكاله الاستخبارات المركزية ويعملون لحمايتنا، وهذه هي الوطنية، ومهما يقل التقرير فانه لن ينتقص من المساهمات المهمة التي قاموا بها لحماية الولايات المتحدة».
وقبل صدور التقرير، دافع نائب الرئيس الأميركي السابق ديك تشيني عن وكاله الاستخبارات الأميركية وأساليب الاستجواب التي اتبعتها في أعقاب هجمات 11 سبتمبر. وشدد علي ان عمليات الاستجواب القاسية كان لها مبررات قويه، ورفض الادعاءات بان وكاله الاستخبارات عملت علي حجب المعلومات او تضخيم فعاليه تلك العمليات. وقال تشيني الذي كان ابرز المدافعين عن نهج أجهزه الاستخبارات في استجواب المعتقلين «انهم يحاولون تصوير ذلك علي انه عمليه مارقة، وان وكاله (سي اي ايه) عملت خارج الحدود ثم كذبت حول هذا الموضوع، واعتقد ان كل ذلك هراء، فلا يمكن للوكاله المضي قدما دون ترخيص تم استعراضه من الناحية القانونية من قبل وزاره العدل قبل ان يتم تنفيذ البرنامج». وأضاف تشيني «إنهم (رجال الاستخبارات المركزية) يستحقون الكثير من الثناء ولا بد من تقليدهم الأوسمة وليس انتقادهم».
وشدد مسئولون بالاستخبارات الأميركية (ممن وردت أسماؤهم في التقرير) علي أنهم اخطروا الكونجرس بكل تفاصيل أساليب الاستجواب في ذلك الوقت، وان برامج الاستجواب التي اذن بها الرئيس جورج دبليو بوش في ذلك الوقت كانت تخضع للمراجعة والتجديد سنويا. واتهم مسئولو الاستخبارات أعضاء لجنه مجلس الشيوخ بتجاهل أن تلك البرامج أنقذت الولايات المتحدة من هجوم وشيك آخر.
و قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إن من بين الفقرات التى وردت فى تقرير لجنة استخبارات مجلس الشيوخ عن وسائل الاستجواب التى استخدمتها وكالة الاستخبارات المركزية "سى آى إيه" حديث عن قيام موظفى الوكالة بإخضاع المحتجزين غير المتعاونين لممارسة تسمى: "معالجة الجفاف عن طريق الشرج أو التغذية الشرجية".
وأوضح توماس بورك، الأستاذ بكلية الطب بجامعة هارفارد الأمريكية إنه لجميع الأغراض العملية، لا يستخدم هذا الأسلوب على الإطلاق، فلا أحد فى الولايات المتحدة يقوم بمعالجة جفاف شخص من خلال الشرج، لا أحد يطعم أحدا من خلال المستقيم، تلك ليس ممارسة عادية، وأضاف أنه استطلع رأى خمسة من زملائه لهم خبرة عقود فى هذا المجال، ولم يستخدم أحداً منهم هذا الأسلوب من قبل.
ووفقا لما ورد بالتقرير، فإن المواطن السعودي عبد الرحيم الناشرى، الذي يزعم أنه كان العقل المدبر لتفجير المدمرة كول، دخل فى إضراب عن الطعام أدى إلى قيام السى آى إيه بإطعامه قسرا عن طريق الشرج.
كما أن خالد شيخ محمد، العقل المدبر لأحداث 11 سبتمبر، خضع لمعالجة الجفاف عن طريق الشرج دون أى ضرورة طبية موثقة. وقال مسئول الاستجواب لاحقا إن هذا الأسلوب أثبت سيطرته الكاملة على المحتجز.
وخضع المواطن الباكستاني ماجد خان الذي اعترف بذنبه عام 2012 فى خمسة جرائم حرب منها القتل ومحاولة القتل والتجسس، لهذا الأسلوب. وكان محتجزا لدى السى آى إيه فى الخارج لثلاث سنوات قبل أن يتم نقله إلى منشأة عسكرية فى جوانتنامو. ويقول التقرير إن خان خضع لتغذية قسرية عن طريق الشرج وكذلك معالجة الجفاف بنفس الطريقة.
