(تداعيات الأزمة الاقتصادية على اقتصاديات دول المجلس)
من أوراق مؤتمر الأزمة المالية العالمية وتبعاتها الذي عقد 23/5/2009 في البحرين :
فبعد الجلسة الافتتاحية بدأت أعمال المؤتمر في استعراض الدراسات المقدمة للمؤتمر، بدءا بورقة الدكتور حسن العالي (خبير مصرفي والأمين العام للتجمع القومي الديمقراطي)، بعنوان: تداعيات الأزمة الاقتصادية على اقتصاديات دول المجلس، أوضح فيها أن جذور الأزمة يعود لعام 2006، إثر نشوب ما يسمى بأزمة القروض العالية المخاطر التي أدخلت القطاع المصرفي الأمريكي في دوامة الخسائر والاضطرابات المتتالية، ذهب ضحيتها مئات الآلاف من المواطنين.
وتابع: ان أزمة القروض العالية قد اندلعت بسبب إقدام المصارف العقارية على منح قروض لمئات الآلاف من الموطنين من ذوي الدخل المحدود، متجاهلة بذلك قاعدة الحذر، وتقييم الخطر، وأضاف أنه بمجرد ظهور الاضطرابات الأولى، تسارعت البنوك الى مصادرة مساكن العاجزين عن تسديد القروض، وبيعها على خلفية أزمة مفاجئة وحادة لقطاع العقار نتيجة تراجع الاسعار بنسبة كبيرة.
وقال: إلا ان ما فاقم الأزمة هو قيام البنوك الأمريكية، بإعادة هيكلة القروض العقارية في صورة منتجات معقدة ومستقبلية، ثم إعادة بيعها للبنوك العالمية مما أوصل مجموع الديون المباشرة وغير المباشرة المرتبطة بأزمة الرهن العقاري الى نحو تريليوني دولار.
مواجهة التداعيات
واوضح، ولمواجهة تداعيات مسلسل الأزمة المالية منذ نشوب ازمة القروض العالية المخاطر، وجدت المصارف المركزية بالولايات المتحدة وأوروبا وآسيا نفسها مضطرة الى التحرك، ولم يبق لها سوى الخيار بين تغيير نسبة الفوائد أو ضخ أموال في البنوك المتضررة، إلا ان الأزمة سرعان ما انتقلت الى الاقتصاد الحقيقي عبر تهاوي البنوك العالمية، وتراجع الطلب على السلع والخدمات، وخسارة الآلاف لوظائفهم.
واسترسل الدكتور حسن قائلا: ومع استمرار تفاقم آثار الأزمة المالية والركود الاقتصادي العالمي، فإن صندوق النقد الدولي في أحدث تقرير، ذكر فيه أنه من المتوقع هبوط النمو العالمي الى 5% العام الجاري وهو أدنى هبوط للمعدلات المسجلة منذ الحرب العالمية الثانية، ورغم ما اتخذ من اجراءات واسعة النطاق على مستوى السياسات، فلا تزال الضغوط المالية على حدتها مما يجر الاقتصاد العالمي نحو الهاوية.
ولم يكتف العالي بهذا العرض، وقال: عمد الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على نهج الخيار الأول، حيث بادر في العديد من المرات الى خفض معدل الفائدة، وتراجعت النسبة من 5،25% في عام 2006 الى 2% في ابريل 2008، ولم تكتف بهذا الإجراء، بل واصلت الحكومة الأمريكية في اختيار الذهاب بعيدا لتفادي تفشي الأزمة حيث قررت تأميم ثلاثة بنوك كبيرة، وتلاها إعلان خطة الإنعاش الاقتصادي.
1،1 تريليون دولار
وتوجت الجهود الدولية بعقد قمة العشرين في ابريل الماضي بضخ 1،1 تريليون دولار لحفز الاقتصاد العالمي على ان يشمل ذلك زيادة موارد صندوق النقد الدولي الى ثلاثة أمثالها ليصل الى 750 مليار دولار.
كما تعهدت القمة بالمحافظة على استقرار المنظومة المالية العالمية ووضع ضوابط لعمل المؤسسات المالية، ومنها صناديق الاحتياط والوكالات الائتمانية، واتخاذ اجراءات صارمة ضد المكافآت الكبيرة لمديري البنوك، كما اتفق على كشف قائمة بالدول التي توفر ملاذات للمتهربين من الضرائب. كما يتم تحسين المعايير المحاسبية وجعلها قابلة للتطبيق عالميا، كما تعهدت بمزيد من الإنفاق ومرونة في تمويل البنوك وخفض الفائدة وإزالة معوقات الاستثمار وتشجيع العمل للحساب الخاص ودعم المشاريع الصغيرة، كما تعهدت البنوك المركزية بدعم سياسات التوسع في الائتمان مادام ذلك ضروريا مع استخدام جميع أدوات السياسة النقدية المتاحة.
أما فيما يخص دعم الدول النامية، كشف حسن العالي في ورقته عن ان قمة العشرين تعهدت بدعم الدول النامية، من خلال تقديم 250 مليار دولار إضافية لتطوير التجارة والاستثمار ومكافحة الحمائية في العامين المقبلين، إلا أن القمة لم تتعرض لا من قريب ولا من بعيد الى الخلل في أساسيات النظام الرأسمالي في الدول الغربية والذي يقوم على الاستغلال الفاحش والمضاربات وتعظيم الارباح الفردية على حساب المصالح الجماعية والعالم.
وقال: نستطيع القول بثقة بأنه لا يمكن أن تأتي الأزمات المالية من فراغ منوها الى أن الأزمة الراهنة تفاعلت مع الوضع الاقتصادي الكلي الذي يعاني في الولايات المتحدة مشاكل خطيرة، وفي مقدمتها عجز الميزانية، واختلال الميزان التجاري، وتفاقم المديونية الخاصة والعامة بالإضافة الى الارتفاع المستمر لمؤشرات البطالة والتضخم والفقر.
تراجع الإيرادات النفطية
وواصل ان تداعيات الأزمة المالية، كان لها الاثر الواضح على الاقتصاد الخليجي، وتراجع الإيرادات النفطية بنسبة 60% خلال عام 2009 حيث يتوقع ان تصل الى 200 مليار دولار فقط، وتراجع النمو الاقتصادي الى 3،6% عام 2009 بعد ان كان 5،6% العام الماضي، ونفس مستوى الدخل عام 2004 على افتراض 40 دولارا لسعر البرميل، منوها هنا بأن هذا التراجع سينعكس حتما على الموازنات العامة للدول، وسيؤثر هذا التراجع سلبا على عدد وحجم المشاريع العمرانية بدول المنطقة والصناعات الخليجية والعمالة المحلية والأجنبية وتراجع حجم تحويلات الأجانب الى عوائلهم وغيرها منوها هنا الى ان العمالة الهندية على سبيل المثال تحول ما مجموعه 30 مليار دولار من دول الخليج الى الهند.