طردت شركة "كيش اير" الإيران ية للطيران مضيفا جويا يوناني الجنسية، بسبب استخدامه عبارة الخليج العربي بدلا عن الخليج الفارسي.. وقال وزير النقل الإيران ي حميد بهبهاني إن حكومته ستحظر رحلات الشركات الأجنبية القادمة من الدول العربية إذا ما استخدمت عبارة الخليج العربي.
هذه المواقف الإيرانية المريبة، تتنزل في إطار العقلية التوسعية لحكومة الملالي في طهران، التي تعمل على إحياء تراث الإمبراطورية الفارسية ولو بإنكار حقيقة المكان، والقفز فوق الواقع القائل بعروبة الخليج مجرى وضفتين.
يبلغ طول الساحل على الخليج العربي 3300 كلم، وحصة إيران منه الثلث، ويسكن العرب على ضفتيه، ومنهم الأحوازيون واللنجيون أبناء عربستان المحتلة من الجانب الإيراني.
أقدم اسم للخليج العربي كان "بحر أرض الإله" المعروف لغاية الألف الثالثة قبل ميلاد السيد المسيح، ثم عرف باسم "بحر الشروق الكبير" حتى الألف الثانية قبل الميلاد، و"بحر بلاد الكلدان" في الألف الأولى قبل الميلاد، ثم "بحر الجنوب".. وقد سماه الأشوريون والبابليون والأكديون بالبحر الجنوبي أو البحر السفلي في مقابل البحر العلوي، والمقصد به البحر الأبيض المتوسط، وأطلق عليه الأشوريون اسم البحر المر. أما الرومان فقد سموه بالخليج العربي في القرن الأول للميلاد.
أما الأسماء العربية للخليج فهي عديدة، ومنها خليج عمان، وخليج البحرين، وخليج القطيف، وخليج البصرة، كما أطلق عليه العرب أثناء الخلافة العباسية اسم خليج العراق. ويرى الدكتور عماد الحفيظ أن تسمية الخليج العربي ظلت معروفة منذ ما قبل الإسلام واستمرت إلى ما بعده لدى سكان شبه الجزيرة العربية وما جاورها.
أما العثمانيون فأطلقوا عليه اسم خليج البصرة "بصرة كورتري"، وقد أكد المؤرخ الانجليزي رودريك أوين أن الحقائق والإنصاف يقتضيان تسميته بالخليج العربي؛ كما أكد الفرنسي جان جاك بيربي على عروبة الخليج وعلى أن إقليم الأحواز هو طرف الهلال الخصيب الذي يبدأ عند السهول الفلسطينية وينتهي عنده مرورا بلبنان وسوريا والعراق.
ولو حاولنا سرد شهادات التاريخ والمؤرخين فإن ذلك يحتاج إلى مجلدات وأسفار، غير أن البارز فيها هو إجماعها تقريبا على عروبة الخليج وعلى أن اسم الخليج الفارسي لم يطرح إلا في مراحل تاريخية وجيزة سيطرت فيها إمبراطورية فارس على الأقاليم المجاورة، في حين يرى الإيرانيون أن اسم الخليج الفارسي هو الذي كان سائدا إلى أن أطلق عليه جمال عبد الناصر اسم الخليج العربي مع بدايات مرحلة المد القومي.
ومن يزور الخليج العربي ويطلع على انتماء وهوية سكان ضفتيه سيلاحظ أنهم من العرب العاربة، وأن الضفة الإيرانية عربية اليد والوجه واللسان، وأن أهلها من أبناء القبائل العربية ذات الامتدادات الواسعة في الجزيرة العربية مثل القواسم وبني كعب وبني تميم وبني طرف وطي وخزرج وبني لام وكنانة وبني منصور وغيرهم.
ولكن صمت العرب على احتلال الأحواز العربية، وعلى عمليات المسخ الحضاري والثقافي والاجتماعي التي يتعرض لها بنو عمومتهم في ذلك الإقليم المحتل، دفع بنظام طهران إلى مواجهة مفتوحة من أجل تغيير اسم الخليج العربي إلى الخليج الفارسي.. وإلى التعبير الواضح عن الأطماع الإمبراطورية الساعية ليس فقط إلى "تفريس" التاريخ والجغرافيا، ولكن إلى الهيمنة على المنطقة بأكملها.. وهذا ما بدأت معالمه في الظهور من خلال احتلال الجزر الإماراتية والسيطرة على الشأن العراقي والتشكيك في عروبة البحرين.. وغيرها من المواقف المعادية للعرب والعروبة.
ولن أستغرب– شخصيا– لو قالت إيران إن الحرف العربي أصله فارسي، وإن الأهرامات بناها الفرس، وإن بلاد فارس هي التي فتحت جزيرة العرب وليس العرب هم من فتحوا بلاد فارس.. والسبب واضح، وهو أن الأمة العربية هي اليوم الرجل المريض الذي تتنافس القوى الإقليمية من أجل نهب كل ما يملك، بما في ذلك التاريخ الذي لن يحميه من عجز عن حماية الجغرافيا..
العرب اونلاين