قالت مؤسسة القرن المقبل (التي تتخذ من لندن مقراً لها)، في تقرير صدر عنها، أمس الخميس، بعنوان "البحرين والحريات الأربع": إنالفارق بين معدل الزيادة الحقيقية للمواطنين في البحرين وبين معدل النمو الطبيعي يشير إلى أنه منذ العام 2001 تم منح الجنسية البحرينية لما يقارب 60 ألف أجنبي"، و "أن مثل هذا التوجه من شأنه أن يحدث خلخلة مستمرة في النسيج المجتمعي، ولاسيما أن الدوافع سياسية".
وأشار التقرير إلى أن "البحرين ركزت على الأمن الوطني وأهملت الأمن الإنساني".
وأوضحت المؤسسة في تقريرها أن "الحريات الأربع المقصودة هي: الحرية الدينية، حرية التعبير، التحرر من العوز والتحرر من الخوف، تمثل قاعدة لمفهوم الأمن الإنساني، بدلاً من مفهوم الأمن الوطني".
وذكرت المؤسسة أن "البحرين تمتاز بتنوع ثقافي وحضاري كبير، وبشعب طيب كريم"، وأنه "بات أمراً ملحاً أن تتحول البحرين إلى ديمقراطية حقيقية، وعلى رغم ذلك، إن أردنا الحفاظ على البحرين التي نعرفها ونحبها، فمن الضروري إجراء تغييرات تستوعب تطلعات شعبها".
وسلط التقرير الضوء على الإصلاحات المطلوبة لإحداث التغيير في البحرين، ولتقليص مستوى الاضطرابات التي تتعرض لها منذ سنوات.
وأشار التقرير الذي نشرته صحيفة "الوسط" اليوم، إلى أنه "على رغم أن قرار إنشاء اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق والتعهد بتنفيذ توصياتها يستحق الإشادة، إلا أن الجدير بالذكر أن بعض هذه التوصيات لم يتم تنفيذها بالكامل، ومن المهم الإشارة إلى أن تقرير اللجنة وإن كان تحقيقاً شاملاً، غير أنه اقتصر على فترة زمنية قصيرة".
وحث التقرير على "الإسراع في تنفيذ هذه التوصيات ما سيساهم في خفض التوتر، واستعادة الثقة المطلوبة لدفع عملية المصالحة والإصلاح نحو الأمام".
وأوضح التقرير أنه "بين العامين 2008 و2010 تقدمت مملكة البحرين ثمانية مراكز في تقرير مؤشر الديمقراطية، بينما تراجعت 22 مركزاً إلى الوراء في العام 2011"، وحث التقرير حكومة البحرين على الاستفادة انتخابات العام 2014 لتسليط الضوء على قضاياها الداخلية، إضافة لتنفيذ توصيات تقرير تقصي الحقائق الذي سيساهم في حلحلة الأزمة السياسية.
وبالنسبة للحرية الدينية، أوضح التقرير أنه "تتعايش في البحرين الطوائف الدينية المختلفة جنباً إلى جنب، وتمارس شعائرها بعيداً عن تدخل الحكومة أو تدخل المجموعات الأخرى، غير أن فئة معينة من المجتمع البحرين تشعر أنها ضحية لتمييز ممنهج قائم على أسس دينية، وقد طفت آثار هذه السياسة على السطح إلى جانب عوامل سياسية واقتصادية أخرى، وساهمت في أحداث 14 فبراير 2011".
وأوصى التقرير باعتماد مبادرات للتعامل مع التوترات المستمرة، والمبادرات هي "تجنب تعريف الصراع على أسس طائفية، معالجة مسألة المواطنة، معالجة مسألة هدم المساجد ودور العبادة، إلغاء القوانين والممارسات التي تعمل على إقصاء وتهميش ضد طائفة معينة، ويتعين على المعارضة والحكومة مزيد من الالتزام بالحوار".
وفيما يخص توصية تجنب تعريف الصراع على أسس طائفية، أشار التقرير إلى أنه "على رغم أن غالبية المشاركين في الانتفاضات السابقة هم من طائفة معينة، إلا أن الصراع لم يكن يوماً ما طائفياً، فكثير من المشاكل موجودة خارج الإطار الطائفي، ومن الضروري أن تلتزم وسائل الإعلام ولاسيما الحكومية منها بالقواعد المهنية حتى تتجنب التورط في نشر الكراهية والتحريض على العنف".
ونوه إلى أن "قوى المعارضة وعلى رأسها جمعية الوفاق بذلت جهوداً لتجنب الانقسامات الطائفية، داعية السنة والشيعة لرفع راية الديمقراطية".
