بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
لا ندري لمن يوجه الرئيس بوش نداءه واستغاثته بتقديم العون المالي للجيش الأمريكي في العراق كي لا تهزم أمريكا..أهو للكونجرس أم للدول الصديقة والحليفة أم للعالم بأسره فالرجل فقد توازنه.. فلقد نشرت ذلك التصريح كل أجهزة أمريكا الرسمية والأجهزة العربية العميلة في 10/4/2008م فالتصريح صدر عن نفسية هابطة في معنوياتها فاقدة لتوازنها بحيث لا يحسب لتفسيراته أي حساب لأنه كما يبدو لكل عقل لا يعول على المظاهر الإعلامية التي تسيطر على زمامها أمريكا بالقوة والتي تصل إلى كل منزل في العالم أجمع، ولكنه يعول على معطيات الأحداث منذ بداية الحرب ومروراً بالاحتلال حتى الآن والتي سنوجز أهمها لاحقاً في هذا المقال.. أعود فأقول لأن التصريح كما يبدو لا يعبر عن خوف لهزيمة قد تحدث بل هو تعبير عن هزيمة نكراء قد حدثت لأمريكا في العراق.. هو أيضاً مقدمة لإعلان تلك الهزيمة.. وقد يقول قائل إن هذا التفسير لذلك التصريح فيه غلو كبير لا يلامس الحقيقة فأقول إن هذا القائل لا يمكن أن يكون إلا من المحللين الذين تهافتوا بعد احتلال العراق ليقولوا: إن نظام الرئيس صدام حسين الدكتاتوري حسب زعمهم قد تهاوى وهاهي العراق تعيش مرحلة ديمقراطية بفضل التدخل الأمريكي.. وقد قلنا يومها نثراً وشعراً إن نظام الرئيس المجاهد صدام حسين لم ينته بل تحول إلى مقاومة شعبية أعدت منذ عام 1991م حتى عام 2003م عام بداية الحرب وهي مقاومة منظمة استعدت بكل إمكانياتها ولا تحتاج إلا لنصرة الله سبحانه وتعالى ونصرة الشعب العراقي بكل أطيافه وطوائفه والذي تكونت منه تلك المقاومة تحت مظلة وقيادة حزب البعث في العراق.. وقلنا أن أمريكا لم تغزُ العراق هي وحلفاؤها إلا للتدمير والقتل والتنكيل حتى ترهب الأمة العربية وأنظمتها وحتى تعيد تقسيم الوطن العربي فتقسم المقسم إلى دويلات متناثرة ومتحاربة.. وقلنا أنها قد تستطيع أن تدمر وتقتل ولكنها لا تستطيع أن تقضي على المقاومة بل أن المقاومة ستدمر أمريكا في العراق جيشاً واقتصاداً ومركزاً دولياً.. وهذا ما هو حادث اليوم وما دعى الرئيس الأمريكي إلى أن يصرح بذلك التصريح، فلو كانت أمريكا لم تهزم لما كان هناك داع لذلك التصريح.. وكأن الرئيس الأمريكي في حالة نفسية متهالكة متضعضعة فقد صرح أكثر من هذا إذ قال في الأسبوع الماضي (إن النجاح الذي نحرزه في العراق هو نكسة لأمريكا).
أعود إلى إيجاز المعطيات التي ذكرتها آنفاً.. فأقول إن في مقدمة تلك المعطيات هي أن أمريكا قد جندت مجلس الأمن والجامعة العربية للحيلولة دون الاعتراف بشرعية أية مقاومة في العراق.. فمجلس الأمن اعتبر أمريكا مسؤولة عن العراق بصفتها تحتله دون أن يدين ذلك الاحتلال حتى بكلمة واحدة وهذا يتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة.. أما الجامعة العربية فسعت في بداية الحرب لاجتماع مجلس الأمن للوقوف أمام احتلال أمريكا وحلفائها للعراق لكن المجلس رفض الاجتماع لهذا الغرض وهذا يتنافى كلية من ميثاق الأمم المتحدة.. فسعت الجامعة العربية للحصول على موافقة اجتماع الهيئة العامة للأمم المتحدة للوقوف أمام قضية احتلال العراق رغم أن قرار الأمم المتحدة غير ملزم.. وفي 9 أبريل 2003م استولت قوات أمريكا على العراق وتحول نظام الرئيس المجاهد صدام حسين بكل قوته وأجهزة دولته إلى مقاومة قد أعدت سلفاً كما يبدو من صمودها ومن تصاعدها من القليل إلى الكثير حتى ترهب الغازي الذي شعر بعد خمس سنوات من الاحتلال أن تلك المقاومة في تصاعد وليست في تراجع.. وبعد الاحتلال أي في النصف الأول من شهر أبريل عام 2003م تقدمت الجامعة العربية بطلب سحب طلبها السابق لانعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة.. وكأن