وقال خبير بالأمم المتحدة فى مجال حقوق الإنسان إن التقرير الذي نشره مجلس الشيوخ الأمريكي اليوم الثلاثاء يكشف عن "سياسة واضحة نسقت على مستوى عال داخل إدارة بوش" وطالب بملاحقة قانونية للمسئولين الأمريكيين الذين أمروا بارتكاب جرائم ضد المعتقلين منها التعذيب.
وقال بن ايمرسون المقرر الخاص للأمم المتحدة فى مجال حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب إنه يجب ملاحقة المسئولين الكبار فى ادارة بوش الذين خططوا وأجازوا ارتكاب جرائم وكذلك مسئولي المخابرات المركزية الأمريكية ومسئولين آخرين بالحكومة اقترفوا عمليات تعذيب مثل محاكاة الغرق.
وذكر ايمرسون فى بيان صدر فى جنيف "فيما يتعلق بالقانون الدولى فإن الولايات المتحدة ملزمة قانونا بإحالة اولئك الأشخاص إلى نظام العدالة." وأضاف "وزير العدل الأمريكي مسئول قانونا عن توجيه اتهامات جنائية ضد أولئك المسئولين."
وجاء فى تقرير مجلس الشيوخ اليوم إن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ضللت بشكل روتينى البيت الأبيض والكونجرس فيما يتعلق ببرنامجها لاستجواب المشتبه بهم فى الإرهاب وأن الوسائل التي استخدمها ومنها محاكاة الغرق كانت أكثر وحشية مما أقرت به الوكالة.
ورحب ايمرسون وهو محام دولي بريطاني يتولى ذلك المنصب المستقل منذ عام 2010 بنشر التقرير الذي تأخر وأثنى على إدارة أوباما "لمقاومتها للضغوط الداخلية للتكتم على هذه النتائج المهمة".
وقالت رئيسة لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ المعنية بنشر تقرير التعذيب الخاص بوكالة الاستخبارات الأمريكية "سى آى إيه"، اليوم الثلاثاء، إن الوكالة أمدت البيت الأبيض والكونجرس ووزارة العدل ووسائل الإعلام والجمهور الأمريكي بمعلومات خاطئة لتبرر عمليات التعذيب التى تقوم بها ضد معتقليها.
ذكرت "فينستين" قيام الـ"سى آى إيه" بفبركة معلومات تفيد القبض على إرهابيين، وإحباط عمليات إرهابية ضد أمريكا، ثبت عدم صحتها عند مراجعة تقارير وكالة الاستخبارات نفسها، مضيفة أن جزءا من تلك المعلومات الخاطئة قدم للرئيس الأمريكى، فى محاولة لتبرير برنامج استجواب المعتقلين عن طريق التعذيب. كشفت "فينستين" أن لجنة الاستخبارات داخل الكونجرس الأمريكي لم تُعرف ببرنامج الـ"سى آى إيه" الجديد إلا قبيل ساعات من إعلان الرئيس الأمريكي السابق "جورج بوش" له فى خطاب ألقاه 6 سبتمبر عام 2006، مضيفة أن المعلومات التي تصف مهام البرنامج المسمى "وسائل استجواب متطورة" لم تكن دقيقة، ونتائج البرنامج لم تكن صحيحة أيضا.
وقالت "فينستين" إن العديد من نواب الكونجرس- هى بينهم- اعترضوا على وسائل وكالة الاستخبارات آنذاك، وقدموا ذلك فى شكل مذكرات مكتوبة، ولكن جهاز الـ"سى آى إيه" لتمرير برامج تعذيب المعتقلين قدمت مذكرة لوزارة العدل الأمريكية لا تتضمن أى اعتراضات من قبل نواب الكونجرس. وقالت رئيسة لجنة الاستخبارات، إن "السى آى إيه" قدم معلومات مغلوطة وغير دقيقة للبيت الأبيض حول مدى تأثير ونتائج وسائل تعذيب المعتقلين، وتجاهل إجابة أسئلة مباشرة من مسئولين في البيت الأبيض حول برنامج الاستجواب.
وأضافت ديان أن اللجنة التى راجعت 6.3 مليون ورقة من سجلات الـCIA ، وقدمت تقريرا مكون من 500 صفحة، وجدت أن أساليب الاستجواب المتطورة التى استخدمتها الـCIA لم تكن فعالة، وكانت أكثر وحشية مما صورته الوكالة للرأي العام الأمريكي وصناع السياسية.