وجاءت المبادرة الثانية تحت عنوان "معالجة مسألة المواطنة"، وتحدث التقرير عن أن "المعارضة تتهم الحكومة بممارسة التمييز من خلال سياسة التجنيس التي تقوم بها لإحداث توازنات طائفية، لكن أحد نواب البرلمان ذكر أن هذه المزاعم غير صحيحة، غير أن الفارق بين معدل الزيادة الحقيقية للمواطنين وبين معدل النمو الطبيعي يشير إلى أنه منذ العام 2001 تم منح الجنسية البحرينية لما يقارب 60 ألف أجنبي"، و"أن مثل هذا التوجه من شأنه أن يحدث خلخلة مستمرة في النسيج المجتمعي، ولاسيما أن الدوافع سياسية".
وحملت المبادرة الثالثة عنوان "معالجة مسألة هدم المساجد ودور العبادة"، إذ قال التقرير: "لم تنكر الحكومة البحرينية هدمها للمساجد، إلا أنها قالت إنها تفتقر إلى الترخيص. والجدير بالذكر أن تقرير لجنة تقصي أبدى قلقه من توقيت عمليات الهدم، والذي من شأنه أن يعد عقاباً جماعياً ويزيد من حدة التوتر بين حكومة البحرين والمواطنين. وفي محاولة لمعالجة هذه المشكلة، أعلنت الدولة بتاريخ 22 مايو 2011 عن بناء أربعة مساجد".
وبين التقرير أنه خلال إحياء موسم محرم في شهر نوفمبر 2012 اعتقلت وزارة الداخلية اثنين من الخطباء واستدعت آخرين للتحقيق في مضمون الخطب الدينية التي يلقونها، وهذا كله يعزز شعور طائفة كاملة بأنها مستهدفة من قبل الجهات الرسمية.
أما المبادرة الرابعة فهي تتعلق بـ "إلغاء القوانين والممارسات التي تعمل على إقصاء وتهميش ضد طائفة معينة"، والمبادرة الخامسة حملت عنوان "يتعين على المعارضة والحكومة مزيد من الالتزام بالحوار".
أما بالنسبة لحرية التعبير، فقد ذكر التقرير أن "حكومة البحرين قامت مؤخراً بمنع التظاهرات مرة أخرى، والذي يعيد إلى الأذهان بشكل فعلي فترة السلامة الوطنية العام الماضي (2011)".
وأوصى التقرير بـ "تعزيز الحماية الدستورية التي تكفل حرية التعبير وحرية الصحافة"، وأضاف "من أجل استعادة ثقة الشعب في الحكومة ووعودها يتعين تقديم مجموعة من الضمانات، وأن أي شكل من أشكال قمع حرية الصحافة سيأتي بنتائج عكسية، وأن إعطاء جرعة أكبر من حرية الصحافة سيكون بمثابة صمام أمان وسيقلص من حدة التوتر الموجود".
كما شدد التقرير على ضرورة "معالجة مسألة التعاطي مع الشخصيات المعارضة"، وقال: "على رغم موافقة الحكومة إعادة محاكمة قادة المعارضة، إلا أنها لم تفرج عن الكثير منهم. وقد وسعت الحكومة البحرينية من رقعة استهداف المعارضين بسحبها لجنسية 31 من النشطاء المعارضين، مدعية أنهم يمثلون خطراً على الأمن الوطني".
ودعا التقرير حكومة البحرين إلى "القيام بالمزيد من الخطوات"، وأشار إلى أنه "يمكن القول إن إصلاح هيئة تلفزيون البحرين سيكون أفضل بداية لمعالجة مشكلة حرية التعبير".
أما بشأن التحرر من العوز، فقد تحدث التقرير عن أن "البحرين احتلت المركز الثاني والأربعين في مؤشر التنمية البشرية للعام 2011، إلا أن أكثر الأحياء فقراً وتخلفاً من حيث التنمية هي المناطق التي يقطنها سكان من طائفة معينة، وقد ذكر تقرير لجنة تقصي الحقائق ورود 1624 شكوى بالفصل والتوقيف عن العمل جراء الاحتجاجات، كما أن الحكومة البحرينية أشارت إلى أنها تجري إصلاحات مستمرة في مجال التشريعات، لكن من دون التنفيذ الكامل للإصلاحات فإن هذه التشريعات تبقى شكلية".
وبالنسبة إلى التحرر من الخوف، قدم التقرير اقتراحين، يقضي الأول بـ "ضمان إصلاح المؤسسة الأمنية"، والثاني يقضي بـ "النظر بمزيد من الرأفة للطواقم الطبية وضمان توفير الرعاية الصحية الكافية للجميع".
07/12/2012 م
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.