احتلال العراق قد كفاها ذلك الطلب مما يبدو أنها منسقة مع أمريكا في ذلك وإلا ما سبب عدم مواصلتها لطلب ذلك الاجتماع فلو استمرت بالطلب وعقدت الهيئة العامة للأمم المتحدة لكانت الهيئة أدانت الاحتلال واعتبرت أية مقاومة للاحتلال مقاومة مشروعة.. لكن الجامعة العربية تخلت عن ذلك الطلب لتتخلص من واجبها الذي يلزمها أن تؤيد المقاومة لترضي بسحب طلبها أمريكا وتسايرها في قولها إن احتلال العراق إنما هو تحرير لها من ديكتاتورية الرئيس صدام حسين حسب زعمها بل أن عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية قد صرح في مقابلة مع المذيع محمود سعد من أحدى الفضائيات العربية العميلة لأمريكا بأن الرئيس المجاهد صدام حسين كان دكتاتورياً.. ذلك التصريح لعمرو موسى جاء بعد استشهاد الرئيس المجاهد صدام حسين وهو يدل على أن الجامعة العربية قد شاركت في تهميش المقاومة والتعتيم عليها ويعتبر سحب الجامعة العربية لطلبها آنف الذكر أكبر خيانة للأمة العربية في تاريخها مما يجعلها بدون أدنى شك مؤسسة من مؤسسات أمريكا.. وهذا ما يدل دلالة واضحة أن الإعلام الأمريكي والعربي الرسمي في معظمه والعميل الظاهر الذي يتشرف بعمالته لأمريكا، ذلك الإعلام قد عتم على جهاد المقاومة إرضاء لأمريكا.. فنجد أن ذلك الإعلام يبرز المقاومة وكأنها تنظيم إرهابي جاء من خارج العراق.. ومرة يبرزها وكأنها مليشيات لأحزاب عميلة لإيران الفارسية مثل مليشيات الصدر أو ميليشيات بدر.. وليس من المعقول أن تكون المقاومة كذلك لأن مليشيات الصدر أو الحكيم هي متحالفة مع أمريكا في القضاء على نظام الرئيس المجاهد صدام حسين لأن إيران شريك أساسي في احتلال العراق.. أما التنظيمات التي تسميها أمريكا تنظيمات إرهابية من خارج العراق فلم توجد في ظل نظام الرئيس صدام حسين فكيف وجدت في ظل الاحتلال؟؟ إن تلك التنظيمات هي وهمية من صنع خيال المخابرات الأمريكية والصهيونية حتى يعتموا على أقوى وأشد وأكثر المقاومات تنظيماً وسرية وترابطاً وإكتفاءاً ذاتياً في التاريخ وهي المقاومة العراقية التي يتصدرها جيش العراق السابق والحرس الجمهوري والحرس الخاص والمخابرات العراقية وجيش القدس وغيرها من المؤسسات العسكرية إلى جانب انضواء كل أطياف وطوائف الشعب إليها بدون استثناء.
إن التعتيم على المقاومة العراقية منذ البداية والتي شارك فيها إلى جانب أمريكا وحلفائها مجلس الأمن والجامعة العربية ونفذها كل أجهزة أمريكا وأجهزتها العربية والفارسية العميلة.. ذلك التعتيم يدل دلالة واضحة أن ما يحدث في العراق ما زال سراً من الأسرار وأن ما يظهره ذلك الإعلام ما هو إلا ذر الرماد على العيون ولا يعول عليه في أي تحليل لأي عقل يحكمه الضمير.
فإذا أخذنا مثلاً خسارة أمريكا في الأرواح منذ بدء الحرب ومروراً بالاحتلال حتى الآن نجد أنها قليلة حسب زعم أمريكا والإعلام التابع لها والعميل.. فأربعة آلاف جندي لا تعد خسارة تستدعي تصريح بوش (بأن ما نعتقده نجاحاً في العراق هو نكسة لأمريكا)..فإذا كانت أمريكا خسرت ذلك العدد فقط فهي منتصرة لا تحتاج ذلك إلى خلافات حادة بين الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري ولا إلى مظاهرات شبه يومية للشعب الأمريكي مطالباً بانسحاب أبنائهم الجنود من محرقة العراق فذلك العدد هو تعتيم في تعتيم على خسارتها في الأرواح.. ولقد حرصت أجهزة أمريكا الإعلامية وأجهزتها الإعلامية العربية العميلة على أن تكرر يومياً القول مثلا : قتل جندي أمريكي في العراق… هذا وقد ارتفع عدد قتلى الجنود الأمريكيين منذ بداية الحرب إلى كذا وكذا جندي أمريكي.. فما حاجة ذلك التكرير سوى لتكريس التعتيم يومياً ولتثبيته في العقول كتثبيت حقيقة حفر الماء في الحجر بدوام المرور عليه.