ويعرض التقرير تفاصيل احتجاز ما يقرب من 119 فردا خارج الولايات المتحدة الأمريكية واستخدام أساليب استجواب قسرية وصلت فى بعض الحالات إلى تعذيب. وأوضحت رئيس لجنة الاستخبارات فى مجلس الشيوخ إن أساليب برنامج التعذيب الذى استخدمته الـCIA لم تكن فعالة، حيث راجعت اللجنة 20 مثلا بارزا "لنجاحتها" فى مكافحة الإرهاب، والذى أعزته الوكالة إلى استخدام هذه الأساليب، لكنها وجدت أن جميع هذه الأمثلة كانت خاطئة، إذ لم تكن هناك علاقة فى بعض الحالات بين المعلومات التى قدمها المعتقل الذى طبق عليه برنامج الاستجواب. وأكدت أن المعلومات التى أدت إلى نجاح الوكالة فى بعض الحالات أخذت من المعلتقين قبل تطبيق البرنامج، أو حصل عليها من مصادر لا تشمل المعتقلين.
وتحدثت عن أن الأساليب التى استخدمت فى الاستجوابات نتج عنها معلومات مفبركة، ولم تدر حينها الوكالة بذلك، مما أسفر عن اعتقاد ضباط الـcia بأنهم يحصلون على معلومات استخباراتية هامة والواقع ليس كذلك. وقالت رئيس لجنة الاستخبارات فى "الشيوخ" إن "السى آى إيه" تدرك إنها لم تراجع مدى فاعلية اساليب الاستجواب برغم التوصيات، من مستشارة الأمن القومي، كوندليزا راس، وقيادة لجنة الاستخبارات فى الكونجرس.
وكشفت ديان فينستين، رئيس لجنة الاستخبارات فى مجلس الشيوخ أن سوء إدارة وكالة الاستخبارات الامريكية الـ CIA لبرنامج التعذيب، ظهرت جليا فى سوء إداراتها لمؤسسة اعتقال بدأت عملياتها فى سبتمبر 2002، وأشير لها مجازا فى التقرير لأسباب أمنية باسم "كوبالت"، إذ لم تحتفظ سوى بسجلات رسمية قليلة للمعتقلين بداخلها، فى الوقت الذى أجرى فيه عمليات الاستجواب بشكل منتظم ضباط غير مدربين، وغير مصرح لهم واستخدموا أساليب لم ولن تكن جزء من برنامج الاستجواب الرسمي للوكالة.
وأوضحت أن الوكالة الأمريكية وضعت ضابطا صغيرا ليس له خبرة مسئولا عن "كوبالت"، وفى نوفمبر 2002، لاقى معتقل احتجز عاريا بشكل جزئى ومكبل بأرض خرسانية، مصرعه فى المؤسسة لانخفاض درجة حرارة جسمه. وعند إجراء حوارات مع مسئولين فى مكتب المفتش العام، اعترفت قيادة الـCIA بأنهم لا يعرفون كيفية إجراء العمليات فى تلك المؤسسة، بينما أعرب البعض منهم عن تشككه فى أن أساليب الاستجواب المتطورة تستخدم هناك.
وأكدت فينستين أن وكالة الاستخبارات الأمريكية لم توظف أشخاص مؤهلين ومتدربين للقيام بعملهم، ووزعت أفراد ليس لديهم خبرة، فى الوقت الذى استخدمت فيه ضباط يعرفون بطبيعتهم الحادة، والتى تشكل تاريخا من العنف والمعاملة المسئية تجاه الآخرين. كما كشفت أن الوكالة استخدمت أطباء نفسيين خارجيين لتطوير والعمل وتقييم عمليات الاستجوابات، غير أن خبرتهم السابقة كانت فى سلاح الجو والطيران والمقاومة والهروب، ولم تكن لهم خبرة فى مجال الاستجواب، فضلا عن أنهم ليس لديهم معلومات متخصصة عن القاعدة ، أو خلفية حول مكافحة الإرهاب أو أى خبرة ثقافية أو لغوية متعلقة بالمعتقلين. وأوضحت رئيس لجنة الاستخبارات فى مجلس الشيوخ أنه من بين 119 معتقلا كانوا لدى الـCIA وقت البرنامج، كان بينهم 26 محتجزين دون وجه حق، كما احتجزت الوكالة معتلقين لأشهر بعد أن قررت الإفراج عنهم، ولم توفر معلومات كافية حول سبب بقائهم.