حسن المدحوب
انتهت جلسات جنيف، وتمخض عنها بيان وقعت عليه 47 دولة في العالم، على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا، وجه انتقادات إلى سجل البحرين الحقوقي، وكنا نظن أن بلادنا ستعيش بعده ولو أسابيع قليلة نوعاً من التهدئة بين مختلف الأطراف المختلفة، إلا أن واقع الحال لايزال يؤكد أن مؤشر التصعيد آخذ في الزيادة.
خلال هذا الأسبوع، هناك الكثير من الأخبار التي تنبئ بأن الساحة المحلية مقبلة على مزيد من التعقيد، وزارة العدل تسعى قضائياً لإغلاق المجلس العلمائي وتصفية حساباته، اعتقال القيادي الوفاقي خليل المرزوق وحبسه 30 يوماً بتهمة صلته بتنظيم إرهابي (ائتلاف 14 فبراير)، طلب السلطات من الشيخ حسين النجاتي مغادرة البلاد بعد سحب جنسيته.
هذه التعقيدات اللافتة التي تمت أخيراً، تضاف إلى سلسلة طويلة من التعقيدات التي أفرزتها الأزمة التي تمر بها البحرين منذ 14 فبراير/ شباط 2011، وواقع الحال يؤكد أن مثل هذه الإجراءات لم تكن قادرة في يوم من الأيام على تقديم حل يجلب الاستقرار للبلاد والعباد.
البحرين لا تحتاج إلى المزيد من الحلول الأمنية، ولا إلى المزيد من العنف المشجوب من أي جهة تتبناه، البحرين تعيش أزمة سياسية حقيقية، وتحتاج إلى تجربة حل سياسي ذي مغزى يحقق الحرية والعدالة والكرامة لكل البحرينيين.
منذ بدء الأزمة الحالية في البحرين، والتفكير والممارسات كلها تصب في الاعتقالات والمداهمات والانتهاكات التي لا تتوقف، وهناك المزيد من الضحايا يسقطون بين فترة وأخرى من مختلف الأطراف، بسبب العنف الذي يراد له أن يكون الصوت الأعلى في البحرين بدلاً من صوت العقل والحكمة والحوار.
الحلول الأمنية ليست وليدة هذه الأزمة، بل كانت على الدوام الطريق الذي يتم الوغول فيه بلا رحمة، لمقابلة أي حراك شعبي ووطني يرفع شعار الحرية والكرامة والمساواة والديمقراطية، والنتيجة بعد كل هذه السنوات من تمكين هذا الحل، أننا اليوم وصلنا إلى الحال البائسة التي عادت عليها بلادنا.
وعند كل بارقة أمل تلوح في الأفق، لإعطاء فسحة لحل سياسي، نجد المزيد من حملات الكراهية تبث سمومها في الناس، مرة لتخويفهم من الآخر، ومرة لقطع الطريق على هذا الحل السياسي، والحال أن الساحة تتجه بعدها إلى التأزيم الذي يتلوه تأزيم أكبر.
المطالب العادلة لهذا الشعب، تحتاج إلى تغليب التبصر على لغة القوة، لذلك فإن من مصلحة الجميع التفكير في حل سياسي يجنب شعب البحرين المزيد من الآلام والعذابات التي تأخر الوقت على وقفها وإنهائها، وبث الأمل في قلوب الناس.
من حق كل البحرينيين أن يعيشوا متساوين بكرامة على أرضهم، ومن حقهم أن ينعموا بشيء من الحرية والديمقراطية، بدلاً من التصعيد الأمني المتلاحق، من حقهم جميعاً أن يعيشوا بكرامة وعزة، فالبحرين تسع الجميع.