والذي شارك في جعل ما يحدث في العراق سراً من الأسرار كما نعتقد هو أن تلك المقاومة العراقية الحقيقية التي أعدها الرئيس المجاهد صدام حسين قد احتملت مقدماً التعتيم عليها فلم تبال بالإعلام ما دامت هي ترسخ حقائق فعلية يوماً بعد يوم بل أنها كما نعتقد لم تعلن أي بيان لها حتى تبقى سرية ولا يهمها سوى تثبيت تلك الحقائق وهي دفن مزيد من جنود أمريكا في العراق وجعل أمريكا تعلن عن تنظيمات وهمية حتى لا تدري من هي هذه المقاومة ولا تستطيع أن تقول لشعبها إن المقاومة تتكون من كذا وكذا ولا بد لنا من محادثتها حتى ننهي مجازر مشروعة تصنعها تلك المقاومة في صفوف الجيش الأمريكي الغازي ومجازر غير مشروعة تصنعها القوات الأمريكية في صفوف الأبرياء العزل من السلاح.. والمقاومة تهدف إلى استمرار تدمير أمريكا من كل جانب حتى تحولها إلى دولة تشحت مالاً من غيرها كما جاء في تصريح الرئيس الأمريكي في الأسبوع الماضي وهو نداء عاجل لتمويل الجيش الأمريكي بالمال حتى لا تهزم أمريكا في العراق.. وكنت قد أشرت في مقالي السابق في هذه الشبكة المجاهدة إن المقاومة تريد أن توصل أمريكا إلى مرحلة لا تستطيع خلالها تزويد الجيش الأمريكي في العراق بما يحتاجه من نفقات.. وعند ذلك ما تبقى منه إما سيسلم نفسه للمقاومة أو سيهرب إن استطاع إلى دول مجاورة للعراق وقد جاء تصريح بوش ليؤكد ما قلناه في مقالنا السابق.
أما ما يحدث في هذه الأيام في العراق حسب ما تشغلنا أجهزة أمريكا الإعلامية وأجهزتها العربية العميلة به فهو تعتيم إعلامي على المقاومة الحقيقية وكأن مقتدى الصدر عدو لأمريكا مع أنه هو اليد الآثمة التي أمسكت السكين الفارسية المسمومة بأمر أمريكا لتذبح بها الشهيد المجاهد صدام حسين ورفاقه من قادة العراق رضي الله عنهم بل والعبث بأجسامهم كما فعلت قريش المشركة بالصحابي الجليل خبيب بن عـَـدِي والصحابي الجليل زيد بن الدثنة رضي الله عنهما ومن ضمن التهميش الذي تفرضه أجهزة الإعلام العربية العميلة وخاصة الأجهزة الإخبارية مثل قناة الجزيرة وقناة العربية وقناة المنار الفارسية هو ذلك الإغفال والتجاهل التام لتصريحات بعض قادة الجيش الأمريكي المحتل للعراق إذ نشرت وسائل إعلام عالمية منها أجهزة إعلام أمريكية حرة تلك التصريحات إذ قالوا فيها (إن المقاومة العراقية كسرت شوكة أمريكا في العراق وأن الجيش الأمريكي الذي عدده 750 ألف جندي صار ما بين قتيل وجريح ومعوق ومريض عقلياً ومنتظر حتفه المؤكد على يد المقاومة العراقية إذا ظل بقية الجيش الأمريكي في العراق ولم ينسحب).
وهناك تصريحات لرجال اقتصاديين أمريكيين قالوا أن أمريكا حتى لو انسحبت من العراق ستظل تنزف مالياً واقتصادياً لأكثر من خمسين عاماً لأن تعويضات الآلاف المؤلفة من المعوقين وفاقدي التوازن العقلي واستمرار تقديمها لأسرهم بعد موتهم ستكلف أمريكا أموالاً طائلة لأكثر من خمسين عاماً ولم يكن ليحدث قصم ظهر الاقتصاد الأمريكي لو لم يحتل الرئيس الأمريكي المعتوه بوش أرض العراق وهو لم يعلم أنها مقبرة للغزاة عبر التاريخ.
وقريباً وليس ذلك على الله ببعيد سينجلي ما عتمته أجهزة أمريكا الإعلامية وأجهزتها الإعلامية العربية العميلة وستظهر للملأ تلك الحقائق التي تخشاها أمريكا وعملاء أمريكا ما دامت المقاومة العراقية الباسلة يافعة في عمرها بل في ربيع شبابها..
صنعاء
الجمهورية اليمنية
نشر في : شبكة البصرة